أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أنه تسلم وزارة الأوقاف فوضى و«عزبة» توزع منها حصص على الجماعات المتشددة، مشددا على عدم وجود أى اتفاقيات بين الوزارة مع الدعوة السلفية أو الجمعيات الشرعية، رافضا أن يكون للجمعيات الأهلية أى نشاط دعوى.
وقال الوزير إن جماعة الإخوان الإرهابية تشيع أن الدولة تحارب الدين، مؤكدا أنها استغلت واقعة دعاء الشيخ محمد جبريل، ووصف جبريل بأنه «متلون ومبتدع وخالف شروط وتعليمات الوزارة ولذلك تم منعه من الإمامة». أضاف «جمعة» فى حوار لـ«المصرى اليوم»، أنه عرض خطة الوزارة لتجديد الخطاب الدينى على الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الذى وافق عليها، نافيا أى خلاف فى موضوع تجديد الخطاب الدينى مع الأزهر، معتبرا مشيخة الأزهر «المرجعية الكبرى».
وكشف أن وزارة الأوقاف تستعد لتحويل المساجد الكبرى إلى مدارس تقدم خدمات اجتماعية ودعوية، مؤكدا رفضه لدعاء أئمة المساجد للرئيس السيسى.. وإلى نص الحوار:
■ تردد أن الدعوة السلفية والجماعة الإسلامية سيطرت على الساحات فى صلاة العيد؟
- يقينا نحن نتعامل مع صلاة العيد كصلاة الجمعة، وإذا كان أحد قام بإنشاء ساحات دون ترخيص فهى حالات شاذة وقليلة، وقمنا بتحرير محاضر لمن قام بها وهى حالات فردية والشاذ لا يقاس عليه، وكانت هناك حالة فردية واحدة فقط فى المنيا من قبل أحد رموز الجماعة الإسلامية، ويتم التحقيق فى الواقعة وتم إيقاف الخطيب ومفتش المنطقة ومدير الإدارة عن العمل، وتم إرسال الشيخ جابر طايع، وكيل الوزارة لشؤون الوجه القبلى، وخطب فى مسجد الرحمن محل الواقعة، وللتحقيق فى الواقعة لنعرف هل تأخر الخطيب عن خطبة العيد عمدا أم عفويا، ومن يفعل ذلك هو كمن يسرق فى خفية من الأمر، وكذلك تم إرسال لجنة إلى الإسكندرية للتحقيق فى مخالفتين.
■ هل مازالت هناك خلايا نائمة فى وزارة الأوقاف؟
-الخلايا النائمة موجودة فى كل مكان فى الدولة، لكنها تضاءلت فى وزارة الأوقاف، ولا يستطيع أحد فى أى جهة أن يقول إن الإخوان غير موجودين لأنهم يجيدون التقية والتخفى والتستر، ونحن بين الحين والآخر نلجأ لحيل لكشف الوجوه المتلونة والمنتمية للجماعات المتشددة، مثل خطبة الجمعة وطلبنا من الأئمة مخاطبة الناس بأن إيواء الإرهابيين خيانة للدين والوطن وضرورة الكشف والإبلاغ عنهم، وبالتالى الإمام المتعاطف مع الإخوان لا يتحدث عن ذلك ويرفض الالتزام بالخطبة المقررة، ونحن نعرفه من خلال مراقبة خطبة الجمعة، والتأكد من الالتزام بخطبة الجمعة الموحدة.
■ قيل إن جهات من الدولة نصحتكم بعدم السماح للشيخ محمد جبريل بإمامة الناس فى ليلة القدر فلماذا سمحتم له؟
- الأمر أخذ أكثر مما يستحق، ونحن وضعنا ضوابط منذ بداية رمضان، وقلنا إن دعاء القنوت يجب ألا يزيد على ربع ساعة مع ضرورة الالتزام بالدعاء المأثور عن النبى- صلى الله عليه وسلم- ونحن أردنا أن نبرهن أننا لا نضيق على أحد ونعطى فرصة للجميع بالمشاركة، وهو ليس معتمدا كخطيب لكنه جريا على العادة كان يصلى منذ 10 سنوات بجامع عمرو بن العاص، لذا سمحت له إدارة مسجد عمرو بن العاص بالصلاة ليلة 27، لكن جبريل لم يلتزم بالوقت المحدد للدعاء وتجاوز الدعاء الدينى إلى الدعاء السياسى، ونحن نرفض ذلك بصرف النظر عن محمد جبريل، ولعلك تذكر أيام الإخوان كان هناك مساجد تدعو للجيش ومسجد آخر بنفس الشارع يدعو على الجيش والشرطة، لذا نحن نرفض الدعاء السياسى أيا كان، وطالبنا بالدعاء المأثور مثل «اللهم اهدنا فيمن هديت وتولنا فيمن توليت وعافنا فيمن عافيت»، وللأسف فإن بعض مشايخ تيارات الإسلام السياسى يسارعون فى تبديع الناس وتكفيرهم، لكن حينما تخدم البدعة توجهاتهم فإنهم يغضون الطرف عنها، فمثلا الإطالة فى القنوت ابتداع وشخصنة الدعاء ليس من السنة، والتلاعب بعواطف الناس واللعب بمشاعرهم وإبكائهم بدعة.
■ لكن الشيخ محمد جبريل كان له موقف سياسى واضح فكيف تم التصريح له؟
- نحن ليس لدينا خريطة بمواقف الناس السياسية، وأى أحد لديه خط ضد المصلحة الوطنية، فنحن لا نتعامل معه وليس له مكان بين وزارة الأوقاف وحتى الأئمة المنتمون للجماعات نقوم بفصلهم فوريا، واتخذنا قرارا بمنع الشيخ محمد جبريل وغيره بعد هذه الواقعة.
والعبادة قائمة على الخشوع وليس بكاء الناس، ولكن عندما يختلط الدين بالسياسة يوظف الدين لصالح السياسة، وهؤلاء الشيوخ إذا كانت بعض الأمور الدينية ستحقق لهم مصالح سياسية تصبح لديهم من صحيح الدين.
■ هل تم الاتفاق مع الشيخ جبريل على وقت محدد للدعاء؟
- تعليمات الوزارة كانت واضحة للجميع وفى كافة المحافظات، وليس مطلوبا أن نقوم بالاتفاق مع كل إمام، ولذا نحن حينما وجدنا تقصيرا من إدارة مسجد عمرو بن العاص قمنا بحل مجلس الإدارة وتغيير كافة أعضائه، فنحن نريد من الجميع أن يكون على قدر المسؤولية.
■ لكن البعض يقول إن الشيخ جبريل لم يفعل شيئا يستحق فقط دعا على الظالمين فلماذا هذا الموقف منه؟
- هذا كلام عبارة عن مزايدات سياسية وليس لى علاقة بما دعا به، حتى لو كان دعا لوزارة الأوقاف وللحكومة، ولا يشغلنى ما قال، وأنا علمت بأنه تجاوز الوقت ودعا فيما يزيد على 50 دقيقة، وتجاوز الدعاء الدينى إلى الدعاء السياسى، وخالف تعليمات الوزارة، وهو رجل مبتدع ومتلون ولن يصلى بالناس إماما مرة ثانية، وليس لنا علاقة بمنعه من السفر، فقط نحن حررنا ضده محضرا.
■ وماهى نتيجة هذه المحاضر التى حررت ضد جبريل أو أى من المخالفين وما هى عقوبته؟
- نحن لسنا جهة تحقيق ولا أعرف ماذا يحدث فى المحاضر، نحن نقوم بعملنا فى تحرير المحاضر ضد المخالفين، وأذكر أننا حينما التقيت مع الدكتور حازم الببلاوى رئيس الوزراء السابق، قلت له إن وزارة الأوقاف عبارة عن فوضى وعزبة توزع منها حصص على الجماعات والجمعيات، والحمد لله هذا لم يعد ممكنا أو موجودا، وكانت هناك مساجد كبرى كانوا مسيطرين عليها مثل مسجد أسد بن الفرات بالعباسية ومسجد العزيز بالله ومسجد الرافدين بحلوان ومساجد المعادى ومسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية، ومسجد المراغى بأسيوط كلها أصبحت خاضعة تماما لأئمة وزارة الأوقاف.
■ هل ندمتم على إعطاء تصريح للشيخ محمد جبريل؟
- محمد جبريل لم يعط تصريحا فى الأصل، والموضوع لا يستحق كل هذا التضخيم، لأن هناك كتائب إخوانية تريد أن تصنع منه بطلا، وأن تجعل منا أعداء للدين والدعوة، وموقف المعصراوى وأحمد عامر يختلف عن موقف الشيخ جبريل، لأنهما كانا فى رابعة العدوية ونحن نتخذ قراراتنا فى أوانها الطبيعى.
■ هل ستعاقب أى إمام إذا ما دعا للرئيس السيسى؟
- من الناحية الشرعية الدعاء لولى الأمر بالسداد والتوفيق جائز وصحيح، لكننا وفى هذه المرحلة الرئيس لا يحتاج لمن يدعو له، وأنا أرفض الدعاء للرئيس السيسى فى المساجد، حتى لا نفتح بابا للأئمة فهذا يبالغ فى الدعاء للرئيس السيسى، وهذا يمدحه بطريقة خاطئة، لذا كانت تعليماتنا بتجنيب وزارة الأوقاف العمل السياسى والدعاء السياسى عموما.
■ إذن هل كل مساجد مصر أصبحت تحت سيطرة وزارة الأوقاف؟
- دائما ما يكون التعميم غير دقيق، لكن أعطنى اسم أى مسجد غير خاضع لوزارة الأوقاف وسأقوم بضمه فورا، ولا علم لى بأن هناك مساجد غير تابعة للأوقاف، أو مسيطرا عليها من قبل جماعات متشددة، والدعوة السلفية ليس لها مسجد واحد مخصص لها، وجميع المساجد بفضل الله تعالى تابعة وخاضعة لإشراف كامل من وزارة الأوقاف.
■ هناك أعداد كبيرة من الزوايا تستخدمها الجماعات وتسيطر عليها فكيف تتعاملون مع هذه القضية؟
- ستشهد الفترة المقبلة حسما وحزما فى موضوع الزوايا، ونحن نتعامل مع القضية بالتدريج لكن سيكون هناك قصر الخطبة ليوم الجمعة على المساجد فقط، وسيتم إلغاؤها تماما فى الزوايا، وسنقوم بتطبيق القانون ومنع الأئمة من الخطابة فى الزوايا، وسيتم التنبيه على خطباء المكافأة بعدم الخطبة فى الزوايا ومن يخالف سنقوم بإلغاء تصريحه، ومن يقم بالخطابة دون تصريح سنحرر ضده محاضر وفقا لقانون الخطابة.
الزوايا لأسباب كثيرة أرض خصبة للجماعات الإرهابية، منها أنها غير خاضعة للمراقبة، فلو كان خطيبا يخطب فى مسجد فلن يستطيع مخالفة جموع الناس، لكن فى الزوايا الخطيب يقوم بتجميع مجموعة من الناس يوافقونه الفكر والهوى، وبالفعل الزوايا هى المنبع الذى خرجت منه معظم الجماعات الإرهابية والأفكار المتطرفة، وسنقوم بتعيين عامل على الأقل لكل زاوية إن لم نستطع تعيين أئمة، وسيكون العامل مسؤولا عن غلقها فى أوقات صلاة الجمعة، وفتحها فى الصلوات العادية.
■ ماهو عدد الزوايا الموجودة فى مصر؟
- لا يوجد حصر ولا إحصائية لعدد الزوايا فى مصر، لكن قطعا عددها يفوق عدد المساجد، ونعمل حاليا على عمل حصر شامل وإلكترونى لجميع الأئمة والعمال والمساجد والزوايا، وصلاة الجمعة فى الزوايا تقام فى بعض المناطق المتكدسة ووفقا للحاجة، وسنكون أكثر حسما الفترة المقبلة كما سيتم منع الدروس الدينية فى هذه الزوايا، ونحن نتعامل بتدريج حتى لا يقال إننا ضد الدين، ولو أننا أغلقناها مرة واحدة لسَوّقَ ذلك أننا نحارب الدين والتدين، وما يؤكد عكس ذلك أننا لدينا أكبر خطة للدعوة وإعمار المساجد فى تاريخ وزارة الأوقاف.
■ وماهى آخر أخبار خطة إعمار وتجديد المساجد؟
- لدينا أكبر خطة لإعمار وإحلال وتجديد المساجد، وقبل أن أتولى الوزارة كانت جهود الوزارة ما بين 50 و60 مسجدا غير الجهود الذاتية، لكن ولله الحمد هذا العام جملة ماتم إعلان مناقصته وترسيته على المقاولين وإحلاله وتجديده 779 مسجدا «إحلال كامل» بتكلفة ستتجاوز المليار ونصف المليار، وصيانة 340 مسجدا و300 مسجد صيانة جزئية بالجهود الذاتية، والمساجد التى تم بناؤها جديدة محدودة لكن هذه المساجد تم إحلالها وتجديدها، لأن وزارة الأوقاف كان بها 3400 مسجد مغلق وغير صالح للصلاة، وما بنى على أرض فضاء تقريبا 23 إلى 24 مسجدا.
■ البعض يقول إن هناك هدوءا بين الأوقاف والدعوة السلفية فما هى حقيقة هذا الهدوء؟
- ليس مطلوبا من الوزارة أن تدخل فى حروب مع كل الناس وإنما مطلوب منها أن تضبط وتسيطر على المساجد، وليست علاقتى بحزب النور أو الدعوة السلفية سمنا على عسل، وإنما أطبق القانون، وجئنى بأى شخص واحد منتم لحزب النور حاصل على تصريح بالخطابة غير حاصل على مؤهل أزهرى، وقمت بإنهاء تصاريح 12500 خطيب ليسوا مؤهلين أزهريا أو حاصلين على معاهد إعداد الدعاة مرة واحدة، وجعلت من حق كل محافظة إصدار تصاريح الخطابة الخاصة بها شرط المؤهل الأزهرى، لكن تجديد التصريح بعد 3 أشهر مركزيا من الوزارة وذلك لبسط السيطرة، وبعد وجود خطاب من مدير الدعوة ومدير المديرية بمحافظته يلتزم فيها بالمسؤولية عن هذا الخطيب، وبدأنا فى إرسال لجان للتفتيش على كل محافظة وعدد التصاريح التى صدرت منها.
■ هناك ملحقات للمساجد وربما يستغلها البعض فى أغراض ومصالح خاصة.. فما دوركم تجاهها؟
- الأوقاف ليس لها إلا المسجد لكن ملحقاته ليست من سلطاتى أو اختصاصى، لكنها فى الغالب تتبع وزارة التضامن، وبدأنا منذ فترة ندخل على هذه الملحقات إذا كان فيها مكتبات ونصادر ما فيها من كتب إذا كانت مخالفة وتحوى أفكارا متشددة، وبدأنا نقول إن تحفيظ القرآن يجب أن يكون من جهة معتمدة، ومعاهد إعداد الدعاة يجب أن تكون كذلك إلا الخاضعة لوزارة الأوقاف والأزهر الشريف، ولا يوجد معهد واحد تابع لأى جمعية معتمد من الأزهر الشريف أو وزارة الأوقاف، ولا يمكننى إغلاقه إنما الجهات المختصة هى المنوط بها هذا العمل وعملية الإغلاق، وليس لدى الأوقاف سوى 19 معهدا.
■ وما رأيكم فى دور الجمعيات الأهلية التى تمارس عملا دعويا؟
- أنا أطالب أن تتخصص الجمعيات الأهلية فى العمل المجتمعى فقط، ولاعلاقة لها من قريب أو بعيد بالعمل الدعوى، وكان خطأ تاريخيا فادحا أن يكون فى خطة الجمعيات الأهلية الأنشطة الدعوية، ونحتاج تشريعا بقانون لمنع عمل الجمعيات الأهلية بالدعوة، فقط تعمل عملا خدميا ومجتمعيا، ولا توجد جمعية واحدة معتمدة من الأزهر أو الأوقاف أو دار الإفتاء لممارسة العمل الدعوى، وأنا أطالب بغلقها لكنى لست سلطة غلق، وكل معهد تابع لهذه الجمعيات الأهلية هو معهد مخالف للقانون.
■ كرر الرئيس فى احتفال ليلة القدر دعوته لتجديد الخطاب الدينى، فلماذا لا نرى تنسيقا بين الأوقاف والأزهرالشريف؟
- هناك مبالغات كثيرة فى العلاقة بين دور الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، وهو دور يتكامل ولا يتنافر مطلقا، سواء تم بعمل مشترك أو حسب طبيعة كل جهة، فمثلا الأزهر الشريف يقوم بتدريب الوعاظ والأئمة ونحن كذلك، ونحن ذهبنا إلى فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر فى شهر رمضان مع كل قيادات الوزارة وعرضنا عليه خطة العمل وملف تجديد الخطاب الدينى الذى تقوم به وزارة الأوقاف، كما سنعرض عليه برنامج تدريب أئمة وخطباء الأوقاف، وأنا من جهتى أدرك أن المرجعية الكبرى لنا جميعا هى مشيخة الأزهر ولا يمكن أن نخرج على الأزهر الشريف فى أى شىء بل بالعكس نحن نلقى كل الدعم، أما بخصوص بعض الأنشطة والقرارات، فأنا أذكر فى أول أيام توليت فيها الوزارة اتصلت بفضيلة الإمام الأكبر وطلبت رأيه فى تعيين أحد القيادات فقال لى «لا تأخذ رأيى وتحمل مسؤوليتك»، وتفاصيل العمل تختلف بين وزارة الأوقاف والأزهر ومن ثم نحن نتكامل ونتعاون.
■ لكن قضية الخطاب الدينى تلقى اهتماما كبيرا من رئاسة الجمهورية وكنا ننتظر نشاطا من الأزهر والأوقاف فماذا حققتم حتى الآن؟
- نحن لدينا جانبان، الأول المناهج والأزهر الشريف قام بتغيير معظم المناهج الدراسية وتجديدها وقمت بالمشاركة فى عدد كبير من اجتماعات تطوير المناهج، وأنت تعلم أن عمل وزارة الأوقاف ضخم جدا، وبالنسبة لنا كوزارة أوقاف قمنا بالجانب التنظيمى والدعوى، فمثلا الدروس الدينية وخطبة الجمعة الموحدة، والطريق شاق وطويل حتى نصل إلى المستوى المطلوب فى تجديد الخطاب الدينى، لأن التحديات كثيرة والإرهاب المنتشر بقوة فى المنطقة وبعض الجماعات التى تتبنى هذه الأفكار المتشددة ووظفت الدين سياسيا جعلت المعضلة كبيرة جدا.
وأنا أرى أن ملف الخطاب الدينى كالمريض ويجب علينا أن نتفنن فى أساليب العلاج، ولا شك أننا نحاول ونبذل جهدا، لكن القضية ضخمة ولا يمكن للمؤسسات الدينية وحدها تحقيق التغيير فى العقلية المصرية، فنحن نحتاج الخطاب الثقافى والجانب التعليمى والخطاب الإعلامى وهناك شريحة كبيرة ربما لا يصلها رجل الدين، فنحن نحتاج إعادة بناء الشخصية المصرية، فمثلا قصور الثقافة تجذب وتبنى، وهناك جهود ضخمة تبذل.
■ وما هى الخطوات التى حققتها وزارة الأوقاف فى ملف تجديد الخطاب الدينى؟
- نحن نجحنا فى تجفيف منابع الإرهاب من خلال السيطرة على المساجد ومنعنا المتطرفين وغير المتخصصين من الخطابة والدروس الدينية فى المساجد، ونحن لا نكف عن تتبع كافة الوسائل لتطوير الخطاب الدينى.
وعلى سبيل المثال ستنطلق برامج تدريبية ضخمة 15 أغسطس المقبل، برامج لتصحيح المفاهيم الخاطئة، كما سنحول المساجد إلى مدارس كبرى ومنارات ثقافية رائعة، وسنحول المسجد إلى دوره المجتمعى من خلال عمل فصول تقوية وتحفيظ القرآن ودورات الحاسب الآلى مثل مسجد عمر مكرم وبه 20 جهاز كمبيوتر، ودورات للغات ومحو الأمية والطب الوقائى، والقراءة والكتابة، بحيث تقوم المساجد بما تقوم به هذه الجماعات المتطرفة.
أيضا سنطلق مسابقتين كبيرتين إحداهما مع وزارة الثقافة، وسنحاول أن تكون عبارة عن نوعين: أبحاث وقراءة حرة حتى ثلاثة كتب «كتاب دينى وفى الحضارة المصرية والإبداعات الأدبية»، حتى نصل إلى من لا يمكننا الوصول إليه فى المسجد، لنصل إليه من خلال قصور الثقافة.
كما سنطلق مسابقة دينية كبرى فى الفهم السوى والصوت الندى، لأننا رأينا أن بعضا ممن يحفظون القرآن هم من يستخدمون القرآن فى أغراض سياسية، ويحرفون الكلم عن مواضعه، ويلوون عنق النصوص ويفسرونها لصالح أغراض سياسية.
■ هل تقصد بحفاظ القرآن الذين يستخدمونه سياسيا الشيخ أحمد عيسى المعصراوى؟
- أنا لا أتحدث عن شخص بعينه، فالشيخ المعصراوى قمنا بإعفائه من شيخ عموم المقارئ المصرية المرة الأولى، ثم تم منعه هذه المرة والشيخ أحمد عامر وذلك لما كان منهما فى رابعة العدوية، وقد يكون هناك من يحفظون القرآن لكنهم يحيدون به عن الجادة، ورب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه والعبرة ليست بحفظ القرآن، وإنما بالفهم الصحيح لكتاب الله، وبالمناسبة لأول مرة قمنا بإدخال فهم قيم وأخلاق القرآن الكريم فى المسابقة العالمية للقرآن الكريم.
وكما قلت إننا بصدد مسابقة كبرى فى ثلاثة محاور، وهى: أفضل الخطباء خطيب متميز ولديه فهم صحيح للدين، وأفضل القراء قارئ ويفهم القرآن فهما صحيحا، وأفضل المنشدين والمبتهلين، وستكون جوائزها قيمة جدا، وهناك جهة نتفق معها لرعاية هذه المسابقة وتنفق عليها لأننا نرغب أن تكون الجائزة الأولى 100 ألف والثانية 50 ألفا والثالثة 35 ألفا.
■ وهل تحتاج وزارة الأوقاف إلى راع للمسابقات رغم وجود أموال الوقف؟
- كل مال فى الأوقاف لما وقف له، وليس من حقنا التصرف فيه، ومعظم أموال الوقف تم استخدامها فى تجديد وإحلال المساجد.
■ هل كان لقاؤك بوزير الأوقاف السعودى له علاقة بإشارة رابعة العدوية؟
- على الإطلاق، ولم أسمع تصريحه وأظن أن جماعة الإخوان ومواقعها قامت بتحريف هذا التصريح، لأن الرجل يتسم بالتصريحات المتزنة والعقلانية، وكان لقاؤنا مفيدا جدا واستمر 3 ساعات، وهو متفق معى تماما حول تطوير الدعوة ونشر الفكر الوسطى.
■ هل تطرقتم لموضوع جماعة الإخوان فى الحوار؟
- دائما ما تكون للقاءات السياسية شأن آخر، فنحن تحدثنا عن مواجهة التشدد والأفكار المتطرفة، وغالبا ما يكون كلام المسؤولين واضحا.
■ وماذا عن التنسيق مع وزارة الداخلية حول المظاهرات التى تخرج من المساجد؟
- أولا لا يوجد مسجد بالأوقاف، يدعو لخروج الناس للمظاهرات ولا حتى يمثل دعوة أو مكان تجمع، ولكن نحن فى مرحلة من أفضل المراحل التى يتم فيها التنسيق مع كافة الوزارات، وليس هناك على الإطلاق أى تدخل من أى جهة فى وزارة الأوقاف، ونحن من يقوم بالتفتيش على كافة المساجد، وثقة فى دور وزارة الأوقاف وعملها فإن كل الجهات رفعت يدها عن وزارة الأوقاف.
وأعلنت عن إنشاء شركات لحماية وحراسة المساجد وأخرى لإدارة وصيانة ونظافة المساجد، وليس الغرض من ذلك إلغاء دور وزارة الداخلية، وإنما سنطبق ذلك فى المساجد الكبرى، بتعيين مدير إدارى يتولى شؤون المسجد حتى يتفرغ الإمام لشؤون الدعوة والمؤذن للصلاة، والعمال الزائدون سيتم توزيعهم على مساجد أخرى بها عجز.
■ لماذا لا تتم الاستفادة بمشاهير الدعاة مثل الشيخ محمد حسان لمحاربة التطرف؟
- بفضل الله وزارة الأوقاف فيها من الرجال والعلماء من يستطيعون أن ينهضوا بمهمتهم، وأخطر شىء هم دعاة الجماهير الذين يتمترسون بالناس، أو من يتم تصنيفهم مذهبيا كالشيعة أو السلفية أو الإخوان وغيره، لأن بعضهم يغلب مصلحة الجماعة على مصلحة الوطن، ويجعل الولاء المذهبى فوق الولاء للوطن، وأنا أرفض شيوخ الشباك، وقائمتى السوداء منهم كما هى، وأسعى أن يتعلق الناس بالمساجد لا بالشيوخ، فمثلا يذهب الناس إلى مسجد النور أو مسجد مصطفى محمود أو الحسين وهم متأكدون أنهم سيسمعون خطبة جيدة وخطيبا متميزا دون معرفة اسم الخطيب، وهذا ما أسعى إليه، وسننجح حينما تثنى على الخطبة دون معرفة اسم الخطيب، وقديما كانت هناك مساجد تقول «الصناديق لا تكذب» أى أنه إذا جاء الشيخ فلان يكون إيراد الصندوق الخاص بالتبرعات 100 ألف وغيره 50 ألفا، وربما يتم إعطاؤهم حصة من هذه الإيرادات.