كان الملك فاروق الملك الأخير قبل اندلاع ثورة 23 يوليو 1952 وهو مولود في ١١ فبراير ١٩٢٠ واستمر حكمه ١٦ سنة إلى أن أرغمته ثورة ٢٣ يوليو على التنازل عن العرش «زي النهارده» في ٢٦ يوليو ١٩٥٢ لابنه الطفل أحمد فؤاد، الذي كان عمره حينها ستة شهور، والذى ما لبث أن تم خلعه بتحويل مصر من ملكية إلى جمهورية، أكمل فاروق تعليمه بإنجلترا وأصبح وليًا للعهد وهو صغير السن، وتولى العرش وهو في السادسة عشرة.
وحين توفى أبوه كان قاصرًا فتم تشكيل مجلس وصاية لمدة سنة وثلاثة شهور إذ إنّ والدته الملكة نازلى خافت أن يطمع الأمير محمد على في الحكم ويأخذه لنفسه، فأخذت فتوى من شيخ الأزهر محمد مصطفى المراغي بأن يحسب عمره بالتاريخ الهجرى، وتوج ملكًا رسميًا بتاريخ ٢٩ يوليو ١٩٣٧.
ويقول نص وثيقة التنازل: «أمر ملكى رقم ٥٦ لسنة ١٩٥٢.. نحن فاروق الأول ملك مصر والسودان.. لما كنا نتطلب الخير دائما لأمتنا، ونبتغى سعادتها ورفاهيتها، ولما كنا نرغب رغبة أكيدة في تجنيب البلاد المصاعب التي تواجهها في هذه الظروف الدقيقة ونزولاً على إرادة الشعب..قررنا النزول على العرش لولى عهدنا الأمير أحمد فؤاد، وأصدرنا أمرنا بهذا إلى حضرة صاحب المقام الرفيع على ماهر باشا رئيس مجلس الوزراء للعمل بمقتضاه».. صدر بقصر رأس التين في ذي القعدة سنة ١٣٧١ (٢٦/٧/١٩٥٢).
«وهناك وثيقة ثالثة متعلقة بالحدث ذاته وهى عبارة عن بيان توجه به محمد نجيب إلى الشعب وبثته الإذاعة بعد أشهر قليلة من قيام الثورة،وكان بمثابة تقرير توصيفي لمبررات القيام بالثورة وجاء فيه: «من الرئيس اللواء أركان حرب محمد نجيب، رئيس الجمهورية المصرية، ورئيس مجلس قيادة الثورة، ورئيس مجلس الوزراء البيان التالي: (لما كانت الثورة، منذ قيامها، استهدفت القضاء على الاستعمار وأعوانه، فقد بادرت في ٢٦ يوليو ١٩٥٢ إلى مطالبة الملك السابق فاروق بالتنازل عن العرش، لأنه كان يمثل حجر الزاوية الذي يستند إليه الاستعمار ولكن منذ هذا التاريخ، ومنذ إلغاء الأحزاب، وجدت بعض العناصر الرجعية فرصة حياتها ووجودها مستمدة من النظام الملكى الذي أجمعت الأمة على المطالبة بالقضاء عليه قضاء).. إلى قوله: (فنعلن اليوم باسم الشعب إلغاء النظام الملكى، وحكم أسرة محمد على، مع إلغاء الألقاب وإعلان الجمهورية).
وإثر نجاح ثورة 23 يوليو 1952 وجه الرئيس الراحل محمد نجيب، كلمة للجيش قال فيها :«تعلمون جميعا الفترة العصيبة، التي تجتازها البلاد، ورأيتم أصابع الخونة تتلاعب بمصالح البلاد، وتجرأت حتى تدخلت في الجيش، وتغلغلت فيه، وهى تظن أن الجيش قد خلا من الرجال الوطنيين، وإننا في هذا اليوم التاريخى نطهر أنفسنا من الخونة والمستضعفين، ونبدأ عهداً جديداً في تاريخ بلدنا وسيسجل لكم التاريخ هذه النهضة المباركة أبد الدهر ولا أظن أن في الجيش من يتخلف عن ركب النهضة، والرجولة، والتضحية».
ومن الأحداث الكبيرة التي وقعت بعهده حادثة ٤ فبراير ١٩٤٢حين حاصرت القوات البريطانية قصر عابدين، وأجبره السفير البريطانى بالقاهرة لامبسون على التوقيع على قرار باستدعاء زعيم حزب الوفد مصطفى النحاس لتشكيل الحكومة بمفرده، أو يتنازل عن العرش ووقع حادث القصاصين في ١٥ نوفمبر ١٩٤٣ حين كان يقود السيارة بسرعة كبيرة عائدا من رحلة رصيد بجوار ترعة الإسماعيلية، واصطدم بمقطورة عسكرية إنجليزية، وكاد الحادث يودى بحياته كما كانت هناك خلافات عائلية مع والدته الملكة نازلي، بسبب علاقتها بأحمد حسنين باشا، وزواجهما عرفيًا، وانتهى الزواج بمقتل حسنين باشاعلى كوبرى قصر النيل ثم رحيل نازلى عن مصر هي وابنتيها فايقة وفتحية وزوجت ابنتها فتحية من رياض غالي، واعتنقت المسيحية فأصدر فاروق قرارًا بحرمانها من لقب الملكة الأم إلى أن أطاحت به ثورة يوليو ثم توفي في ١٨ مارس ١٩٦٥.
ويقول الدكتور محمد عفيفي أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة القاهرة أن فاروق يعد ضحية لعدة عوامل مما أوصل الأمور في مصرإلي حالة من التأزم السياسي والتدخل البريطاني السافر في أدق الشؤون المصرية فقد تولي الحكم وله من العمر 16 سنة وحين تنازل عن العرش كان عمره 32 سنة وبسبب التربية المنغلقة الصارمة إلى نشأ في ظلها وبسبب الانكسار النفسي الذي تسببت فيه والدته نازلي وبسبب الحاشية التي لم يحسن اختيارها وبعد مصرع أحمد حسنين باشا كان بمفرده في مواجهة محتل متغطرس وفي مواجهة كاريزما النحاس بخبرته السياسية الطويلة وحزب الأغلبية وبسبب عدم فهمه واستثماره وغياب قراءته المستقبلية للمتغيرات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية كل هذا كان سببا في تدهور الأوضاع السياسية مما شجع الضباط الأحرار الأكثر ثقافة ودراية أن يطيحوا به وبنظامه.