قدمنى لها صديقى الشاعر اليونانى الراحل كوستيس موسكوف: هذا هو أحمد الشهاوى شاعر من مصر، فرحبتُ كثيرًا بالمُمثلة الشهيرة، أبرز نساء اليونان خلال القرن العشرين ميلينا ميركورى (18 من أكتوبر 1920 في أثينا- 6 من مارس 1994 في نيويورك)، وكانت وقتذاك وزيرة للثقافة في اليونان، ثم قدم لها «فلانا» من لبنان، فاعتذر دون أدبٍ منه قائلا: أنا لا أصافحُ النساء. بينما على مدى شهر من الزمان، أمضيناه في اليونان، ظل يمارس الجنس مع يونانيةٍ، كانت ضمن اللجنة المنظمة للمؤتمر، ولما اعترضتُ، وقلتُ له: ما هذا الدين الذي يجعلك ترفض المصافحة نهارًا وتمارس الجنس ليلا؟، فغضب منى وقاطعنى، ولما أصررتُ وألححتُ، قال سأجمع مرات ممارساتى الجنسية وأيامى معها، وفى النهاية سأهديها هديةً، وبذا أكون مُسلما تقيًّا، وإنسانًا كاملا، إذا استعرتُ تعبير القُطب الصوفى عبدالكريم الجيلى.
استدعتْ ذاكرتى هذه الحادثة التي لم تنمح من غرف عقلى، وأنا أتأمل حلم البعض بعودة الخلافة الإسلامية، وتأسيس الدولة الإسلامية التي تسعى إليها داعش، ولن يتحقق شىء من هذه الأحلام حتى لو مات كل المسلمين، وتخلَّص هؤلاء من كل العباد، ولم يجدوا سوى أنفسهم يحكمون، وأيضا حتى لو وقفت دول سنية أو شيعية لفرض خلافةٍ ما أو دولةٍ ما، بالتشارك مع دول غربيةٍ تسعى إلى تفتيت وتقسيم الدول المستقرة جغرافيًّا وسياسيًّا وتاريخيًّا كمصر منذ أن عرف الإنسان الأول حدودها مع فجر التاريخ.
إذ مع الخلافة سيكون هناك عودةٌ حتميةٌ إلى الاسترقاق والسَّبى والجوارى والإماء والقيان والمحظيات والسرارى، ففى سنة حكم الإخوان – مثلا – خرجت أصواتٌ تنادى باتخاذ الرجال جوارى لهم، ليستمتعوا بما ملكت أيمانهم، في دعوةٍ صريحةٍ لعودة الحروب ومن ثم السَّبى والاختطاف، وهذا ما تفعله داعش الآن حرفيًّا، وزادت عليه إقامة أسواق؛ لبيع النساء المسبيات بأسعارٍ زهيدةٍ، والاستئثار بالجميلات منهن ليكُنَّ جوارى للتسرية عن القادة الداعشيين، وزادوا بأن ابتدعوا إهداء جارية لكل من يحفظ القرآن الكريم، وهذا ابتداعٌ شاذٌ ينمُّ عن نفسٍ مريضةٍ وضيعةٍ، لم أقرأ ما يماثله في أىٍّ من كتب التراث، التي تحفل بقصص تلذُّذ خلفاء المسلمين بالجوارى.
وداعش لديها شطط وشُذوذ في تأويل وتفسير المسائل الفقهية التي تتعلق بالاسترقاق، وسبى النساء في الحروب قديما (فى زمن الدولة الإسلامية الأولى)، وما تفعله داعش، وما يقوله السلفيون ويعتقدونه وأرادوه (فى زمن سنة حكم الإخوان لمصر)، وما يؤمن به بعض أصحاب المذاهب المخالفة للطبيعة البشرية قبل أن تكون مخالفة للدين، حيث لا ذوق، ولا أخلاق، ولا عقل.
والذين يطلبون الخلافة الإسلامية، يهدفون أولا «وهم المتواضعون» إلى أن يكونوا خلفاء للنبى، صلى الله عليه وسلم، وبعضهم «وهم المتكبرون» يريدون أن يكونوا خلفاء لله على الأرض، أي ظله، أو مندوبه، أو المتحدث الرسمى الوحيد باسمه، وماعداه كافر وزنديق وملحد ومهرطق وخارج على الإسلام، ثم يبتغون السلطة والسلطان ولو بحد السيف أو على أسنة الرماح، أو بلغة العصرين القديم والحديث القتل غيلة أو اغتيالا، وليست دعوة الخلافة عند هؤلاء القوم بهدف إعلاء الدين، وإرساء كلمة الحق؛ ولأن لا فروق كثيرة بين الماضى والحاضر فنجد أن عددا كبيرا من دعاة الدين المتاجرين به، والذين يدعون إلى الخلافة، وفى ذهنهم الجوارى والسبايا من شتى الأعراق، إذ هم بالفعل تزوجوا مرة وعشرًا وعشرين مرةً، مقلدين الخلفاء في الانهماك في اللذات والشراب، مشيرين إلى أن التعدد سنة الأنبياء، حيث تزوج إبراهيم، عليه السلام، اثنتين، وداوود ألف زوجة، كما ورد في التوراة، وسليمان مئة زوجة، ومحمد صلى الله عليه وسلم تسع زوجات، كأنهم خلفاء الأنبياء.
وهم أول من يعرف أن الخلفاء مستضعفون، ترك معظمهم الخلافة لحاشيتهم، أو لأمهاتهم أو لجواريهم، أو لوزرائهم، وانغمسوا في الملذات والمسرَّات، وجمع المال، وتكديس النساء في قصور الخلافة، حتى دون أن يقربوهن، لدرجة أن أحدهم كان عنده ما يزيد على ثمانية آلاف جارية.
فكان حريم الخليفة المتوكل كما يذكر صاحب «كتاب الفرج بعد الشدة» القاضى التنوخى (327- 384 هـ = 939- 994 م)، يشتمل على أربعة آلاف سرية، منهن خمسمائة لفراشه، وقد أهدى إليه عبيد الله بن عبدالله بن طاهر، أربعمائة جارية، مرة واحدة.
أما المعتصم، والد المتوكل، فإنه لما توفى سنة 227 هجرية، كان من جملة ما ترك ثمانية آلاف جارية.
وأما المأمون، حكيم بنى العباس، فقد كان حريمه يشتمل على مائتى جارية فقط.
أما الرشيد، فقد كان حريمه يشتمل على أكثر من ألفى جارية، سوى ما كان لزوجه زبيدة من الجوارى ويزيد عددهن على ألفى جارية.
وكان في دار المقتدر، أربعة آلاف امرأة، بين حُرَّة ومملُوكة.
ولم يكن الإكثار من الجوارى مقصُورًا على الخلفاء وحدهم، وإنما تعدى ذلك إلى أتباعهم، والمترفين من الأمراء، والرعية.
وعلى سبيل المثال، لا الحصر، نورد أن عتابة، أم جعفر البرمكى، كانت تخدمها أربعمائة وصيفة.
وأن عمر بن فرج الرخجى، أحد العمال الأشرار، كانت لديه مائة جارية.
وأن زوجة يعقوب بن الليث الصفار، كانت لديها ألف وسبعمائة جارية.
وأن بلكين الصنهاجى، خليفة المعز الفاطمى على أفريقية توفى 373 هجرية كانت لديه أربعمائة حظية.
وفى مقابل من ذكرنا، نورد أن الخليفة عمر بن عبدالعزيز لما استخلف، خير جواريه، وأعتق من رغبت في العتق، واقتصر على زوجته ابنة عمه، فاطمة بنت عبدالملك.
أبعد هذه الحقائق، وهى نقطةٌ في محيطٍ، تقتلون المسلمين وغير المسلمين لبعث الخلافة الإسلامية.