معدل الذكاء فى مصر

جيهان الغرباوي الخميس 23-07-2015 21:22

منذ كنت طفلة بريئة وأنتمى بكل فخر لفصل تالتة أول فى مدرسة النيل الابتدائية، كنت أصدق دون أدنى شك أن الطفل المصرى هو أذكى طفل فى العالم، حسب دراسة يابانية قالت لنا عليها أبلة سناء، مدرسة العربى، وحدثونا عنها كثيرا فى برامج ماما نجوى وبابا ماجد وسينما الأطفال تقديم عفاف الهلاوى على القناة الأولى.

وعلى افتراض أن المعلومة صحيحة، فهذا معناه أن فى مصر الآن جيلا من أذكى مخاليق ربنا، يعنى ناس مبدعة مجددة، تمتلك حلولا جذرية حتى للمشاكل الكبيرة والعقد المستعصية.

لكنك ويا للعجب حين تتأمل حالنا، وتتابع بتجرد وإنصاف تفكير القيادات عندنا، تكتشف أن (أذكى طفل فى العالم) دى مسألة فيها نظر، وأغلب الظن أنه كان سوء تفاهم، وإحنا اللى فهمنا اليابان غلط.

(معقول التعليم ضيعنا للدرجة دى؟؟!)

أتخيل أحياناً الباشمهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، وقد نفد من ثلاجته فجأة غذاء ملكات النحل، الذى يعطيه تلك الطاقة المهولة، فقرر أن يتوقف يوما واحدا عن الرحلات المكوكية التى يقوم بها دون هوادة للمستشفيات والمصانع والعشوائيات ومواقع العمل وسرادقات العزاء وحفلات المؤسسات العريقة بمناسبة اليوبيل الماسى والذهبى والفضى.. ماذا لو هدأ السيد رئيس الوزراء يوما وجلس فى مكتبه يفكر ويخطط ويرسم السياسات العامة؟، ثم هداه تفكيره فقرر أن يوزع نموذجاً موحداً لاختبار يقيس مستوى الذكاء العام لدى الوزراء الذين اختارهم فى حكومته، أو عند القيادات التى تتولى المناصب فى مصر الآن؟

مثلا:

■ كم درجة سيحصل عليها وزير الداخلية؟

- وسوف يفسر ذلك مشكلة الكاميرات المعطلة، وقتل الضباط بنفس الطريقة تحت نفس الشجرة فى نفس المكان، وعدم تغيير خط السير عند تأمين الشخصيات المهمة ونقص المعلومات المزمن مع ازدهار التنظيم السرى للإخوان والتواجد الأمنى الكثيف فى موقع الحادث بشرط وقوع الحادث وبعد فوات الأوان.

■ بنفس الاختبار.. كم سيبلغ معدل ذكاء القيادات الحالية فى المجلس الأعلى للصحافة ونقابة الصحفيين؟

- سوف يفسر ذلك موقفهم من قانون الإرهاب الأخير، ويكشف السر الكبير وراء فوضى الإعلام وازدياد جرائم النشر والابتزاز الصحفى، وانهيار الصحف القومية مع التمسك العميانى الدائم بالتصريح الأثير: (إنه انتهاك خطير لحرية التعبير)!

يبقى أن نتوقع النتيجة إذا تم توزيع قياس الذكاء على طلبة المدارس الحكومية، وعلى أساتذة الجامعات ومشايخ الأزهر والمحافظين، ومقدمى البرامج فى الفضائيات والمسؤولين فى التليفزيون المصرى.

بحسب قياسات حديثة، تقع مصر فى ذيل قائمة الشعوب الأكثر ذكاء فى العالم، بينما حصلت على المراكز الأولى سنغافورة وكوريا الجنوبية واليابان، والطريف أن الشعب العراقى بنفس القياس مرشح كى يكون أذكى الشعوب العربية، وقد كان ذلك موضع سخرية الكثيرين، بمن فيهم العراقيون أنفسهم الذين علق بعضهم بأن وقوعهم فى فخ الديمقراطية الأمريكية وما انتهت إليه أوضاعهم الأمنية والاقتصادية، لا ينبئ عن أى تفوق عقلى أو ذكاء.

فى مصر، فينا اللى مكفينا وفينا من يصدق أن رامز واكل الجو وأن المصالحة واجبة مع الإرهابيين والناس السو، وهناك المقتنعون باستيراد القطن وتصدير الزبالة وجمع الأموال لجمعية رسالة وتوفير الجركن بـ3 جنيه لمن يسأل عن مياه الشرب، والحديث عن حقوق الإنسان فقط حين يتعلق الأمر بالمساجين أوالمشبوهين الذين لا تعاملهم الشرطة بكل إنسانية وذوق وحب!

هنعمل إيه؟ نصيبنا كده.. يا ما قلنا وحذرنا من تأثير الهواء الملوث وسوء التغذية وبرامج محمود سعد.. وقديماً قالوا إن الذكاء له حدود، أما الغباء.. فلا حدود له!!

gihanelgharabawy@yahoo.com