«علمنى الصيد خير من أن تعطينى سمكة كل يوم» مثل صينى يلخص العلاقة الوطيدة بين العمل الخيرى والتنمية البشرية، فالعمل الخيرى يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتنمية البشرية، كما أنه يتم توظيف التنمية البشرية للعمل على نمو وتطوير مشروعات العمل الخيرى، فهى علاقة طردية بالتأكيد.. فالعمل الخيرى ليس دفع أموال لمحتاج أو إطعام مسكين أو إنقاذ مصاب فقط، وإنما العمل الخيرى فى أسمى معانيه هو النهوض بكل هؤلاء لكى يستطيعوا الوقوف فى مواجهة ظروفهم وتحسين مستواهم الاقتصادى والاجتماعى، لكى يستطيعوا أن يحيوا حياة كريمة، ومن أجمل لحظات السعادة التى يمكن أن يعيشها الإنسان لحظة مساعدته لشخص وتغييره لحياته بشكل كلى للأفضل، فى هذه اللحظة ستشعر أنك قمت بعمل له قيمة كبيرة فى حياتك أنت شخصياً وسيعود بالخير النفسى عليك، مما يعينك على مواجهة ظروفك وحياتك، فهى عملية تبادلية أيضاً بين الذى يحتاج المساعدة وبين من يقدمها، فالخير سيعود على الطرفين وسيعود بالخير فى النهاية على المجتمع بأكمله من ناحية أخرى.. وسبل العمل الخيرى كثيرة جداً فى مجتمعنا، وعلى كل المستويات، فنحن إذا نظرنا من حولنا لوجدنا العديد من القضايا التى تحتاج منا التصدى لها وحلها، ومنها قضية الغارمين والغارمات، وهم ناس بسطاء ممكن أن يُسجنوا بسبب استدانتهم مبالغ بسيطة جداً من أجل تجهيز أولادهم أو لدفع إيجار منزل، وسنجد قضية المرأة المعيلة وغيرها من القضايا التى إذا تبنينا العنصر البشرى فيها وقدمنا له يد العون فى عمل مشروع صغير له يستطيع من خلاله الإنفاق على نفسه وعلى أسرته وأن يحيوا حياة كريمة، سنكون قد قطعنا شوطاً كبيرا للحد من ظواهر أخرى أخطر ترتبت على الفقر والعوز والاحتياج، فنحن نرى من حولنا أطفالا أبرياء لا حول لهم ولا قوة يقومون بالتسول بالشوارع أو يقومون بأعمال إجرامية وهم فى هذه السن الصغيرة،
فإذا وقفنا مع أنفسنا وقفة لنتفكر ما الذى أدى بهم إلى ذلك سنعرف أن المشكلة لها جذور أعمق من مجرد الطفل الذى يقف أمامى، فالمشكلة هى مشكلة أب وأم يحتاجان لمن يمد لهما يد العون حتى يستطيعا مساعدة أبنائهما بعد ذلك، فهى دائرة وكلنا حلقات متصلة فيها والأصل فيها العنصر الإنسانى الذى به تقوم المجتمعات وتنهض، فلينهض كل منا بالآخر حتى ننهض ببلدنا وبأمتنا الإسلامية.