الجنس اللطيف بالميرى

سحر الجعارة الخميس 23-07-2015 21:23

تساءلت كثيرا: لم أطلق علينا الرجل عبارات من عينة «الجنس اللطيف» و«الجنس الناعم»؟!..

وكانت تأتينى إجابة شخصية بأنها محاولة لتحجيم المرأة فى خانة ضيقة تبعدها عن المناصب القيادية ومراكز صنع القرار، خشية أن تتكسر أظافرها الملونة ـ عادة ـ بلون الدم.

حتى جاءت العقيد «نشوى محمود»، الضابطة بإدارة مكافحة العنف ضد المرأة، لتسقط هذه النظرية بعصا كهربائية، وهى تسيطر على «مُتحرش» بذراعها ويديها «الناعمتين» بطريقة هوليودية لم نشاهدها إلا فى الأفلام الأمريكية.

المشهد الذى تداولته مواقع التواصل الاجتماعى والفضائيات تحول إلى حرب إلكترونية بين مؤيد ومعارض لأداء سيادة العقيد، ومدى مطابقته أو تجاوزه للمعايير القانونية فى ضبط أى مجرم أو متهم.

«المُتحرش» كان بالفعل «تحت السيطرة»، وداخل حدود سينما مترو بوسط البلد، والتى تعد أهم معاقل «السعار الجنسى» فى الأعياد.. لكن «الضابطة» قررت معاقبته بنفسها بعصا كهربائية (إلكتريك)، ربما من باب الردع أو على سبيل الاحتياط حتى لا يحاول الإفلات من قبضتها أو تحاول «شلة متحرشين» تهريبه من قبضة الشرطة.

فجأة انشقت الأرض عن بعض المطالبين بحماية «حقوق المتحرش»، فى مجتمع مكبوت جنسيا ومأزوم اقتصاديا، مجتمع يناهض المرأة ويبرر التحرش بها فى الشارع والجامعة وأماكن العمل لأنها «عورة» خرجت لتفجر غرائز شباب مغيب بفعل المخدرات والبطالة ومقهور بـ«قانون التظاهر»!!.

وفى المقابل كانت «نشوى محمود» بالبدلة الميرى تؤكد –بمجرد وجودها- أن المجتمع وجد حلا لمواجهة نقل المتفجرات «خلف النقاب» بـ«الشرطة النسائية».. وكرس مفهوم «المساواة بين الجنسين» داخل جهاز الشرطة الذى ما زال يحتاج إلى تطهير وإعادة هيكلة.. وربما لهذا قرر البعض مهاجمة الشرطة النسائية ممثلة فى «نشوى!».

أنا لا أتفق إطلاقا مع أى واقعة عنف من الشرطة ضد مواطن حتى لو كان مجرما، وأخشى أن تعود الشرطة لسابق عهدها فى العصف بحقوق الإنسان.

ولهذا تحديدا أرى أن جمع اللواء أبوبكر عبد الكريم، مساعد أول وزير الداخلية، بين قطاع العلاقات العامة والإعلام، وقطاع حقوق الإنسان هو خلط بين مهام القطاعين.

فهل ما قامت به «نشوى» من ضرب للمتحرش هو نموذج لدولة القانون التى نطالب بها أم أنه تجاوز للقانون؟.. هذا هو السؤال الذى بدأت به مقالى ولم أجد إجابة عليه إلا فى مشهد تخيلى لضابط قد يقتل متهما (بعد إحكام السيطرة عليه).. فبهذا قد يتحول الضابط إلى قاض و«عشماوى» ويصبح الأمن الذى ننشده هو الفوضى بعينها.

صحيح أننى فخورة بالعقيد «نشوى»، خاصة أنها حصلت على فرق متقدمة فى التأهيل البدنى واللياقة، وتجيد الرماية واستخدام جميع أنواع الأسلحة.

لكننى رغم حالة الاشمئزاز من استمرار «السعار الجنسى» فى المجتمع لا أؤيد إطلاقا توقيع «عقوبة الضرب» من شخص مهمته القبض على مجرم!.

لقد وضعتنى «نشوى محمود» فى مأزق نفسى، ما بين اعتزازى بنجاح المرأة فى إدارة مكافحة العنف ضد المرأة، ووجود حوالى 400 امرأة داخل هذا الجهاز الحساس بينهن أربعة لواءات.. وما بين صدمتى فى العنف المبالغ فيه تجاه مواطن فى قبضة الشرطة!!.

قد لا أقبل ما يردده بعض الحقوقين ممن يبررون «التحرش الجنسى» بالفقر والقهر والكبت الجنسى.. لكننى لا أقبل أيضا أن تتوحش الشرطة مجددا.. فيصبح الوطن مجرد سجن كبير نتجول فيه مكبلين بالخوف ونحن نتنقل بين السجل المدنى أو إدارة المرور أو الجوازات.

عفوا – سيادة العقيد- لقد منعتنى من تحية واجبة على مجهودك الرائع فى مواجهة التحرش بالمرأة.. وحرمتنى من الإسراف فى التفاؤل!!.

s.gaara@almasryalyoum.com