إسرائيل غاضبة من الاتفاقية الأمريكية الإيرانية والتى يمكن اعتبارها اتفاقية عالمية بحكم أن الدول الكبرى وافقت عليها. المعلن من إسرائيل ومن كتاب ومحللين سياسيين كثيرين أن هذه الاتفاقية خطرة للغاية وأنها فتحت الباب على مصراعيه أمام أجهزة الحرس الثورى الإيرانى لمواصلة العبث بالمنطقة، مستعينة بالأموال التى ستفرج عنها أمريكا. ولكنى أتصور أن إسرائيل غاضبة لأمر آخر لا أعتقد أنها ستعلنه، وهو أن الاتفاقية حرمتها من ضرب وتدمير أى منشأة نووية تقيمها إيران. لقد فعلتها من قبل عندما ضربت مفاعلا نوويا فى سوريا أقامته إيران. وأعتقد أنها كانت تتمنى لو أن أمريكا والغرب ترك الأجنحة الثورية داخل إيران تواصل نشاطها النووى المزعوم لكى تقوم إسرائيل بتدميره فى الوقت المناسب.
غير أن المتاح لنا الآن هو أن نرصد ردود أفعال الأجنحة الفعالة فى الحكومة الإيرانية، ربما نهتدى بها إلى ما ستحققه هذه الاتفاقية من نجاح أو فشل. فى البداية سنتقابل مع التصريحات المتفائلة للسيد روحانى، رئيس الجمهورية الإيرانية، والتى قال فيها إن إيران ستقوم بتنمية علاقاتها مع دول المنطقة الجارة.. نفهم من ذلك أن إيران ستكف عن إزعاج الدول المجاورة وأنها ستكف عن تصدير الثورة للآخرين، وذلك لكى تحقق الرفاهية لشعبها وذلك بعد أن اتفقت مع أمريكا التى لم تعد شيطانا أعظم بل ملاكا ابن حلال.
بعدها بلحظات أعلن السيد على خامنئى، المرشد الأعلى للجمهورية، أن سياسة إيران فى المنطقة لن تتغير بعد الاتفاقية. يعنى الأذية والعكننة مستمرتان فى المنطقة، وأن أمريكا الشيطان الأعظم مازالت شيطانا ومازالت أعظم..
ثم جاء الدور على طباخ الإزعاج فى إيران وهو الجنرال على جعفرى قائد الحرس الثورى فقال: إن الحرس الثورى يشعر بالقلق نتيجة لهذه الاتفاقية.
الرجل تكلم فقط بعد أن تأكد من الاتجاه الحقيقى للريح فى إيران وهى كلمات المرشد الأعلى التى تتناقض بنسبة 100 % مع تصريحات رئيس الجمهورية. طبعا القارئ فى مصر سيشعر بالدهشة لتصريحات موظف عام فى الدولة يعارض بها تصريحات رئيس الجمهورية. الواقع أن رئيس الجمهورية هناك له رئيس هو المرشد الأعلى. ليتكلم رئيس الجمهورية كما يشاء عن تنمية العلاقات مع دول الجوار، فلا أهمية لكلماته، لأن القول الفصل هو للمرشد الأعلى. وعندما يقول إن سياسة إيران لم تتغير فهو عمليا وواقعيا قام بإصدار قرار باعتبار الاتفاقية لاغية إلى حد العدم وأن ماكينة الأذى والعكننة التابعة لأجهزة الحرس الثورى مستمرة فى الدوران لإفساد حياة الناس فى الشرق الأوسط وأن الشعب الإيرانى عليه أن يستمر فى إيمانه بأن أمريكا هى الشيطان الأعظم. هكذا انشغلت إيران وانشغلنا معها بمراقبة ما يحدث بين هذه الأجنحة المتعارضة والتى تشير بوضوح إلى معارك ستنشب بين هذه الأجنحة. وما تأثير ذلك على الشعب الإيرانى؟..
كل ما يحدث فى المنطقة جدير باهتمامنا لأنه يؤثر علينا بشكل أو آخر. خاصة علاقة إيران بنا وبجيرانها.. عندما تكون إيران دولة طبيعية سيخف التوتر فى المنطقة ونقترب بقوة من الأمن والسلام. وعندما تواصل تسليم حاضر ومستقبل الشعب الإيرانى إلى حرسها الثورى فمعنى ذلك أنها تدفع المنطقة كلها إلى الجحيم.