اسمه كاملاً هو جورجي حبيب زيدان، ونعرفه اختصاراً باسم جورجي زيدان، وهو من أشهر من استلهم التاريخ العربي في مجموعة كبيرة من رواياته وهو فوق هذا مؤرخ وصحفي ومترجم ومازالت دار الهلال الماثلة في شارع المبتديان شاهداً على إنجازه الصحفي التاريخي، وهو مؤسس مجلة الهلال في 1892 ونشر فيها كتبه.
وغير رواياته فإن له كتب تاريخية مهمة منها «العرب قبل الإسلام»،«تاريخ التمدن الإسلامي»، «تاريخ آداب اللغة العربية»، «تراجم مشاهير الشرق»، «تاريخ مصر الحديث» وغيرها، ومن أشهر رواياته التي استلهم فيها التاريخ روايات المملوك الشارد، وأرمانوسة المصرية، وفتاة غسان، وعذراء قريش، وغادة كربلاء، والحجاج بن يوسف، وفتح الأندلس، والعباسة أخت الرشيد، والأمين والمأمون، وأحمد بن طولون، وعبدالرحمن الناصر، وفتاة القيروان، وصلاح الدين الأيوبي، وشجرة الدر، واستبداد المماليك، وجهاد المحبين.
ولد جورجي زيدان في بيروت في 14 ديسمبر 1861 لأسرة مسيحية فقيرة من قرية عين عنب في جبل لبنان، وكان أبوه رجلا أميا يملك مطعماً في ساحة البرج في بيروت يتردد عليه رجال الأدب واللغة وطلاب الكلية الأمريكية وأرسله أبوه لمدرسة متواضعة لتعلم القراءة والكتابة والحساب ليساعده في إدارة المطعم، ثم التحق بمدرسة الشوام فتعلم الفرنسية، ثم التحق بمدرسة مسائية لتعلم الإنجليزية، ثم عمل في مطعم والده إلا أن والدته مريم مطر لم تكن راضية عن ذلك وطلبت من أبوه أن يتعلم صنعة أخرى، فاتجه لتعلم صناعة الأحذية وهو في الثانية عشرة ولمدة عامين لكنه تركها وبدأ ميله للثقافة والأدب برجال الصحافة وأهل الفكر والأدب مثل يعقوب صروف وفارس نمر وإبراهيم اليازجي وسليم البستاني وغيرهم، وكانوا يدعونه لحضور إحتفالات الكلية الأمريكية ثم التحق بالكلية السورية البروتستانتية (الجامعة الأمريكية) لدراسة الطب وتركها بعد عام واتجه لدراسة الصيدله إلا أنه قرر إلا أن هذا كله لم يتوافق مع مايتطلع إليه فرحل لمصر لدراسة الطب،.
ظروفه المادية وطول الدراسة جعلانه يبحث عن عمل، فعمل في تحرير جريدة الزمان التي كان يملكها رجل أرمني الأصل وكانت هذه الجريدة هي الوحيدة في القاهرة بعد أن أوقف الاستعمارالانجليزي صحافة ذلك العهد ثم عمل مترجما في مكتب المخابرات البريطانية بالقاهرة ورافق الحملة الانجليزية التي توجهت للسودان لإنقاذ القائد الإنجليزي «جوردن» من حصار جيش المهدي، وبقي هناك عشرة أشهر عاد بعدها لبيروت في 1885وانضم للمجمع العلمي الشرقي الذي أنشئ في 1882 وتعلم العبرية والسريانية وألف أول كتبه في فلسفة اللغة العربية في 1886 ثم أصدر منه طبعة جديدة منقحة في عام 1904 بعنوان تاريخ اللغة العربية ثم زار إنجلترا وعاد لمصر منقطعاً إلى التأليف والصحافة والترجمة، وأدار مجلة المقتطف واستقال منها بعد أن عمل بها 18 شهرا ثم اشتغل بتدريس اللغة العربية بالمدرسة العبيدية الكبرى لمدة عامين ثم تركها واشترك مع نجيب متري في إنشاء مطبعة إلا أن الشراكه بينهما إنفضت بعد عام واحتفظ زيدان بالمطبعة وأسماها مطبعة الهلال.
وفي1892 أصدر مجلة الهلال وكان يقوم بتحريرها بنفسه ثم ساعده إبنه اميل وصدر العدد الأول منها في 1892، وأصبحت بعد خمس سنوات من أوسع المجلات انتشارا وكان يكتب بها عمالقة الفكر والأدب في مصر والعالم العربي، ورأس تحريرها كبار الأدباء والكتاب مثل أحمد زكي وحسين مؤنس وعلي الراعي والشاعر صالح جودت وغيرهم، وتوفي جورجي زيدان فجأة «زي النهارده» 21 يوليو 1914.
ويقول مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين الأسبق، ورئيس مجلس إدارة دار الهلال، إن جورج زيدان يعد أول من أسس صحافة مصرية متطورة ذات محتوي فكري وكانت مجلته مهمة في تثقيف مصر ولعبت دور في أول جامعة أهلية في مصر وكانت عنصر مهم في التعليم، وكان يدعو إلى تعليم المراة وخدامات المواطنين وهو ممن أسسوا للصحافة العميقة وكانت أول مجلة مصورة مصورة وأستطاع بها أن يصنع مدرسة متنوعة فضلا عن كونه أديبا رائدا في مجال الرواية التاريخية