الكونغو تسد عجز الطعام بـ«تربية الحشرات»

كتب: رويترز الإثنين 20-07-2015 14:43

لا تعاني سوق جامبيلا بكينشاسا عاصمة الكونغوالديمقراطية من نقص في مصادر البروتين بدءا من الأبقار والظبيان حتى الثعابين.. لكنك تجد آنية الطهي ذات اللونين الأزرق والفضي -التي تزخر بالصراصير والنمل الأبيض الكبير وتعج بديدان الأرض التي تتلوى- هي التجارة الرائجة هناك.

يأمل الخبراء بان يكون عشق أهالي الكونجو لأكل الحشرات المشوية هو مفتاح سد الفجوة الغذائية المنتشرة بين سكان البلاد البالغ عددهم نحو 65 مليونا من خلال ترسيخ عادة أكل الحشرات المتجذرة بين الناس منذ ألف عام، يقول برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن ستة ملايين ونصف مليون نسمة في الكونجو يعانون من مخاطر انعدام الأمن الغذائي ويعزى ذلك بدرجة كبيرة إلى تناقص الانتاجية الزراعية واستمرار العنف في شرق البلاد المضطرب.

وأكل الحشرات -التي راجت في الآونة بغرب البلاد- من الأطباق الشعبية الشهية في الكونجو حيث تقدم الحشرات المشوية في الحانات إلى جانب المشروبات الروحية أو في المناسبات الخاصة وذلك بعد خلطها بالفلفل الحار والليمون والبصل، وقالت «ماري-كوليت بينا» التي تبيع الملبوسات في سوق جامبيلا «إنها الوجبة الرئيسية لسكان الكونجو. وانني فخورة بتناول هذا الطعام».

تقول دراسة أجرتها الأمم المتحدة إن متوسط الاستهلاك المنزلي في العاصمة كينشاسا من اليرقات والديدان يصل إلى نحو 300 جرام في الاسبوع لكن امدادات الحشرات تتوافر بصورة موسمية وهي عادة أعلى سعرا من أنواع الطعام الأخرى، ففي العاصمة كينشاسا يصل سعر الكيلوجرام الواحد من الصراصير إلى نحو 50 دولارا أي أعلى من سعر الكيلوجرام من اللحم البقري بأكثر من الضعف.

وتسعى وزارة البيئة في الكونجو ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة لاستغلال غرام سكان الكونجو بهذه الوجبات المحببة من خلال وضع برامج لتكثيف تربية الحشرات وتوفيرها على نطاق واسع مع خفض أسعارها، وتتضمن البرامج التي تنطلق في اكتوبر تشرين الأول المقبل تدريب ألفي شخص -معظمهم من النسوة- في غرب البلاد على تربية ديدان الأرض والصراصير فيما قال لوران كيكيبا المشرف على هذه البرامج بالنيابة عن منظمة الأغذية والزراعة إنها البرامج الرائدة والأولى من نوعها في العالم.

وسيجري إنشاء مركز قومي للنهوض بتربية الحشرات فيما ستتعاون منظمة الأغذية والزراعة مع الحكومة لصياغة الأسس القانونية لتنظيم هذا القطاع، وفيما تشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة إلى ان أبناء الكونجو يستهلكون 14 ألف طن من هذه الحشرات سنويا قال كيكيبا إنه لا توجد مزارع متخصصة في هذا المجال لتحقيق أهداف البرامج وانه يجري جمع الحشرات من خلال قطع الأشجار والتنقيب عنها في باطن التربة.

وقال كيكيبا إن تربية هذه الحشرات على مدى عام كامل قد تضاعف من أعدادها بصورة كبيرة فيما يتباين الانتاج حاليا حسب المواسم ويقتصر على أنواع بعينها من الحشرات، فيما قال بول مونزامبي أستاذ علوم المحاصيل بالجامعة الوطنية في كينشاسا الذي يتعاون مع هذه البرامج «إنه الطعام النموذجي من أجل محاربة سوء التغذية». وأضاف «إن الازمة مستحكمة لدرجة انه يتعين علينا التفكير الآن في جميع السبل الممكنة».

وفي تقرير نشرته منظمة الأغذية والزراعة عام 2013 أشادت بتربية الحشرات بوصفها أداة عملية وصديقة للبيئة لزيادة انتاج الغذاء فيما تسعى الكميات المعروضة منها حثيثا لمواكبة الزيادة العالمية في أعداد السكان.

وقال التقرير إن الحشرات تتميز بتوافرها وولع السكان بها كمصدر للغذاء كما انها تحتوي على كميات عالية من البروتين والدهون والفيتامينات والألياف والمعادن فيما لا تحتاج الحشرات إلا للنزر اليسير من الغذاء كما انها تحتوي على كميات كبيرة من اللحوم للكيلوجرام الواحد بالنسبة إلى مصادر البروتين الأخرى.

وأضاف التقرير أنه يمكن تربية الحشرات في أي حيز مغلق دونما حاجة لتوظيف استثمارات ضخمة من رأس المال كما ان هذه البرامج تذلل القيود التي تحول دون مشاركة المرأة التي تسعى جاهدة لنيل نصيبها في سوق امتلاك الاراضي والحصول على المبالغ الائتمانية.

ويتعين البدء في أقرب وقت في هذه المشروعات لزيادة الانتاج وخفض الأسعار ما يتيح لسكان الكونجو استهلاك المزيد من أطباقهم المفضلة. وهذا كلام محبب الوقع على آذان مونزامبي إذ قال ضاحكا «إنني من كبار مستهلكي هذه الأطباق. لا يمر اسبوع دون ان أتناولها».