يشكل الاتفاق حول الملف النووي الايراني الذي ساهمت روسيا في التوصل اليه من خلال مفاوضات ماراتونية دفعا دبلوماسيا لموسكو سيساهم في تنشيط المبادلات التجارية مع طهران غير انه قد يشكل ضغطا على عائدات الطاقة التي تحتاج اليها روسيا، برأي محللين.
وتوصلت ايران ودول مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والمانيا) إلى اتفاق الثلاثاء يفرض قيودا على برنامج طهران النووي لضمان عدم استخدامه لاهداف عسكرية، لقاء رفع العقوبات الاقتصادية تدريجيا عن طهران.
ولعبت موسكو بصفتها حليفة لايران دورا محوريا في التوصل إلى الاتفاق ويقول بعض الخبراء ان هذا قد يساهم في تحسين صورة روسيا على الساحة الدولية بعدما تراجع موقعها بسبب الازمة في اوكرانيا.
واثنى الرئيس الاميركي باراك اوباما صراحة على المساعدة التي قدمها نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في اشارة حسن نية نادرة بين الرئيسين اللذين يخوضان خلافا على خلفية اتهام روسيا بالتدخل في اوكرانيا المجاورة.
وقال سيرغي سيريغيشيف خبير الشرق الاوسط في جامعة روسيا الرسمية للعلوم الانسانية ان «الانتصار الاكبر لروسيا في هذا الاتفاق هو على صعيد مكانتها».
واوضح «من الذي جعل ايران تتوصل إلى توافق مع الولايات المتحدة؟ انها روسيا. لولا روسيا، لما كان هناك اتفاق».
وحين ترفع العقوبات عن ايران، فان روسيا التي تواجه هي نفسها صعوبات اقتصادية ناتجة في جزء منها عن عقوبات غربية مفروضة عليها بسبب اوكرانيا، ستكون على الارجح في طليعة الذين سيوقعون مع طهران عقودا تنطوي على ارباح طائلة في قطاعات اساسية مثل الطاقة والمواصلات.
وقال اندري باكليتسكي مدير برنامج منع انتشار الاسلحة النووية في مركز روسيا للدراسات السياسية انه «سيتحتم على ايران تطوير القطاعات التي عانت من العقوبات».
واضاف ان طهران «ستحتاج إلى ان تاتي شركات اجنبية وتستثمر في البلاد. والشركات الروسية مثل شركة الخطوط الجوية الروسية ولوكويل (النفطية) تتطلع إلى المشاركة في ذلك».
وكان رئيس شركة لوكويل العملاقة للنفط فاجيت اليكبيروف اعلن في ابريل ان شركته تريد العودة إلى ايران ما ان ترفع العقوبات عنها. كما اعرب العديد من الشركات النفطية الغربية عن اهتمام مماثل.
ويتوقع الخبراء ان تتولى روسيا دورا رئيسيا في تطوير قطاع الطاقة النووية المدنية في ايران واعلن الكرملين بهذا الصدد ان الاتفاق سيساعد على تنفيذ «مشاريع واسعة النطاق على صعيد التعاون النووي السلمي» بين البلدين.
وساهمت شركة روساتوم العامة للطاقة الذرية في بناء مفاعل بوشهر النووي الايراني وتخطط لبناء مفاعلات أخرى في هذا البلد.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف دعا خلال المفاوضات إلى رفع فوري لحظر الاسلحة المفروض على ايران. وبالرغم من ان الاتفاق ينص على بقاء هذا الحظر مفروضا لخمس سنوات اضافية، فان لافروف قال انه من الممكن رغم ذلك استئناف صادرات الاسلحة إلى هذا البلد بموافقة مجلس الامن الدولي.
وفي ابريل رفعت روسيا حظرا كانت فرضته بنفسها على بيع ايران انظمة صواريخ من طراز اس 300. وقال احد المستشارين في الكرملين الشهر الماضي ان روسيا وايران تعدان عقدا لتسليم انظمة الدفاع الجوي من غير ان يرد أي تعليق رسمي على كيفية تاثير الاتفاق مع ايران على هذه الخطط.
وقال سيريغيشيف «ستكون هناك منافسة ضارية على قطاع صناعة الطاقة في ايران، ولاحقا على قطاع صناعة الاسلحة»، مضيفا «اعتقد ان روسيا ستركز اكثر على قطاع الطاقة بسبب خبرتها الدولية الواسعة في هذا المجال».
غير ان عودة ايران إلى سوق الطاقة الدولية قد تحد من الفوائد المرتقبة لروسيا حيث يقول محللون ان ذلك قد يؤدي إلى تراجع اسعار النفط وقد يحد من امدادات روسيا لاوروبا.
وقال سميون باغداساروف خبير الشرق الاوسط في مركز الابحاث التحليلية الذي يتخد موسكو مقرا ان «ايران متعطشة لمعاودة تصدير النفط إلى اوروبا» موضحا ان «لاعبا هاما سيعود إلى السوق وستزداد المنافسة».
وكان التراجع الحاد في اسعار النفط بين يونيو 2014 ويناير من العوامل الرئيسية التي ادت إلى الانكماش في روسيا وشددت الضغوط على مالية الدولة.
ويرى مصرف غولدمان ساكس الأمريكي ان عودة ايران إلى السوق النفطية بعد المصادقة على الاتفاق في مجلس الامن الدولي والكونجرس الأمريكي ومجلس الشورى الايراني، قد تؤدي إلى انخفاض الاسعار.
غير ان محللين اخرين يقولون ان التراجع المتوقع في اسعار النفط لن يكون كارثيا نظرا إلى اهتمام ايران العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط اوبك في الحفاظ على اسعار النفط في السوق العالمية.
وقال سيريغيشيف ان «ايران لها مصلحة في الحصول على ما امكنها من عائدات جراء رفع العقوبات، ولا يزال من الممكن التوصل إلى توافق على الاسعار لتفادي انهيار السوق».
كما يرى المحللون ان عودة صادرات النفط الايراني إلى سوق عالمية تعاني من فائض في التموين قد لا تكون فورية وان ايران قد لا تستانف التصدير قبل العام المقبل.