اغتالوا رئيس الوزراء أحمد ماهر باشا

كتب: ماهر حسن الأحد 19-07-2015 11:41

هذا حادث اغتيال درامى لرجل ظل طوال حياته السياسية مثيراً للجدل أحمد ماهر باشا، الوفدى العريق، الذى انضم إلى الأجهزة «السرية»، واتهم بتشكيل «جماعة اغتيالات» ثم كلفه الملك فاروق، بعد ذلك بتشكيل وزارة، تألفت من السعديين والأحرار الدستوريين والحزب الوطنى والكتلة الوفدية، إلى أن لقى مصرعه فى البهو الفرعونى بمجلس النواب متأثراً بإصابته بعد إطلاق الرصاص عليه.

وكان الملك فاروق فى أكتوبر١٩٤٤ قد كلف أحمد ماهر باشا بتشكيل الوزارة التى تألفت من السعديين والأحرار الدستوريين والحزب الوطنى والكتلة الوفدية، وخرج مكرم عبيد من السجن ليأتى وزيراً تحت رئاسة خصمه القديم، ثم أتت وزارة أحمد ماهر الثانية فى ١٥ فبراير عام ١٩٤٥ لتواجه إشكالية إعلان الحرب على المحور للاشتراك فى مؤتمر سان فرانسيسكو وكان ماهر بعد توليه الوزارة، قد دعا إلى انتخابات جديدة عارض أن يترشح فيها أعضاء الإخوان المسلمين، بعدما استصدر فتوى ضدهم وسقط جميع أعضاء الإخوان فى تلك الانتخابات التى اعتبرت غير عادلة على نطاق واسع ثم أعلن ماهر الحرب على دول المحور فى الحرب العالمية الثانية التى كانت تضع أوزارها، وذلك للمشاركة فى الغنائم الدبلوماسية فى نهاية تلك الحرب فوراً بعد توقيعه قرار الحرب ويوم السبت ٢٤ فبراير ١٩٤٥عقد البرلمان المصرى جلسته الشهيرة لتقرير إعلان الحرب على المحور والوقوف بجانب الحلفاء وانضمام مصر للأمم المتحدة، ومع ارتفاع حدة المعارضة بين مؤيد للمحور ومساند للحلفاء أضطر أحمد ماهر إلى عقد جلسة سرية مع مجلس النواب شرح لهم فيها المكاسب التى ستحصل عليها مصرفى حال الإعلان الرسمى للحرب ضد المحور ودعم الحلفاء وأخيرا اقتنع النواب بما أوضحه أحمد ماهر لهم من بيانات وحجج وأسانيد، وأستطاع أن يحصل على تأييد شبه جماعى لإعلان الحرب على المحور وبعد الحصول على الموافقة الرسمية للبرلمان قرر ماهر التوجه مباشرة إلى مجلس الشيوخ لطرح حجته عليهم وأثناء مروره بالبهو الفرعونى قام شاب يدعى محمود العيسوى بإطلاق النار عليه وقتله فى الحال، حيث قرر الإخوان الانتقام من أحمد ماهر بعد سقوط «البنا» فى انتخابات الدائرة بالإسماعيلية وكان العيسوى من أكثر المتحمسين لمسألة الاغتيال وبعد الحادث ألقى القبض على حسن البنا وأحمد السكرى وعبد الحكيم عابدين وآخرين من جماعة الإخوان المسلمين والذى قيل إن العيسوى عضواً فيها، وبعد أيام تم الإفراج عنهم بعد ما قال العيسوى إنه ينتمى للحزب الوطنى وبعد الإفراج عن قيادات الجماعة لم يذكرأى أحد منهم علاقته بالعيسوى ولكن فى سنوات لاحقة ثبتت علاقة الجماعة بالعيسوى، ومنها شهادة الشيخ أحمد حسن الباقورى فى مذكراته الشخصية والتى حملت اسم «بقايا ذكريات» حيث يقول: «وأما النظام الخاص فلم يكن المنتسبون إليه معروفين إلا فى دائرة ضيقة وقد كان لهؤلاء اجتماعاتهم الخاصة بهم، وربما كانوا يعملون فى جهات مختلفة يجهل بعضها بعضا جهلاً شديداً ومن سوء حظ الدعوة أن هذا النظام الخاص رأى أن ينتقم لإسقاط المرشد فى الانتخابات بدائرة الإسماعيلية وكان من أشد المتحمسين لفكرة الانتقام محام شاب يتمرن على المحاماة فى مكتب الأستاذ عبدالمقصود متولى، الذى كان علما من أعلام الحزب الوطنى وهذا المحامى الشاب هو محمود العيسوى فما أعلنت حكومة الدكتور أحمد ماهرباشا الحرب على دول المحور لكى تتمكن مصر – بهذا الإعلان– من أن تمثل فى مؤتمر الصلح إذا انتصرت الديمقراطية على النازية والفاشية رأى النظام الخاص أن هذه فرصة سنحت للانتقام من رئيس الحكومة، ووجه محمود العيسوى إلى الاعتداء على المرحوم أحمد ماهر باشا، فاعتدى عليه فى البرلمان بطلقات سلبته حياته التى وهبها لمصر منذ عرف الوطنية رحمه الله رحمة واسعة» وفى الوقت نفسه كان العيسوى قد أقر عند القبض عليه أنه ينتمى للحزب الوطنى المعارض وأنه أقدم على فعلته ليمنع قرار دخول مصر الحرب مع بريطانيا وتؤكد مصادر أخرى أن العيسوى كان محاميا متدربا فى مكتب عبد الرحمن الرافعى وما إن ألقى أحمد ماهر بيانه أمام مجلس النواب وهمَّ بالانتقال إلى مجلس الشيوخ، فى البهو الفرعونى حتى تقدم منه محمود العيسوى (28 سنة)، المحامى فى مكتب عبدالرحمن الرافعى، وأطلق الرصاص عليه فمات على الفور، وفى كتابه «حقيقة التنظيم الخاص» يذكرمحمود الصباغ والذى كان واحداً من رجال التنظيم الخاص أن أحمد ماهر كان خائناً ولا يختلف على ذلك اثنان- على حد تعبيره- ولكن الإخوان لم يجيزوا قتله ولم يمنعهم هذا من دراسة وتحضير خطة لاغتياله حتى يقوموا بها إذا تطورت الأمور، وذكر الصباغ أنه هو شخصياً كان القائم بهذه الدراسة.