العيد في محيط القنصلية الإيطالية: حزن وهدوء و«إخلاء جماعي» للسكان

كتب: آيات الحبال الجمعة 17-07-2015 21:54

اعتاد محمد حسين ذو العشرين عاماً على قضاء وقته مع أصدقائه عقب صلاة العيد من كل عام، لكنه قضى اليوم الأول من عيد الفطر هذه المرة فى حمل أثاث بيته على إحدى عربات النقل الواقفة على مدخل شارع شركس الواقع بمنطقة بولاق أبوالعلا، تمهيداً لمغادرة المكان.

«مفيش عيد السنة دى، إحنا بنعزل لأن البيت بيقع وحد من الأهالى عملَّنا سقالات عشان ميقعش، وإحنا قررنا نمشى لحد إما نشوف حل فى البيت ده». يقولها محمد وهو يواصل رفع المنقولات فوق العربة، بعد أقل من أسبوع من تفجير القنصلية الإيطالية الملاصقة لحى «بولاق أبوالعلا» على يد تنظيم الدولة الإسلامية. «إحنا من يوم التفجير بنام فى الشارع خايفين لا البيت يقع علينا، وآدينا هنقضى العيد فى العزال لحد إما أعمال الترميم اللى وعدونا بيها تخلص».

أجواء العيد فى الحى كانت مختلفة هذا العام، غاب صخب الأطفال والشباب مع استيقاظ أهالى الحى على مشهد عربات الأمن المركزى التى انتشرت فى شارعى الجمال وشركس الواقعين خلف مبنى القنصلية الإيطالية. وتزامن ذلك مع خروج السكان من صلاة العيد. وفوجئ الأهالى بالانتشار المكثف لقوات الأمن، وبعدد كبير من السيارات الفارهة المميزة لمواكب المسؤولين، قادما لمنطقتهم المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء والدكتور جلال السعيد، محافظ القاهرة، فى زيارة لأهالى المنطقة، وذلك للإعلان عن بدء أعمال ترميم المنازل التى تأثرت من أحداث تفجير القنصلية الإيطالية.

وأعلن رئيس الوزراء، إبراهيم محلب، عن تكليفه لرئيس شركة «المقاولون العرب» بإرسال فرق عمل لبدء ترميم المنازل المجاورة لمقر القنصلية الإيطالية بوسط القاهرة، والتى تأثرت بحادث التفجير الذى وقع مطلع الأسبوع السابق. ووفقا لأهالى المنطقة فإن العمل على ترميم المنازل بدأ من مساء أمس الأول، حيث قام عدد من العاملين بتركيب سقالات ومعاينة المنازل التى تأثرت بالتفجير.

منال السيد، 21 عاما، تسكن فى واحد من النازل التى بدأت المقاولون العرب فى ترميمها، تقول: «الساعة 8 بعد صلاة العيد جاء رئيس الوزراء إبراهيم محلب، واتكلم مع الأهالى ووعدنا بأن أعمال الترميم هتبدأ من يوم السبت، وأدانا فرصة أيام العيد إننا نشيل العفش وننقل لمكان تانى لحد أما يخلص ترميم البيوت من الداخل، ولكن مدناش معاد محدد لانتهاء أعمال الترميم».

ترى منال ووالدها أن عملية الترميم هذه هى أفضل ما حدث لسكان المنطقة، وذلك لأن المحافظة كانت تسعى إلى إخراج سكان منطقة مثلث ماسبيرو من منازلهم وإعطائهم منازل بديلة فى مدينة 6 أكتوبر. قالت عنها منال «إحنا اتولدنا هنا وبنرفض إننا نروح أكتوبر لأنها بعيد ممكن يودونا مساكن قريبة، ولكن أكتوبر صعب جدا وبعيدة، وبالترميم إحنا هنضمن إننا نفضل فى مكانّا مش هنمشى».

عند مدخل شارع شركس رفع السكان لافتات الشكر المهندس إبراهيم محلب على ترميم المنازل بمنطقة بولاق أبوالعلا، لكنهم طالبوا بسرعة الترميم وعدم نقلهم إلى أى مكان أخر، حيث افترشت سعيدة عبدالمنعم وأبناؤها حصيرة على مدخل منزلها بشارع ظهر الجمال، وقرروا عدم مغادرة الشارع وقضاء أيام العيد فى الشارع فى انتظار البدء فى أعمال الترميم.

تقول سعيدة عبدالمنعم: «السنة دى مفيش عيد عندنا، إحنا بيوتنا راحت. لما حصل التفجير كنا بنعمل الكحك، وسايبينه بعد ما خبزناه فوق مع العفش اللى وقع. العيد السنة دى هنقضية فى الشارع مستنيين الترميم ومش هنمشى غير لما نشوف الترميم بعنينا».

أما محمود سعيد، ففسر حالة الهدوء التى سادت المنطقة فى أول أيام العيد، بأن هناك عددا كبيرا من السكان غادر بسبب خوفهم من البقاء فى بيوتهم، بعد أن تهشمت النوافذ والواجهات. كما أن معظم المحال مغلقة بسبب تحطم الواجهات. وأكد أن الجميع مشغول فى البحث عن مكان آخر للسكن حتى الانتهاء من أعمال الترميم، يقول: «الحى متحركش إلا لما جه محلب، قبل كدة مكنش فى أى اهتمام ولا أعلنوا عن تعويضات للسكان. كل اللى قاله رئيس الحى أن التعويضات 350 جنيها فقط لايجار بيت آخر حتى ترميم البيوت. ده مبلغ ميكفيش أى حاجه».

تعرضت عشرات المنازل لمنطقة بولاق أبوالعلا للتصدع عقب انفجار سيارة ملغومة مطلع الأسبوع الماضى أمام القنصلية الإيطالية فى شارع الجلاء بوسط القاهرة، ما أدى إلى مقتل شخص واحد وإصابة عشرة أشخاص آخرين، وإلحاق أضرار جسيمة بمبنى القنصلية وعدد من المبانى المجاورة له.

وكلف رئيس الوزراء مركز بحوث الإسكان والبناء بإجراء معاينات لمبنى القنصلية لإعادته لما كان عليه، والتأكد من سلامة الحالة الإنشائية للمبانى والعقارات المجاورة له.