قرأت الحوار المهم، الذى أجراه الزملاء الأساتذة محمود مسلم، ويسرى البدرى، ومحمود رمزى، مع المستشار عزت خميس، رئيس لجنة حصر وإدارة أموال الإخوان.
الحوار كان منشوراً على صفحتين كاملتين فى «المصرى اليوم»، صباح أمس، ومن جانبى أدعو كل مهتم لأن يعود إليه، ليرى، من خلال كلمات دقيقة على لسان رجل مسؤول، كيف كانت الجماعة الإخوانية تفكر، على المستوى الاقتصادى بالذات، ثم كيف كانت تتصرف بطريقة اقتصادية شيطانية فى أنحاء البلد!
ولابد أن كل معجب باللاعب محمد أبوتريكة سوف يخرج من الحوار حزيناً للغاية عليه، لأنه عندما كان عليه أن يختار بين مصر، وبين «الجماعة»، فإنه اختار الأخيرة، وكأنه حين كان يستحوذ على إعجابنا فى الملاعب، كان يخدعنا، وكان يلعب لها، كجماعة، ولحسابها، وليس لنا كمصريين متجردين يتصورون أن واحداً فى مكانه لابد أن يتجرد من أى انحياز، لأى جماعة، خصوصاً هذه الجماعة، وأن تعلو مصريته على كل ما عداها.
وإذا كان هذا هو ما أحزننى على اللاعب الذى لايزال يصمم على أن يبدد أى إعجاب به لدى أى مشجع كرة بيننا، فإن ما أدهشنى حقاً أن يكون حجم الأموال الإخوانية السائلة، التى تحفظت عليها اللجنة، فى حدود 600 مليون جنيه فقط.
إنه مبلغ تافه، على حد تعبير المستشار خميس فى الحوار، إذا ما قارنت، أنت، بينه وبين حجم النشاط الاقتصادى للإخوان فى المجتمع، ولكن المستشار خميس يفسر ضآلة المبلغ بأن «الجماعة»، فى العادة، كانت تطلق أموالها فى طول البلد وعرضه، وكانت تفعل ذلك من خلال أنشطة استهلاكية سريعة الربح، وكانت تفضل ألا تحتفظ بأموالها فى البنوك، إلا نادراً!
وسوف يدهشك أن تسمع من رئيس اللجنة أن حسن مالك أقوى من خيرت الشاطر اقتصادياً، وهى معلومة تجعلنا نسأل: أين «مالك» هذا الآن.. وماذا يفعل بفلوسه، وفى أى اتجاه بالضبط يحركها؟!
لقد أجاب الحوار على أسئلة كثيرة جداً، أظن أنها كانت تشغل بال مصريين بلا حصر، ثم أجاب، بالنسبة لى، على سؤال كان محيراً عندى وكان موضوعاً للتناول فى هذا المكان، أكثر من مرة.. السؤال هو: متى يدفع الإخوان، من جيوبهم، ثمن تخريبهم فى المجتمع؟
للإجابة عليه، قال رئيس اللجنة إن كل متضرر من تخريب وعنف الجماعة سوف يجرى تعويضه من أموالها مباشرة، إذا حصل على حكم بالتعويض يكون باتاً ونهائياً، وهو ما جرى مع المحامى الذى تم تعذيبه فى ميدان التحرير على يد أحمد منصور ومحمود الخضيرى.
هذا بالنسبة للأفراد.. ولكن ماذا عن المال العام يا سيادة المستشار؟!.. ماذا عن أبراج ومحولات الكهرباء - مثلاً - والتى بلغ حجم الإضرار بها، خلال عام واحد، 350 مليون جنيه، وفق تقرير صادر عن الوزارة؟!
أدعو المستشار خميس إلى أن يفكر، مع الذين يعنيهم الأمر فى الدولة، فى طريقة يجرى بها تعويض الخزانة العامة، على كل ما يمكن أن يصيبها على أيدى الإخوان، ولن يكون ذلك تعويضاً لها عن كل أضرار تلحق بالمال العام، وفقط.. وإنما الرسالة الأهم عندئذ أن كل ضرر يصيب مالاً عاماً، أو خاصاً، على يد إخوانى، سوف يكون تعويضه من جيب الإخوانى ذاته، لا من خزانة الدولة التى تنوء بالأعباء، لأن القاعدة الثابتة تقول إن مَنْ أفسد شيئاً فإن عليه إصلاحه، وقد زاد فساد الإخوان حتى فاض فى البر والبحر!