لا شأن لي اليوم بشؤون السياسة، وحوادث الإرهاب. اليوم راحة.. دعوة للتهدئة، تذكرة لزيارة النفس، والتماس الدعم من خالقها، فالليلة قد تكون ليلة القدر، فتعالوا نلتمس فيها المدد، ونتزود بالصبر، ونتعشم خيرا من فضل الكريم، وندعو باللسان والقلب، لعل الدعاء يصادف ساعة استجابة في هذه الأيام المباركة:
اللهم لا تكسر لي ظهراً، ولا تصعب لي حاجة، ولا تعظم علي أمراً
اللهم لا تحني لي قامة، ولا تكشف لي ستراً، ولا تفضح لي سراً
اللهم إن عصيتك جهراً فأغفر لي، وإن عصيتك سراً فأسترني
اللهم لا تمكن مني حاسد، ولا تفرح أعدائي بسقوطي
اللهم أغنني بحلالك عن حرامك، وبخشيتك عن عصيانك
اللهم إن ضاقت علي الارض بما رحبت، فأغثني برحمتك
اللهم أنصرني على النفس الامارة بالسوء
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همي، ولا مبلغ علمي
اللهم لا تجعل مصيبتي في ديني
اللهم اجعلني من "الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنـا إليه راجعون"
ما أعظم هذه الآية في هذه الظروف الصعبة التي نعيشها، وما أجملها من حكمة وبشارة للقلوب الملتاعة، والأهل الذين فقدوا ذويهم في حادث إرهاب أو في أي مصاب.
بسم الله الرحمن الرحيم: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ.
أخشى على قلوبنا من السواد، وعلى عقولنا من العناد، وعلى مستقبلنا من القنوط، وعلى موتانا من كثرة العويل واللطم، فتأملوا كلام الله عز وجل، واستغفروا، واقرأوا القرآن وتدبروا المعنى والحكمة "أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هـذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير"، وفي سورة الحديد "ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير"، وفي سورة الشورى "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير"، وفي سورة التوبة "إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون"
في هذه المرحلة الصعبة تختبرنا المصائب والمصاعب، وعلينا أن نواجهها بالصبر والاحتساب، ورد الكيد، ومحاربة الإهمال، دون جزع أو قنوط، نرضى من الله بما شاء وقَدَّر، ونواجه تقصيرات البشر بغية الإصلاح، فمن ابتغى شيئا من الحق ومن العلم فليبتغ به وجه الحق العليم جل علاه، وما ترك عبدٌ شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه، ومن ابتغى أمراً بمعصية، كان أبعد مما رجا وأقرب مما اتقى.
فيا أهالي الشهداء احتسبوا، واعتبروا، واستأمنوا الله ودائعكم، فهي عند الله أكرم، واستعينوا على ألم الفراق بالصبر والصلاة، غفر الله للراحلين والمقيمين، ورحمهم ورحمنا.
اللهم لا اعتراض على ما قدرت ورضيت، فارحم اللهم من أخذت، واشف كل مصاب، والطف بقلوب الأمهات الثكلى والأهل المكلومين.
اللهم آمين