الله الذى يقاتل سامى العدل

إبراهيم الجارحي الأحد 12-07-2015 21:43

وكما نزل سيدنا جبريل من السماء ليطوف باعتصام رابعة ويؤازر المؤمنين برسالة محمد بن بديع ويشد على سواعدهم، وكما صلى النبى صلى الله عليه وسلم مأموما بمحمد مرسى لا إماما عليه وعلى عشيرته يقينا بشرعيته الأرضية والسماوية، تنازل الله من عليائه ليقتل للإخوان عدوهم اللدود سامى العدل.

هكذا جاءت خلاصة تعليقات الإخوان الشامتة على وفاة سامى العدل على أنها انتقام إلهى من موقفه السياسى من حكم الإخوان، وتأييده للإطاحة بهم.. هكذا اعتبروا أن الله كان له سهم فى تحزبهم، وأنه قتل لهم عدوهم ولا بد أنه الآن يحاسبه على دعمه للسيسى وانقلابه الذى يترنح تحت دعوات الإخوان وتحت لعناتهم التى يستمطرونها من السماء على رأس أنصاره الذين سيكون مأواهم النار حسب إملاء مكتب الإرشاد.

يريد الإخوان أن يقنعوا الجميع بأن الله جل جلاله يحارب فى صف الإخوان أحيانا، وأنه يحارب نيابة عنهم أحيانا أخرى، فالله مع الإخوان لا مع أحد غيرهم، وهو ربهم الملاكى المأمور بعقيدتهم السياسية قبل الدينية، وهو الذى ينفذ أوامرهم ونواهيهم لا العكس.. يريد الإخوان أن يقنعوا الجميع بأن الله كادر من كوادرهم وأنه يحيى ويميت بأمرهم، ويحول الموت من آية للاعتبار إلى مجرد اغتيال سياسى رخيص لرجل أنهكته الجلطة!

هذا وجه واحد فقط من أوجه السقم العقيدى لجماعة الإخوان، وهو أكثر من الشماتة بخطوة فى عمق الضلال عما يظن بعضنا، فالشماتة عطب نفسى عابر، أما ما يعلنه الإخوان عقب كل وفاة طبيعية لخصم لهم فهو ممارسة لفهم عقيدى يسيس الإرادة الإلهية، ويلحقها بعمل انتقامى ظنى لما حدث لهم فى ميدان رابعة.

الله يميت الصالح ويحيى الطالح كما يميت الطالح ويحيى الصالح، ويهلك بأمره كل شىء هو فى خلقته الأصلية فإن لا دوام له، وهو الحى الذى لا يموت، ويحكم ملكه بأمره وحكمته المنفردة، وهذا أصل من أصول الفهم البسيط لعقيدة التوحيد التى يؤمن بها المسلمون عمومهم وإخوانهم افتراضا.

كما أن الله أكبر.. هو أكبر مطلقا لا مقارنة ولا نسبيا.. هو أكبر من كراهة الإخوان لسامى العدل وغيرهم من أنصار الإطاحة بالإخوان، وهو أكبر من الائتمار بدعوات الإعدام التى يصدرها الإخوان على خصومهم، ويظنون فى أقدار الله ظن التبعية التى نزه نفسه عنها ووصفها بالشرك.

وتؤشر هذه الظاهرة على البارانويا الجماعية التى أصابت الإخوان بمجرد صعودهم إلى سدة الحكم، ووصلت إلى ذروتها بعد سقوطهم السريع عن هذه السدة.. فالظاهر هو أن الجماعة التى أصابها الحكم بالغرور والعمى عن أى شىء غيرهم قد أصيبت بغرور أشد ضراوة بعد سقوطها، وهو سلوك إنسانى متوقع.

هل سبق أن لاحظت شخصا ما بعد وقوعه على الأرض عفوا؟ هل لاحظت كيف يسارع إلى الوقوف وكيف يفتعل فى مظهره وحركته أنه سليم وأنه لم يقع أصلا؟ هذا بالتحديد هو ما أصاب الإخوان بشكل جماعى.. لقد قاموا من سقطتهم بسرعة وأنكروا الوجيعة وساروا على وتيرة أكثر من الغباء كأنهم يريدون أن يقنعوا المشاهدين أنهم لم يقعوا.

هل تتصور أن الإخوان فكروا للحظة أن الله أسقطهم؟ لا أظن ذلك.. لن يعتبروا سقوطهم قدرا من أقدار الله التى تجرى على الناس من غير الإخوان، وأقصى ما يمكن هو أن يتصوروه هو أن الله أسقطهم امتحانا لقوة إيمانهم، وليكشف لهم الأقنعة ويفضح لهم المؤامرات، وهو تصور يتجلى بتأكيد فاجر فى تعليقاتهم التى تنتشر فى كل مناسبة على السوشيال ميديا كبقع الجدرى.

لقد تمكن الغرور من الجماعة، وأصاب عقيدتهم الدينية بعوار الفهم وسقم الإيمان، واتحد مع غبائها ليصنعا معا الخلطة القاتلة لأى اتجاه سياسى عرفه التاريخ وعرف هاتين الآفتين معا.