من حق فاروق جعفر.. وأى إنسان آخر.. أن يقول ما يشاء ويروى القصص ويخترع ما يستهويه من قصص وحكايات.. لكنه يبقى مثيرا للخجل والاستياء والحزن أن يصبح الناس هكذا فجأة على استعداد لتصديق أى شىء والسير وراء أى أحد وأى حكاية.. فالصديق العزيز فاروق جعفر قال، فى تصريحات نشرها موقع «فى الجول» الرصين، إنه كان لاعبا فى الزمالك فى موسم 77/ 1978.. وقبل لقاء القمة بين الناديين الكبيرين.. فوجئ اللاعبون برئيس الحكومة المصرية وقتها.. الراحل ممدوح سالم.. يدخل غرفة خلع الملابس، وقد جاء معه لاعبو الأهلى أيضا، وطالب رئيس الحكومة الجميع أو أمرهم بأن تنتهى المباراة بالتعادل.. وقال رئيس الحكومة أيضا- كما حكى فاروق جعفر- إن الحكومة لا تريد أن يذهب أى جمهور الليلة إلى البيت حزينا وغاضبا.. وأكمل فاروق جعفر حكايته، شارحا كيف سارت المباراة، حيث كان لاعبو كل فريق يتناقلون الكرة فى نصف ملعبهم، ثم يمررونها للفريق الآخر.. وانتهت المباراة دون أى تسديدة أو كرة عرضية أو أى شىء أصلا.. ولم تكن المشكلة هى حكاية فاروق جعفر غير الحقيقية، إنما كانت استجابة الكثيرين..
إعلاميون تناقلوا تلك الحكاية وكأنها سبق إعلامى وقراءة جديدة للتاريخ الكروى فى مصر وسر جديد من كتاب لقاءات القمة.. وعشاق للزمالك والأهلى أعجبتهم تلك الحكاية التى رأوها تصلح لحواديت جديدة وتفاسير جديدة أيضا للتاريخ.. ولكل هؤلاء أقول إنه فى الموسم الذى حكى عنه فاروق جعفر.. لعب الزمالك والأهلى مباراتين.. فى الدور الأول فاز الأهلى بهدف لمصطفى عبده.. وكان حَكَم المباراة عزت الهوارى قد قرر تأجيل صافرة البداية دقائق كثيرة، انتظارا لوصول ممدوح سالم، حتى تنبه المسؤولون إلى سفر رئيس الحكومة فى رحلة عمل إلى أسوان.. وانتهت مباراة الدور الثانى بالتعادل بدون أهداف.. وألغى الحَكَم أحمد بلال هدفا لـ«على خليل».. واحتج لاعبو الزمالك طويلا، واضطر محمد حسن حلمى، رئيس الزمالك، للنزول بنفسه لتهدئة لاعبيه.. أى أنه لم تكن هناك أى اتفاقات أو أوامر، وإلا ما كان كل هذا الاحتجاج على إلغاء هدف.. وكان التعادل يعنى أن يبقى الأهلى على القمة بفارق نقطة واحدة..
لكن البلاستيك الذى هبط فى هذا الموسم سرق تلك النقطة من الأهلى بالتعادل معه فى الأسبوع التالى، وفاز الزمالك على الأوليمبى ليتساوى الناديان قبل الأسبوع الأخير، حيث لعب الزمالك مع الإسماعيلى والأهلى مع المحلة، وفاز الزمالك بالدورى بفارق هدف وحيد.. وبمناسبة هذه الحكاية.. يمكن التأكيد أيضا على أن فوز الزمالك بالدورى عام 1978 ينسف تماما كل تلك المزاعم بأن جيهان السادات الأهلوية منعت الزمالك من أى فوز وأى بطولة.. ففى تلك السنة كان السادات وزوجته فى أوج قوتهما وسلطانهما، ولو أنهما كانا يتدخلان بالفعل فى مسار بطولات الكرة ما كان الزمالك قد فاز بالدورى مثلا.. ولكن يبدو أنه لا أحد يقرأ التاريخ أو حتى يهتم بالبحث عن أى حقيقة قبل اختراع الحكايات والأكاذيب أيضا.