خلال عشرين سنة قضاها يمارس لعبة الكونغ فو.. حصل هشام عبدالحميد على أربع ميداليات فى بطولة العالم وثلاث ميداليات فى بطولة أفريقيا.. وحين فاز هشام بآخر ميدالية له فى بطولة العالم فى ماليزيا.. فاجأ الجميع برفع شارة رابعة أثناء تسلمه ميداليته فقرر اتحاد الكونغ فو إيقافه عن اللعب لإصراره على استخدام الرياضة فى صراعات وملفات سياسية.. فاعتزل هشام اللعب واختفى تماما، وسافر إلى تركيا ليقيم ويعمل هناك.. وجاء خبر منذ أيام قليلة يفيد بمقتل هشام عبدالحميد.. قيل فى البداية إن هشام توجه من تركيا إلى سوريا متسللا والتحق هناك بتنظيم داعش ومات أثناء إحدى معارك أو جرائم هذا التنظيم..
وكان هناك فى المقابل من أكد أن هشام لم يلتحق بداعش ولم يمت هناك أثناء أى صدام مسلح، وإنما مات فى حادث سيارة فى تركيا أثناء عودته من عمله.. وأنا لست من هؤلاء الذين يجيدون التفرقة بين الناس فى الموت فيحزنون لموت أحد ويفرحون أو يشمتون فى موت أحد آخر.. فالموت هو الموت، والدم هو الدم أياً كانت أفكار أو خيارات الذى مات.. وأوجعنى موت شاب بصرف النظر عن أى انتماء أو أفكار سياسية أو متطرفة.. لكن الأزمة لم تكن موت هذا الشاب بقدر ما هى محاولة كثيرين منا الاستفادة من هذا الموت وكيف يمكن بيع تلك الحكاية للناس لتحقيق أقصى ربح ممكن.. فالمواقع الإخوانية جرت كلها تصرخ وتؤكد موت هشام ضمن صفوف تنظيم داعش.. ولا أفهم ما هو انتصار الإخوان أو مكسبهم فى التحاق هشام بداعش أم لا.. لكن يبدو أن اللعبة أعجبتهم حيث سيبدأون، خلال الأيام المقبلة، تلحين وعزف وغناء أن علامة رابعة تضامنا مع الشهداء كانت السبب فى انتقام الدولة الدموى من شاب صغير.. والدولة هنا لم تقم بأى شىء على الإطلاق..
حتى اتحاد الكونغ فو لم يفعل شيئا سوى إيقاف اللاعب لإقحامه السياسة فى الرياضة.. وما قام به اتحاد الكونغ فو، برئاسة شريف مصطفى، كان متوقعا وطبيعيا جدا مثل الفيفا نفسه وأى اتحاد آخر محليا وقاريا ودوليا.. وأن يقرر هشام الهجرة من مصر إلى تركيا فهو قرار خاص به.. لكن يبقى دائما للإخوان منطقهم الخاص بهم وتفسيراتهم التى لا يفهمها أو يقتنع بها أحد غيرهم.. والدليل هو كل هؤلاء الذين أعلنت الجماعة موتهم فى رابعة ونثرت صوراً لجثثهم الغارقة فى الدم على الأسفلت ثم فجأة يعود هؤلاء الشهداء للحياة من جديد ودون أى توضيح من الإخوان لهذا التناقض أو كل تلك الأكاذيب.. والمأساة الحقيقية هى بعض الزملاء الذين يساندون الإخوان دون أن يدروا أو حتى يفكروا.. هؤلاء الذين طاردوا رئيس اتحاد الكونغ فو يطالبونه بالكلام والرد وتفسير التحاق هشام بداعش.. وكأن رئيس الاتحاد مسؤول عن ذلك، أو كأن التحاق أى لاعب بهذا التنظيم الدموى يتحول بسرعة حسب فكرنا البدائى والساذج إلى اتهام وفضيحة للجهة أو الهيئة التى كان ينتمى إليها.