نصيحة لمحمد صلاح

ياسر أيوب الأربعاء 08-07-2015 23:23

كثيرون منّا يتابعون أخبار محمد صلاح، النجم الكروى المصرى المحترف فى أوروبا.. بعض هؤلاء يتابعون الأخبار باهتمام، وبعض آخر يكتفون بفرحة تكالب الأندية الأوروبية وتسابقها على ضم لاعب كرة مصرى أثبت موهبته وإمكاناته خلال رحلة الستة أشهر مع فيورنتينا الإيطالى.. وأنا لست أقل من الجميع اهتماماً وسعادة بتلك الموهبة المصرية الرائعة.. لكننى وسط ذلك كله أتوقف قليلا أمام درس واقعى وحقيقى لكل أنديتنا الكروية التى لاتزال تكذب وتدعى أنها أندية محترفة وتصدق نفسها، لكن لا أحد خارج أسوارها يصدق حكاية الاحتراف الذى يرونه ويتابعونه فى أوروبا.. الدرس هنا يتعلق بإرادة اللاعب نفسه التى تبقى لها قيمتها، لأنها الأساس مهما كانت الملايين المعروضة أو اتفاقات الأندية وتحالفاتها وحروبها.. فمحمد صلاح يملكه تشيلسى الإنجليزى وتمت إعارته لفيورنتينا الإيطالى لستة أشهر، تألق خلالها لدرجة أن يسعى فيورنتينا لتمديد هذه الإعارة لمدة سنة مقابل مليون يورو..

ولم يعترض تشيلسى ولكن تعطل الاتفاق لأن محمد صلاح لم يوافق بعد.. ولم يبق الأمر مقصوراً على الإعارة لفيورنتينا.. إنما بدأت أندية أخرى تهتم بشراء محمد صلاح وتعرض مبالغ أكبر.. أندية مثل إنترميلان وأتلتيكو مدريد.. ثم بدأ مانشستر سيتى يواصل لعبته عن طريق نادى الجزيرة الإماراتى عارضا ستة ملايين يورو ثمناً لمحمد صلاح.. وأمام كل ذلك يبقى تشيلسى غير قادر على الاختيار والقرار.. ويبقى فيورنتينا يحاول ويضغط إعلامياً وجماهيرياً من أجل الاحتفاظ بصلاح.. لأن رغبة اللاعب وموافقته تبقى هى الأساس والأهم والأغلى من أى أرقام مالية أو صفقات وعقود.. وهو أمر لا يحترمه أحد هنا فى مصر، حيث تتعامل أنديتنا مع اللاعب باعتباره سلعة معروضة فى السوق سيشتريها صاحب العرض الأكبر.. فالمال وحده هو الفيصل فى بلادنا..

وآه لو قرر ناد عندنا بيع أحد لاعبيه للأهلى أو الزمالك، رغم أن النادى الآخر عرض سعراً أعلى.. فستكون حرباً ساخنة وعاصفة حافلة بالشتائم والاتهامات والشكوك.. لأنه لا أحد سيلتفت لرغبة اللاعب.. صحيح أنهم فى أوروبا يستخدمون كلمات شراء وبيع لكنهم هناك يدركون تماماً الفارق بين لاعبى الكرة وقطيع الماشية أو الغنم.. فالبشر هناك لا يُباعون أو يُشترون.. وتبقى لهم إرادتهم ويبقى لهم القرار والاختيار.. وهذا هو بالضبط الدرس الذى لا نلتفت إليه فى حكاية محمد صلاح ونرفض أصلاً استيعابه واحترامه.. وهناك نقطة أخرى تتعلق بالعقلية المصرية المعتادة.. فمحمد صلاح لايزال يفكر.. لايزال يخطئ الحساب ويطيل التفكير، متخيلا أنه كلما مضى الوقت زاد ثمنه لأنه ابن الثقافة الكروية المصرية التى علمتنا كلنا أن سعر اللاعب لا يزيد إلا إذا تصارع عليه الأهلى والزمالك.. ولا يعلم صلاح أن عدم الحسم فى الرد على الأندية التى تريده سينتهى بانصراف كل الأندية عنه.. فالتوقيت دائماً مهم جداً.. والذى يريد كل شىء غالباً لا يفوز فى النهاية بأى شىء.. وأخشى أن ينتهى الأمر بمحمد صلاح فى الأهلى أو الزمالك.