أنا لاعب منتخب مصر

ياسر أيوب الثلاثاء 07-07-2015 21:16

مثل أى صحفى آخر.. ألتزم بالمبدأ الإعلامى والقانونى بعدم التعليق على أحكام القضاء، وبالتأكيد أرفض أى كتابة تخص أى قضية لاتزال تنظرها المحاكم.. وكأى صحفى مجتهد يحرص على القيام بواجباته.. أتابع قضية أو محاكمة خلية الجيزة الإرهابية..

وفوجئت بما جرى فى جلسة أمس الأول فى محكمة جنايات الجيزة.. حيث وقف عمر فؤاد، أحد المتهمين فى القضية، يخاطب المحكمة، مؤكدا براءته، ومدللا على ذلك بأنه لاعب كرة قدم سابق فى نادى الجونة، والأهم أنه لاعب فى منتخب مصر ولعب باسم مصر، مرتديا فانلة مصر وعلمها..

وهذا هو الجزء الذى يخصنى هنا ويمكننى التوقف أمامه دون أى مساس بالقضية ووقائعها ودون أى تأثير على أحكام القضاء وسير المحاكمة.. فقد يكون عمر فؤاد بريئا بالفعل وقد يكون مدانا.. والوحيد الذى يملك حق تقرير ذلك هو المستشار محمد ناجى شحاتة، رئيس المحكمة.. وواثق أن المستشار الفاضل سيحكم بما بين يديه من أدلة ومستندات وشهادات وإثباتات ومرافعات.. لكنه لن يستند إلى حكاية لاعب فى منتخب مصر ليقرر البراءة أو الإدانة.. فهذا أمر لا علاقة له بالقضية ووقائعها..

وواضح جدا أن الطريق أمامنا لايزال طويلا جدا لنصل لدرجة النضج الكافى للتفرقة الحقيقية بين السياسة وكرة القدم.. فمنذ أيام قليلة كان هناك شروع شبه جماعى فى ذبح لاعب كرة اسمه أحمد الميرغنى لمجرد أنه قال رأيا سياسيا لم يعجب الكثيرين.. فلم يكن هناك بالطبع أى عقاب سياسى، وإنما العقاب كله كان كرويا، رغم أن اللاعب لم يخطئ فى أمر يخص كرة القدم.. وهو أمر تكرر كثيرا جدا فى السنوات القليلة الماضية، حيث كانت وتكررت محاولات لذبح لاعبى ونجوم كرة بسبب آراء ومواقف سياسية لا علاقة لها بكرة القدم.. ولم تكن تلك المحاولات تخص فقط أهل إعلام أو مسؤولين كرويين، وإنما تقاسَمَها كثيرون جدا فى كل مكان.. ما يعنى أننا فى حاجة لمراجعة أنفسنا.. وأنه زائف جدا كل ما ندَّعِيه ونصرخ به ليلا ونهارا عن تحضرنا ورقينا ووعينا وحرصنا على كل التزاماتنا الأخلاقية والاجتماعية والسياسية..

فنحن لانزال أقرب إلى القبائل البدائية التى يقودها مجرد صرخة أو شائعة أو دق طبول إلى أى اتجاه دون أدنى تمهل أو تفكير.. وإذا كنت قد تضامنت مع الميرغنى، رغم اختلافى الكامل معه فى رأيه السياسى، لأنه أصبح لاعب كرة شابا يدفع وحده ثمن ارتباك وتناقضات مجتمع بأسره.. فإننى أيضا أشفق على عمر فؤاد، اللاعب السابق فى منتخب مصر.. فنفس هذا المجتمع هو الذى علمه أن لاعبى الكرة فوق أى حساب، حتى خارج ملاعب الكرة، لمجرد أنهم يلعبون الكرة..

هذا المجتمع هو الذى علمه أن كرة القدم كريمة جدا مع من يلعبها أو يديرها أو يمارس إعلامها، فتمنحهم حصانة كافية، فلا يبقون مثل عموم الناس ويجرى عليهم ما يجرى على الناس سواء فى محكمة أو لجنة مرور أو مصلحة حكومية، مع امتيازات خاصة جدا فى كل شىء.