في العاشر من أكتوبر عام ١٩١٣وفي تاناناريف عاصمة مدغشقر، ولد كلود سيمون، أحد أبرز كتاب الرواية الجديدة الفرنسية وتوفيت والدته وهو في العاشرة من العمر وفي العام التالى فقد والده على جبهة القتال فربته جدته في منطقة بيربينيان جنوب فرنسا،وفي ١٩٣٦ انضم إلى الجمهوريين في إسبانيا وانتسب إلى فرقة الخيالة عام ١٩٣٩ ووقع في الأسر خلال الحرب العالمية الثانية.
وفي ١٩٤٠تمكن من الفرارمن معتقل في ألمانيا وعندما وصل إلى فرنسا الحرة تحول إلى زراعة الكروم وقد صدرت روايته الأولى «المخادع» بعد الحرب عام ١٩٤١ وتلتها ثلاث روايات أخرى قبل أن يصبح معروفًا خارج فرنسا مع «طريق الفلاندر» ١٩٦٠ويصيب الشهرة مع رواية «تاريخ» ١٩٦٧حيث يتداخل الواقع مع الذاكرة والحلم وتشكل الروايتان الأخيرتان مع رواية «القصر»الصادرة عام ١٩٦٢ والتى تدور وقائعها على خلفية حرب إسبانيا، ثلاثية بناها الكاتب على ذكرياته.
وفي ١٩٨٥منح كلود سيمون جائزة نوبل للآداب .وصدرت روايته الأخيرة «القطار» عام ٢٠٠١ وهى تتسم بحميمية شديدة وعلى هذا فإن كلود سيمون يعتبر أحد كبار كتاب الذاكرة حيث اعتمدت أعماله الروائية على المزج بين ما هوسردى وما هو تاريخى ونجدها تجمع بين العذوبة والفوضى ورونق ذكريات الماضى.
ويقول عزيز التميمى إنه حينما سئل كلود سيمون عن مصطلح الرواية الجديدة والذى حسبه النقاد عليه لم يكن متحمساً لتبنى هذا المصطلح وقال إن ما أنجزه من إبداع روائى إنما كان ترجمة حرفية لرؤيةمغايرة للواقع ولتداعيات الحدث اليومي، ولم يكن مهتماً بنمط معين للكتابة الروائية،بل هو التطلع لإنتاج نص فيه من ثراء الخصوصية الفنية ما ينتمى إليه دون سواه.
وقال «التميمي» إن المتمعن في كتابات سيمون الروائية يجد أن الحدث يتسع ويتشابك ضمن وحدة درامية متكاملة، كان كلود سيمون أيضًا يهتم بالرسم والتصوير الفوتوغرافي، وكان من المغرمين جدًا بالرسم، بل إن هواه الأول في الفن كان متجهًا إلى الرسم، وظلّ يمارس طوال حياته هواية التصوير الفوتوغرافي وفن «الكولاج»، ولا تخلو تضاعيف رواياته من كلام على رسومات لكبار الرسامين.
ورغم ممارسته للكتابة، كان يرى أن الرسم يأتى في المقام الأسمى بين الفنون، وحينما حصل على جائزة نوبل للآداب عام ١٩٨٥ كانت عن مجمل أعماله بعدما فاز بجائزة «الموجة الجديدة» عام ١٩٦٠ عن روايته «طريق الفلاندر» كما حصل على جائزة ميديسيس عام ١٩٦٧ عن روايته «تاريخ». إلى أن توفي في باريس «زي النهاردة» في ٦ يوليو ٢٠٠٥ عن ٩١ عامًا.
ويقول القاص واروائي سعيد الكفراوي أن كلود سيمون واحد من مؤسسي الرواية الجديدة في فرنسا وكانت أهمية إبداعه تكمن في استخدامه للذاكرة والحلم والواقع وتجسيده لذلك وتحديدا في روايته «تاريخ» كما أن رواياته الثلاث«طريق الفلاندر»و «تاريخ»و «القصر» تعد ثلاثية روائية بناها على ذكرياته حيث يتداخل الواقع مع الذاكرة والحلم واعتمدت أعماله على المزج بين ما هو سردى وتاريخى وتجمع بين العذوبة والفوضى ورونق ذكريات الماضى،و عبر مثل أبناء جيله عن الحرب الإسبانية بالذات في روايته «القصر» وأسهم في روايات الموجة الجديدة وتجديد شكل الكتابة وقد قال أن كل ماكتبه كان كتابة ضد ثبات الواقع.