تنتظر اوروبا وقادتها اليوم الاحد باضطراب وقلق نتيجة استفتاء في اليونان نظرا لتأثيره الكبير على مستقبل القارة.
وقد انصب اهتمام القارة بأكملها على الاستفتاء الجاري في اليونان. وكتبت صحيفة اف.أي.اس الالمانية «التصويت الحاسم لليونانيين»، وكورييري ديلاسيرا الايطالية «اوروبا قلقة» وال بايس الاسبانية «اليونان تقرر مستقبل اليورو والاتحاد الاوروبي».
وهذا الاستفتاء الذي سيدعم أو يعاقب الخط المتشدد للحكومة اليونانية، هو «المؤشر» لتتمة المفاوضات بين اثينا ودائنيها، كما اعتبر جوليان رابولد، الباحث في المعهد الالماني للسياسة الخارجية.
لكن الاستفتاء الذي يمكن ان يؤدي، كما يقول البعض إلى خروج اليونان من منطقة اليورو، «سيحدد مستقبل عملية التكامل الاوروبية»، كما اكد باول توكارسكي، المحلل في مؤسسة العلوم والسياسة في برلين.
ورغم الهدوء الظاهر، فان اهمية النتيجة تفسر مخاوف المسؤولين الاوروبيين الذين يتصدرون المفاوضات مع اثينا. وفي مقدمهم انغيلا ميركل التي تواجه «معضلة»، برأي رابولد.
فخروج اليونان من الاتحاد النقدي سيعني فشل سياسة ادارة الأزمة التي تسببت بها المستشارة الالمانية منذ سنوات. «فهي لا تريد ان يقال انها دفعت باليونان إلى خارج منطقة اليورو»، واضعفت اوروبا بكاملها، كما قال هذا الباحث.
وعلى غرار عدد كبير من المسؤولين الاوروبيين الاخرين، وعلى الرعم من التأكيدات المعطاة من كل جانب بأن اوروبا قادرة على مواجهة احتمال خروج اليونان من اليورو، تتخوف المستشارة الالمانية ايضا من العواقب الاقتصادية غير المتوقعة اذا ما قال اليونانيون لا.
وقال رئيس نقابة ارباب العمل الفرنسيين بيار غتاز الاحد، ان «الاقتصاد لا يحب عدم الاستقرار، يمكن ان تنجم عن ذلك انعكاسات لا يمكن اليوم تحديد عواقبها».
لكن إذا فازت (نعم) ستجرى مناقشات جديدة تتسم «بصعوبة شديدة»، كما نبه وزير المال الالماني فولفغانغ شاوبله.
في أي حال، «ايا تكن النتيجة، ستفسرها القوى السياسية في اليونان وفي منطقة اليورو بطريقة مختلفة»، كما حذر توكارسكي، فيما تتعرض هذه المسألة لتفسيرات متنافضة.
ففي نظر الحكومة اليونانية، تقتصر المسألة على القول لا لتدابير التقشف الجديدة، من خلال رفض العرض الاخير للمساعدة الاوروبية. ويفهم اخرون هذا الاستفتاء على انه تصويت مع اليورو أو ضده.
وقال رئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتز في مقابلة اذاعية الاحد، «بالتأكيد، هذه هي المسألة المطروحة».
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قالت غابرييلا هنريش النائبة الاشتراكية الديموقراطية في مجلس النواب الالماني «آمل فعلا في ان يقوم اليونانيون بخطوة واضحة من اجل مصلحة اوروبا، لانهم في رأيي جزء لا يتجزأ من المجموعة الاوروبية».
ورأى وزير المال الفرنسي ايمانويل ماركون الاحد انه «ايا تكن نتيجة الاستفتاء في اليونان، على الاوروبيين استئناف المحادثات السياسية» مع اثينا.
وقال «ايا تكن النتيجة يتعين علينا ابتداء من يوم غد استئناف المحادثات السياسية. وحتى اذا فازت»لا«فمن مسؤوليتنا إلا نكرر معاهدة فرساي في منطقة اليورو».
وفرضت معاهدة فرساي التي وقعت في نهاية الحرب العالمية الاولى على المانيا شروطا قاسية جدا شجعت على تنامي النازية.
من جهة أخرى، اكد رئيس الوزراء الايطالي الاحد ماتيو رنزي انه غداة الاستفتاء في اليونان، وايا تكن النتيجة «من الواضح ان على الاوروبيين استئناف المحادثات».
واضاف «عندما ترى متقاعدا يبكي امام مصرف والناس واقفين طوابير امام الات الصرف، تدرك ان بلدا مهما للعالم ومعروفا بثقافته مثل اليونان، لا يمكن ان ينتهي بهذه الطريقة».
وخلص إلى القول «لذلك من الواضح انه في اليوم التالي، يجب ان نستأنف الحوار. واول من يتعين عليه معرفة ذلك هو انغيلا ميركل».
وفي ريغا، كان الشرطي اينيس برزينا (50 عاما) اقل ارتياحا. وقال «ان الاستفتاء سيف ذو حدين». واضاف «اذا لم نعط المال إلى اليونانيين، سيتجهون إلى روسيا، وليس هذا ما اريده. لكن اذا اعطيناهم المال، فلن يعيدوه ابدا، انهم كسالى». وقالت مواطنته المتقاعدة فيلتا بريدي (64 عاما) «هل تعتقدون فعلا ان لدينا المال لتوزيعه في ليتوانيا؟».
لكن احتشد الاف الاشخاص في برشلونة وباريس ودبلن وفرنكفورت، للاعراب عن تضامنهم مع اليونان والاحتجاج على السياسة الاوروبية الحالية.
وفي اسبانيا التي اجتازت ايضا ازمة اقتصادية حادة، يرى حلفاء حزب سيريزا في الاستفتاء فرصة «تاريخية» لتغيير اوروبا، قبل اشهر من الانتخابات التشريعية اواخر السنة. اما اليمين، فيتخوف من عدوى سياسة اليسار الراديكالي للحزب اليوناني.
ولو دعي الايطاليون إلى المشاركة في استفتاء على غرار اليونان، لكان 51% منهم سيؤيدون التدابير المتشددة التي تفرضها اوروبا، للحؤول دون الخروج من اليورو ووقوع البلاد في الافلاس، ولكان 30% سيعارضونها، كما افادت نتائج استطلاع اخير للرأي اجرته مؤسسة ايبسوس.