أدلة الخوارج والرد عليها

أيمن الجندي السبت 04-07-2015 21:49

معلوم أن الخوارج فرقة نشأت عندما رفع جيش معاوية المصاحف على الرماح، فاشتجر الخلاف بين جيش على وأجبروه على التحكيم. هناك اتهم الخوارج الفريقين بالكفر لأنهم ارتضوا التحكيم. ومنذ ذلك الحين ظلت الشجرة الخبيثة تطرح ثمارها الخبيثة على مدار القرون.

وبالطبع لا بد أن يكون لهذه الفرقة الضالة أدلتها التي جعلتها تبقى على مر السنين. ومن المهم أن نحصن أنفسنا بالرد على هذه الشبهات من العلماء الربانيين. ومن أولى من الشيخ العلامة محمد أبوزهرة بذلك؟

يقول الشيخ: «يرى الخوارج تكفير أهل الذنوب. ولم يفرقوا بين ذنب وذنب. بل اعتبروا الخطأ في الرأى ذنبا إذا أدى إلى مخالفة وجه الصواب في نظرهم. ولذلك كفروا عليا بالتحكيم. مع أنه لم يقدم عليه مختارا. وبفرض أنه اختاره فالأمر لا يعدو اجتهادا قد أخطأ فيه إن كان التحكيم قد جانب الصواب».

وهذا المبدأ هو الذي جعلهم يخرجون على جماهير المسلمين. ولذلك يجب أن نبين أدلتهم:

أولا: قوله تعالى «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا. وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ». فجعل تارك الحج كافرا وترك الحج ذنب فكل مرتكب للذنب كافر في زعمهم.

ثانيا:وقوله تعالى «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ». وكل مرتكب للذنوب فقد حكم لنفسه بغير ما أنزل الله فيكون كافرا.

ثالثا: «يَوْم تَبْيَضّ وُجُوه وَتَسْوَدّ وُجُوه فَأَمَّا الَّذِينَ اِسْوَدَّتْ وُجُوههمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْد إِيمَانكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَاب بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ». قالوا والفاسق لا يجوز أن يكون ممن ابيضت وجوههم، فوجب أن يكون ممن اسودت وجوههم ووجب أن يُسمى كافرا.

رابعا: «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَة. ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ. وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ. تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ. أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ». والفاسق على وجهه غبرة فوجب أن يكون من الكفرة.

يعقب الشيخ أبوزهرة قائلا: «وكل هذه الدلائل تمسك بظواهر النصوص وأكثرها كان الحديث عن مشركى مكة فهى أوصاف لهم. وفى آية الحج فليس الكفر وصف من لم يحج، إنما الكفر لمن أنكر فريضة الحج».

ولأنهم يتمسكون بالنصوص فإن الإمام على لم يجادلهم بالنصوص لأنهم لا يأخذون إلا بظواهرها. بل كان يناقشهم بعمل الرسول، ومن ذلك قوله: «(أفرأيتم لو أن رسول الله بعث رجلا من المسلمين إلى أناس من الكافرين، ليدعوهم إلى الله، فدعاهم إلى غيره، هل كان على رسول الله من ذلك شىء؟». وقوله أيضا: «فإن أبيتم إلا أن تزعموا أننى أخطأت وضللت، فلم تضلون عامة أمة محمد بخطئى وتكفرونهم بذنوبى؟ وقد علمتم أن رسول الله رجم الزانى المحصن ثم صلى عليه وورثه أهله! وقتل القاتل وورث ميراثه أهله، وقطع يد السارق وجلد الزانى المحصن ثم قسم عليهما الفيء ونكحا المسلمات! فأخذهم الرسول بذنوبهم وأقام حق الله فيهم ولم يمنع سهمهم من الإسلام ولم يخرج أسماءهم من أهله».

ويعقب أبوزهرة قائلا: «ولقد عدل رضى الله عنه من الاحتجاج بالنصوص إلى الاحتجاج بعمل رسول الله لأن العمل لا يقبل تأويلا. ولا يفهم إلا على وجهه الصحيح».

ولعل الله تعالى أراد أن يخزيهم ويظهر ضلالهم حين جعل أول من يكفرونه هو الإمام على، ربيب الرسول، وزوج ابنته المحبوبة، وأخوه في الدنيا والآخرة، والثانى أو الثالث إسلاما بين العالمين.

aymanguindy@yahoo.com