عن الحلقة (14) من «حارة اليهود»: الربانيون لا يركعون في الصلاة (تحليل)

كتب: أحمد بلال الجمعة 03-07-2015 03:53

في محاولاتها المستمرة لدفع يهود العالم للهجرة إلى فلسطين المحتلة، اعتمدت الحركة الصهيونية في دعايتها على تصوير إسرائيل بأنها «بلاد اللبن والعسل»، وعندما ذهب بعض من يهود العالم إلى هناك اكتشفوا أكذوبة ما تم ترويجه، من بين هؤلاء، كان إديسو ماسالا، رئيس جمعية اليهود القادمين لإسرائيل من إثيوبيا، الذي قال محتجًا على العنصرية التي تمارسها الدولة الإسرائيلية ضدهم قائلًا: «أتينا إلى بلاد اللبن والعسل كي نشارك بقية أبناء الشعب اليهودي بناء المشروع الصهيوني الكبيير، لكننا فوجئنا أن أحد لا يريدنا هنا.. يتعاملون معنا باستعلاء لأننا شرقيين ولأننا سود البشرة».

بنفس المنطق الصهيوني المغرور والكاذب، تحدث موسى إلى شقيقته ليلى، التي يبدو أنها قررت الهرب من قصة حبها، التي لم تكتمل، بموافقتها على الهجرة إلى إسرائيل، التي يبدو أنها لم تؤمن بها حتى هذه اللحظة، يتحدث موسى بغرور قائلًا: «مش هتحتاجي لأي حاجة هناك ولا حتى هدومك»، وفي مشهد آخر يقول: «متاخديش معاكي حاجات كتير.. انتي هناك في المدينة الفاضلة مش محتاجة حاجة»، هكذا تحدث موسى الصهيوني، وهو خطاب طبيعي جدًا للشخصية، أما غير الطبيعي فهو موافقة هارون، الشخصية الوطنية، بهذه السهولة على سفر ابنته لإسرائيل، التي قامت ولم تعد مجرد حركة صهيونية، والتي أصبحت رسميًا العدو الأول للشعب المصري قبل الحكومة المصرية.

يؤمن والد ليلى وأمها بعودتها مرة أخرى إلى مصر، هكذا تتحدث ليلى نفسها، وكأنها ذاهبة في رحلة للاستجمام وليست إلى دولة عدو، مجرد دخولها أو حتى الاشتباه في أي علاقة معها في ذلك التوقيت كفيل بالاتهام بالجاسوسية، وكون ليلى مسافرة إلى تل أبيب عبر باريس، لا ينفي الأمر، فالذهاب إلى إسرائيل من خلال عملية مخابراتية معقدة، كتلك التي كانت تنظمها الوكالة اليهودية في ذلك الوقت، تعني أن الدخول إلى إسرائيل ليس كالخروج منها.

على كل حال، قبل سفرها اختارت ليلى الذهاب إلى معبد موسى بن ميمون، وكما قلنا في حلقة سابقة، فإن القائمين على العمل نجحوا في نقل غرفة التامل الموجودة في المعبد كما هي تقريبًا، حتى أنهم استخدموا نفس الألوان، إلا أن المؤلف يعود مرة أخرى ويخلط بين اليهود الربانيين والقرائين، رغم أنه هو الذي اختار أن يبرز الفارق بين هاتين الطائفتين في الديانة اليهودية، في حلقة سابقة.

والخلاف بين الطائفتين «الربانيين» و«القرائين» يتركز بشكل أساسي حول الأحكام الدينية اليومية والمناسبات، كأحكام يوم السبت، بالإضافة إلى التقويم حيث يعتمد القرائين في تقويمهم على التقويم القمري بينما يعتمد الربانيين على الحساب، ولذلك فإن رأس السنة اليهودية تختلف بين الطائفتين.

والربانيون يمثلون الطائفة اليهودية الأكبر في مصر وفي العالم كله، ويؤمن أتباع هذه الطائفة بالعهد القديم بأسفاره الـ 39، بالإضافة إلى التلمود الذي يضم 63 سفرا وينقسم إلى قسمين «المشناه» و«الجمارا»، وهو يضم شروحا للتوراة وأبحاث في العقيدة اليهودية والتاريخ الديني والقانون كتبها الحاخامات، ويؤمن أتباع هذه الطائفة أن التوراة التي نزلت على موسى منقسمة إلى قسمين توراة مكتوبة وأخرى شفهية، انتقلت من بعد موسى إلى الحاخامات بشكل شفوي حتى تم تدوينها بعد ذلك في القرنين الأول والثاني الميلادي وهي المسماه بـ«المشناه»، على عكس القرائين الذين يؤمنون بالأسفار الخمس الأولى فقط من العهد القديم ولا يؤمنون بـ«التلمود»، الذي يعتبرونه من «أعمال البشر التي أدخلت على الديانة اليهودية لتحريفها سواء بقصد أو بدون قصد».

على كل حال، كما يختلف أبناء الطائفتين في بعض الأحكام الدينية، فإنهم يختلفون أيضًا حتى في الصلاة وفي شكل المعبدمن الداخل، فالقراؤون لا يدخلون المعابد بالأحذية، وفي معبداليهود القرائين بالعباسية مثلًا، مازالت توجد السجاجيد على الأرض، وخلف الأبواب دولاب توضع في الأحذية، إلى جانب أن المعابد القرائية لا توجد بها مقاعد، على عكس المعابد الربانية، حيث يلجأ القراؤون في صلاتهم إلى الركوع مثل المسلمين على عكس الربانيين.

أما معبدبن ميمون، فهو معبدرباني، والمعابد الربانية ليست كما صورها المؤلف في المسلسل، فالربانيون لا يركعون في الصلاة، والمعابد الربانية بها مقاعد تستخدم للصلاة، والسيدات لا يصلين في ساحة المعبد، وإنما لهن دور علوي يصلون فيه، إلى جانب أن لفائف التوراة، لا توضع على «الميبا» هكذا طوال الوقت، وإنما تخرج مرة واحدة فقط في العام ليراها اليهود.