أوقفوا الأحكام التى تسبق المحاكمات

ياسر أيوب الخميس 02-07-2015 21:24

أهم وأخطر من قرار نادى النصر بالانسحاب من مباراته أمام المقاولون العرب فى الأسبوع السابع والثلاثين فى دورى الكرة أمس الأول.. هو استجابتنا الجماعية لهذا القرار وتعاملنا معه.. ووجه الأهمية والخطورة هنا أن معظم المتابعين والمهمومين بالشأن الكروى العام فى مصر لا يحبون نادى النصر أو يكرهونه.. لا يعنيهم أن يبقى النصر فى الدورى الممتاز أو يهبط حتى للدرجة الرابعة.. وبالتالى كان من المفترض أن يجرى التعامل مع القرار المفاجئ لهذا النادى بالانسحاب قبل بداية المباراة بدقائق قليلة بهدوء ورصانة وتعقل، بعيدا عن أى حساسيات وحسابات مسبقة وتعصب للون بعينه.. إلا أن الذى جرى منذ أمس الأول كان الاندفاع المجنون الذى أصبح أحد أمراضنا وأوجاعنا طيلة السنوات القليلة الماضية.. حيث لا أحد تقريبا يتوقف عقب كل حدث أو قضية سياسية أو عسكرية أو إنسانية أو حتى كروية ورياضية ليطرح الأسئلة أولا.. فنحن غالبا شعب فقد القدرة والشغف بالأسئلة وأصبحنا كلنا نملك إجابات فقط وتفاسير وأسبابا وأسرارا.. عند كل أزمة تجد فجأة ألف إجابة وتفسير وحكاية، لكنك لن تجد أى سؤال أو حتى أى محاولة للفهم والمعرفة أولا.. وحين سمع الناس بانسحاب نادى النصر.. لم يتوقف أحد ليسأل: لماذا الانسحاب، ولماذا هذا التوقيت، وما هى الدوافع؟.. ولكن جرى الجميع ليقدموا إجاباتهم.. فكان هناك من أقسم على أنها تمثيلية من النادى الذى أرادت إدارته الإيحاء بأنها أكثر وطنية من الأهلى والزمالك وبقية أندية الدورى.. فنادى النصر أعلن انسحابه حدادا على شهداء مصر فى سيناء أمس الأول.. وبدلا من التوجه لإدارة النادى وطرح أسئلة مهمة وضرورية مثل: لماذا الانسحاب بعد الوصول إلى أرض الملعب وقيام اللاعبين بالإحماء.. وهل طالب النصر بالفعل بتأجيل مباراة أمس الأول حدادا على الشهداء ولم يستجب اتحاد الكرة لهذا الطلب؟.. وأياً كانت ستبدو إجابات النصر مقنعة أو هزلية.. فقد كان السؤال أولا هو الضرورة والصواب وليس الإسراع بالإسراف فى توزيع الاتهامات.. فقد كان هناك من قال أيضا إن النصر بعدما تأكد هبوطه هذا الموسم أراد الاستعراض الإعلامى وبعض الأضواء قبل الرحيل إلى حيث لا أضواء أو اهتمام.. وكان هناك من أكد أن النصر يريد إفساد الدورى حتى لا يكتمل ولا يفوز به الزمالك.. واتهامات أخرى كثيرة ومتعددة ومختلفة وقاسية.. لكن دون أن يمنح أصحابها إدارة نادى النصر أى حق فى الكلام وتفسير قرارها وشرح أسبابها ودوافعها.. ولست هنا أدافع عن نادى النصر أو أمنحه أى شهادة بالبراءة.. لأن الذى يمنح البراءة دون سؤال وتقصى الحقيقة هو نفسه الذى يتهم ويدين أيضا قبل معرفة حقيقة الذى جرى.. وكنت أود من السادة مسؤولى اتحاد الكرة التمهل والإعلان أولا عن التحقيق مع إدارة النصر قبل إدانة نادى النصر وتعديد العقوبات التى ستطاله.. وبعدها يتم إعلان العقوبات التى يراها الاتحاد عادلة ولازمة.. فنحن تعبنا من الأحكام التى تصدر أولًا ثم تعقبها التحقيقات والمحاكمات.