المجددون في الإسلام: جمال الدين الأفغانى الإصلاحى الثائر

كتب: ماهر حسن الجمعة 03-07-2015 11:27

قال عنه الشيخ عبدالمتعال الصعيدى فى كتابه «المجددون فى الإسلام»: «يمتاز جمال الدين الأفغانى بما دعا إليه من الإصلاح عن غيره من مجددى هذا القرن بأنه كان يقوم بدعوة إصلاحية عامة، لأنه كان يدعو إلى الإصلاح فى الدين والدنيا، ويقصد به جميع المسلمين فى كل الأقطار، وينادى فيه بالثورة على حكامهم من المستعمرين والملوك المستبدين وعلى الجامدين من علماء الدين، وهو ما يقصد بالثورة التى تستعمل القوة فى السر والجهر، ولا يكتفى بالثورة الكلامية التى لا تدعو إلى استعمال القوة، وقد تأثر به فى هذا بعض طلاب الإصلاح فى مصر وفارس (إيران) والدولة العثمانية التركية، لكن الطامعين فى هذه البلاد من الأجانب كانوا ينتهزون قيام ثوراتهم ليحققوا أطماعهم فيها، فلا توصل ثوراتهم إلى الإصلاح، بل توصل إلى الوقوع فى حكم أولئك الأجانب، وهو أقسى من حكم الوطنى المستبد، ولهذا يكون الأسلم الدعوة إلى الإصلاح بالسلم».

هذا كان توصيف شيخ مجدد من شيوخ الأزهر للفلسفة الإصلاحية لجمال الدين الأفغانى، كمجدد وإصلاحى، يعتمد الأسلوب الثورى ويدعو إليه فى مهمة التجديد.

أما سيرة الأفغانى فنجدها فى نفس الكتاب النادر الذى حصلنا عليه من مكتبة المؤرخ الكبير والصحفى الراحل جمال بدوى، وتقول السيرة وفق ما أورده عبدالمتعال الصعيدى: «الأفغانى ولد فى أسعد آباد فى كابول بأفغانستان فى 1838، والتحق بمدارس كابول، وتعلم التاريخ وعلوم العربية والعلوم الدينية والفلسفية، ثم رحل إلى الهند، ودرس فيها بعضا من العلوم الحديثة وتعلم الإنجليزية، وفى مكة أخذ يدعو لفكرة إنشاء الجامعة الإسلامية ليوقظ المسلمين من غفوتهم وينبههم لما يتهددهم من أخطار، وفى مكة عام 1875 أنشأ جمعية سماها (أم القرى)، وكان أعضاؤها من الأقطار الإسلامية، ثم عاد لأفغانستان واتصل بأميرها دوست محمد خان، ثم الأمير محمد أعظم الذى جعله رئيس وزرائه، فعمد الإنجليز إلى إثارة الفتن فى أفغانستان وتمكنوا من عزل محمد أعظم، وأخذ الأفغانى يستنهض ويستثير الشعب الأفغانى على الاحتلال، ثم رحل للهند وواصل دعوتيه الإصلاحية والثورية، فكريا ووطنيا وعلميا واجتماعيا، حتى ضاق الإنجليز به واضطروه للرحيل من الهند إلى مصر فى 1870، فأقام فيها أربعين يوما، وتردد على الأزهر واتصل بأساتذته وطلابه، ومنهم محمد عبده، وأعجب به لما تميز به «عبده» من علم أزهرى، ثم رحل إلى إستنبول بدعوة من السلطان عبدالعزيز الذى قربه إليه وعينه عضوا فى مجلس المعارف، وواصل رسالته، مما أثار عليه الجامدون من رجال الدين، فطعنوا فيه وفى عقيدته، فقابل ثورتهم بمثلها، ولم يسمع لناصحيه بتهدئة المواجهة، حتى اشتدت الفتنة ولم يكن سبيل لتهدئتها إلا أن أمر بالرحيل فعاد إلى مصر فى 1871 واحتفل به الخديو إسماعيل، وأتاح له مواصلة رسالته الإصلاحية، واتصل به محمد عبده». وألّف حزبًا سماه الحزب الوطنى لمقاومة نفوذ الأجانب، وكانت الغلبة فى النهاية للأجانب، خاصة مع خلع إسماعيل ومجيء توفيق الذى نفى الأفغانى من مصر وفيما هو يغادرها قال: (تركت لكم أثرا يغنى عن جميع الكتب وهو محمد عبده وكفى به لمصر عالما)».
tamahi@hotmail.com