فى ذكرى 30 يونيو: آمال ومخاوف المستقبل

نادين عبدالله الثلاثاء 30-06-2015 21:26

سيظل يوم 30 يونيو محفورًا دومًا وأبدًا فى وجدان المصريين باعتباره ذكرى لانتفاضتهم ضد تنظيم استباح كل شىء كى يظل فى السلطة، ولو على حساب الجميع. ففى هذا اليوم، تخلص المصريون من كارثة كبرى طرأت عليهم فكادت تفتك بوطنٍ تعبت أجيال فى بنائه. واليوم تحسنت أمور، لكن ليس بالقدر الذى يطمح إليه المصريون. فرغم الجهود المبذولة على الصعيد الاقتصادى، إلا أن مزيدا من الشك يحيط بفاعلية بعض السياسات المتبعة. ورغم أن مسار 30 يونيو كان مسارًا تشاركيًا بالأساس، إلا أن المجال السياسى قد تمت، تقريبًا، مصادرته. وفى ضوء هذه المعطيات، فإنه يمكننا أن نفكر معًا فى سيناريوهات عدة لمسار التحول السياسى فى مصر.

الأول، والأكثر تفاؤلاً، يتمثل فى مسار الإصلاح التدرجى البطىء، وهو مسار شهدته دول عدة مثل البرازيل فى أواخر السبعينيات. والحقيقة هى أن هذا المسار يستوجب نمو أمرين بطريقة متوازية: يتمثل الأول فى إدراك النظام السياسى، ربما تحت وطأة الضغوط المتتالية، إنه ثمة مشكلة ما فى طريقة الإدارة المتبعة، وأن ثمة مصلحة من معالجته عبر قيادة عملية انفتاح سياسى واجتماعى متدرج يشرف هو عليها، بحيث يكون الهدف منها هو صناعة طبقة سياسية وتكنوقراطية قادرة على الإدارة، والتواصل مع المجتمع الواسع وامتصاص الصدمات. أما الأمر الثانى فيتمثل فى نجاح القوى الراغبة فى الإصلاح فى بناء نفسها تنظيميًا، واقتناص المساحات الجديدة تدريجيًا، وكلما سنحت الفرصة، حتى تصير قادرة على الضغط المنظم وتعديل موازين القوى فى صالحها، ولو نسبيًا.

أما الثانى الأكثر تشاؤمًا، والذى نرجو بصدق تفاديه، فيتمثل فى خطر السقوط فى مصاف «الدول الفاشلة» غير القادرة على إدارة شؤونها الاقتصادية بما يمكنها من مواجهة أخطار شبيهة بخطرالإفلاس مثلا. أو ربما غير الناجحة فى إدارة أزماتها الاجتماعية بما يعنى إمكانية سقوطها أسيرة المواجهات الأهلية، إثر أى هزة سياسية، خاصة أن الغليان كامن بداخل المجتمع، أو ربما تعرضها لكارثة اندلاع الانتفاضات الاجتماعية، إثر تراكم الضغوط الاقتصادية وانسداد المجال السياسى، وذلك، على غرار انتفاضة الخبز فى أواخر السبعينيات مثلا. والحقيقة هى أنه لا يتوقع حدوث أى تغيير سياسى إيجابى إثر أى منها، بل على العكس، نرجح زيادة القمع، وبمباركة فئات المجتمع المتضررة أو الرافضة، مع شروع النظام فى إجراء تغيرات شكلية لامتصاص قدر من الغضب.

أما الأخير، والأقرب إلى ما نعيشه حاليًا، فيعبر عنه، على مستوى إدارة البلاد، المثل القائل بأن مصر أكبر من أن تطفو أو تنطلق، ولكنها أيضًا أكبر من أن تسقط أو تفشل، وهو أمر يقابله على مستوى التطور السياسى استمرار توازن الضعف بين طرفى المعادلة السياسة: النظام والمجتمع. ونقصد بذلك استمرار صيغة النظام الهش أو غير القادر على دمج القوى المجتمعية الفاعلة بداخل أركانه، والمكتفى باستمداد شرعيته من غياب أى بديل مقبول له، وذلك فى مقابل استمرار ضعف المجتمع ذاته وفشله فى تنظيم فئاته (الشباب، الطلاب، النقابات، الأحزاب، العمال.. إلخ) بشكل يسمح له بالضغط المنظم، وبلورة مشروع سياسى وتنظيمى ذى مصداقية.. فهل يستمر الوضع بطريقته الحالية؟ الإرادة السياسية والمجتمعية هى الفيصل.