المجددون في الإسلام: البنا.. عودة إلى «إسلام الإنسان»

كتب: ماهر حسن الثلاثاء 30-06-2015 10:59

حين أطلق جمال البنا على مشروعه الفكرى اسم «المشروع الحضارى لدعوة الإحياء الإسلامى» منذ نصف قرن، كان يهدف إلى فرز ومراجعة الأفكار المستقرة فى الذهنية الإسلامية فى كل فروع الإسلام، وأصدر خلال هذه الفترة العديد من الكتب تحقيقا لأهداف المشروع الذى ضم مجموعة أسس ومحاور، كان أولها يتعلق برؤيته للإنسان، باعتباره مستخلفاً من الله فى الأرض.

حدد البنا منطلقات أساسية فى مشروعه هذا الذى تمحور حول فكرة رئيسية هى: «الإنسان المستخلف» والذى يرى فى سياقه أن «الإسلام وسيلة والإنسان غاية»، بمعنى أن الإسلام وسيلة لتحقيق العدالة والحرية والكفاية، وأن الإنسان يأتى أولاً، لأن الله كرمه وجعل الملائكة تسجد له، وخلق الأرض كوكباً مميزاً بين ملايين الكواكب، فجعل مناخها محتملاً، وشق فيها البحار والأنهار، وبسط السهول وأرسى الجبال، واختزن فى جوفها المعادن، وأوجد على سطحها الحيوان والنبات ليكفل للإنسان حاجته من المأكل والمسكن والملبس، وأنعم عليه بنعمة العقل والتفكير، وأنزل الكتب وبعث الرسل لهدايته، كما خلق الشياطين لتكون الحياة مبارزة بين الخير والشر، وعليه يكون الحساب والجزاء فى الآخرة، وأن الرسول فهم ذلك جيدا فأقام فى المدينة المنورة مجتمعا يحقق للإنسان العزة والكرامة.

ومثل العقل المحور الثانى فى المشروع، حيث دعا إلى تحكيم العقل لنحكم به مع القرآن دون أن نعتمد على التفاسير، ولنميز به الحديث الصحيح من الموضوع، وقدم «البنا» فى مشروعه رؤية للإسلام تختلف، بل تتعارض مع الفكرة التقليدية، وظهر هذا جلياً فى كتابه «ديمقراطية جديدة» وكان جمال البنا قد أوضح الهدف من مشروعه، بقوله: «إنه يشكل دعوة للعودة إلى إسلام الإنسان»، خاصة أنه يرى أن روح العصر الحديث تساعد على ذلك، مشدداً على ضرورة إعادة تأسيس منظومة المعرفة الإسلامية، على أسس «إسلام الإنسان وليس إنسان السلطان» هذا هو المفكر الإسلامى جمال البنا الذى اختزله البعض فى كونه صاحب قضايا اشتباكية وآراء فقهية صدامية.

أما عن سيرته فتقول إنه الشقيق الأصغر لمؤسس جماعة الإخوان حسن البنا، وهو مولود فى مدينة المحمودية، بمحافظة البحيرة، فى ١٩ ديسمبر ١٩٢٠، وكان أصغر الأبناء الذكور لأحمد عبدالرحمن البنا الساعاتى، وبرغم كون جمال الشقيق الأصغر لمؤسس الإخوان، فإنه اختلف جذرياً مع فكر الجماعة، وبدأت مسيرته بأول كتبه «ثلاث عقبات فى الطريق إلى المجد»، عام ١٩٤٥، حتى أكمل ١٥٠ مؤلفاً وعمل محاضراً فى الجامعة العمالية والمعاهد المتخصصة منذ ١٩٦٣ حتى ١٩٩٣ وخبيراً بمنظمة العمل العربية، ورفض الحياة البرجوازية، التى تبدأ بدخول الجامعة، ثم الوظيفة ثم الزواج والأسرة، فكان لديه الوقت الطويل ولكونه آخرالعنقود من الذكور فكان له وضع خاص عند والده، الذى سماه «جمال»، تيمناً بالمفكر جمال الدين الأفغانى، وفى هذا الوقت انتقلت الأسرة من المحمودية للقاهرة.

لم ينخرط جمال فى جماعة الإخوان هو ووالده وكانت علاقته بشقيقه الأكبر حسن تتميز بجدليتها التى نشأت من اختلاف الطبائع، وقد رفض الانضمام للجماعة إلى أن توفى فى نهاية أكتوبر ٢٠١٣.