هل يقبل المهندس إبراهيم محلب بما جاء فى حلقة أمس الأول من مسلسل «الكبير» على قناة cbc؟!.. هل يقبل الرجل أن يأتى يوم يقال فيه إن ما أذيع خلال الحلقة قد أذيع على الناس فى بيوتهم، بينما هو رئيس وزراء فى مقعده؟!.. هل يقبل أن تدير دقيقة واحدة فى الحقلة إياها ما تسعى حكومته إلى بنائه فى عام كامل؟!.. هل يقبل أن يهان المشاهدون فى منازلهم إلى هذا الحد؟!.. هل يقبل أن يتحول المصريون إلى فريسة المسلسلات والبرامج طوال الشهر بوجه عام، ثم لهذا المشهد فى «الكبير» بشكل خاص؟!
إننا فيما يبدو كنا متفائلين جدا وعندما تصورنا أن الإعدام الذى أوقف جهاز حماية المستهلك بثه قبل ثلاثة أيام هو غاية ما يمكن أن يصيب المشاهدين بسوء فإذا به لا شىء إذا ما قورن بما رآه المشاهدون وسمعوه فى تلك الحلقة التعيسة من «الكبير»؟!
هل يقبل رئيس الوزراء أن يظهر فى الحلقة طفلان شقيقان يتشاجران حول أحقية أى منهما فى تعاطى الكوكايين؟!.. وهل يقبل أن يلجأ أحدهما، حين أعيته الحيلة، إلى شق وجه أخيه بسكين؟!.. وهل يقبل رئيس حكومتنا أن يذاع علينا أن والدهما عندما رأى أثر السكين على وجه أحد أبنائه، قد جاء هو الآخر بسكين وطلب من الابن المصاب أن يعلم به على وجه شقيقه؟!
هل يقبل رئيس الوزراء أن يجرى هذا كله على الشاشة، بينما المصريون يتناولون إفطارهم فى هدوء؟!.. هل يقبل رئيس الوزراء أن يقوم الأب نفسه فى الدقيقة التالية بشق وجه ابنه الثالث بالسكين ذاته. لأنه رآه يضحك على ما حدث لشقيقيه؟
فى الإعلان الذى ألغاه جهاز حماية المستهلك، كان الأب يضرب ابنه بعنف، وكان ذلك مثار استياء ملايين المصريين، الذين ظلوا مستاءين خمسة أيام كاملة، بينما الإعلان تتكرر إذاعته يوميا لعشرات المرات، إلى أن أنقذنا جهاز «المستهلك»!
لقد كانت الحكاية كلها فى الإعلان أن الأب يوجه صفعة قوية للابن دون أى مبرر، وكنا فى غاية الاستياء والضيق والألم كمشاهدين، ولم نكن نعلم أن الصفعة سوف تتحول فى «الكبير» إلى دماء وسكين وكوكايين وعلنا!
لا أعرف حدود القشعريرة التى أصابت أبدان المشاهدين حين رأوا ذلك المشهد وسط ذهول كامل، ولكنى أعرف أن بدن المهندس محلب سوف يصاب بالقشعريرة نفسها إذا ما وقعت عيناه على المشهد المحزن، لأن الرجل إنسان فى النهاية ولأنه مصرى ثم لأنه رئيس حكومة مسؤول!
يأسف الواحد منا وهو يوجه الكلام هنا إلى رئيس الحكومة، فالمفترض أن هناك عشرات المسؤولين الذين يسبقونه فى التصدى برجولة لمثل هذا العبث بمجتمع بكامله، ولكننا بكل أسف لا نرى منهم أحدا منذ بدء شهر الصيام، اللهم إلا اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز المستهلك، واللهم إلا النقيب المحترم أشرف زكى الذى لما ضاق به الحال لم يجد مفرا من توجيه نداء منشور قبل يومين إلى أعضاء نقابة الممثلين بمقاطعة كل الأعمال التى تزحف على المشاهدين بكل ما هو سيئ وقبيح ومقرف!.. ومتى؟ فى شهر رمضان!
إننى أناشد المهندس محلب أن يفعل شيئا.. أناشده لأن ملايين المشاهدين هم من بين رعاياه فى الأول وفى الآخر ولأنه مسؤول!
أناشدك أن توقف هذا الإفساد والقتل المتعمد لعقول وقلوب رعاياك!.. أناشدك لأن فى الحلقة عبارات وإشارات أستحيى من ذكرها صراحة فى هذا المكان!