فى 26 يونيو 2015 تحتفل مدارس «ماريا أوزيليا ترتيشى» بمئوية عملها الناجح فى مجال التعليم فى مصر. ففى عام 1915 وصلت الراهبات من فلسطين بعد طردهن من الحكومة التركية لأسباب سياسية غير واضحة!!.. تأسست تلك الجماعة على يد شاب كاهن إيطالى يُدعى «يوحنا بوسكو» (1815 – 1888) والمعروف باسم «دون بوسكو»، الذى أوقف حياته لخدمة الشباب، وبدأ بخدمة أطفال الشوارع فقام بتدريبهم وتعليمهم المهارات الفنية الصناعية.. كانت بداية عمل الراهبات فى مدينة الإسكندرية صعبة وشاقة، فبحثن عن سكن فى شارع جيد الجوهر، ثم انتقلن إلى شارع منشا بمنطقة محرم بك، حيث المبنى الذى حولته الدولة إلى متحف الفنون الجميلة، وأخيراً استأجرن مبنى فى شارع بنى العباس بمنطقة الفراعنة لحين توافر المبلغ اللازم لشرائه، وحالياً المدرسة تقع فى نفس المكان.
فى عام 1918 بدأ العمل فى مدرسة منتظمة للمغتربات الإيطاليات: خمسة فصول للقسم الابتدائى وثلاثة للقسم التكميلى. وكانت تتبع المناهج الحكومية مع إحياء أسلوب «دون بوسكو» التربوى. اتسع نشاط المدرسة وبلغ عدد الطالبات 250 طالبة، ثم زاد عدد الطالبات المصريات الملتحقات بالمدرسة، ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939، ودخول إيطاليا الحرب، وقع كثير من آباء طالبات المدرسة فى الأسر، ففتحت المدرسة أبوابها لإيواء الأسر التى بلا مأوى. جميع المدرسين بالمدارس الحكومية الإيطالية عادوا إلى بلادهم ما عدا راهبات مدارس «ماريا أوزيليا ترتيشى» فبقين لمساندة الشعب وتقديم جميع أنواع المساعدات حيث بلغ عدد الطالبات 644 طالبة. ونظراً لتلك القدوة الطيبة قررت بعض الطالبات أن يسلكن فى السلك الرهبانى بعد ذلك ومنهن «سور أدريانا» الرئيسة الأقليمية الحالية، و«سور ماريا فلافيا» و«سور جوفانا ميليونى» وغيرهن.
وفى عام 1956 عندما غادر الكثير من الأسر الإيطالية مصر، وظلت راهبات المدرسة متمسكات بشجاعة وأمل فى مستقبل أفضل وفتحن أبواب المدرسة للطالبات المصريات. وأصبحت الآن المدرسة تضم قسم الحضانة والابتدائى والإعدادى وقسم التفصيل والخياطة والتطريز. كما اهتممن بأنشطة أخرى مثل رعاية شباب وشابات الأحياء الشعبية فى غبريال والحضرة، وأيضاً العناية بمرضى مستشفى الجُزام الذين حُرموا من كل شىء.
تحية لراهبات «ماريا أوزيليا تريتشى» فى عيدهن المئوى وهن يقدمن قدوة طيبة فى المجتمع الإنسانى. فالإنسانية لا تتجزأ.
د. مينا بديع عبدالملك
أستاذ الرياضيات الهندسية بهندسة الإسكندرية