فى منزل قديم متواضع يطل الفقر على جدرانه المتهالكة التى ملأتها التشققات وبدت التصدعات بارزة فيه، تجلس سيدة يبدو عليها التعب، وآثار الهموم قد رسمت تفاصيلها المؤلمة على وجهها حزناً على فراق طفلها سمير أحمد الجمل، ضحية مظاهرات الإخوان بالسويس، فيما كانت شقيقته منهمكة فى تجهيز مائدة الإفطار.
تجمعت أسرة الشهيد على منضدة صغيرة أمام أريكة متواضعة، ومقاعد جلست عليها الأم والأب وأشقاء الشهيد، تتذكر الأم كيف كان طفلها فى مثل هذه الأيام، يجلس إلى جوارها فرحاً بالإفطار بعد يوم طويل قضاه فى الصيام، فرغم صغر سنه التى لم تتعد 11 سنة إلا أنه كان حريصاً على الصيام، منذ بلغ عامه التاسع. لمعت عين الأم وهى تتذكر ضحكات ابنها وققشاته الصغيرة التى كانت تبتسم لها، وتقول إنه كان ينتهى من طعامه سريعاً ليأخذ التمر يوزعه على المصلين ويصلى معهم جماعة.
تضيف الأم: «فى اليوم الذى أتينا بشهادة وفاته هاتفتنا المدرسة لاستلام شهادة امتحانات نصف العام، وقد اجتازها بتفوق وحصل على الدرجات النهائية، وكان الأول على مستوى المدرسة بالصف الخامس الابتدائى».
تتذكر الأم لحظات قتل ابنها، مشيرة إلى أنها كانت تعبر الشارع على بعد أمتار من منزلها بصحبة سمير، فأطلق أحد الإخوان النار تجاهه، وفجأة سقط على الأرض يصارع الموت، مؤكدة: «رأيت أشخاصاً مشاركين فى المسيرة يحيطون بالقتلة لإخفائهم عنا، ثم فروا جميعا هاربين.
يقول الأب أحمد الجمل: «الإخوان ليسوا سوى مجرمين قتلوا طفلى.. كيف هانت عليهم تلك النفس البريئة أن يستبيحوا قتلها.. هم إرهابيون خونة.. خانوا وطنهم وشعبهم، ومازلت أنتظر القصاص فى القضية المرفوعة بالمحكمة».
ويضيف: «اصطحبت زوجتى ذات جلسة بينما كان ثلاثة من المتهمين داخل القفص، حيث شهدت زوجتى أنها رأتهم فى المسيرة لحظة إطلاق النار على طفلى، كانوا فى القفص مرحين يضحكون غير مكترثين بما اقترفته أيديهم، وما أن تلاقت نظراتنا تخفوا وراء متهمين آخرين دخلوا فيما بعد القفص».
وقالت الأم قبل وفاته بأيام سألنى: هى الجنة شكلها إيه؟ أنا هجيبلك قصر فى الجنة بدل شقتنا، وسمعت بعدها من نجلى الأكبر أن صديقه أخبره أن سمير قال له قبل وفاته بأيام عندما كان يجلس خلفه على دراجة بخارية (أنا عصفورة هموت شهيد).