مرت 10 أيام على صدور حكم من محكمة جنايات القاهرة بسجن يوسف عبدالرحمن، وكيل أول وزارة الزراعة سابقاً، رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعى لمدة 10 سنوات، ومعه راندا الشامى المستشار القانونى السابق للبورصة الزراعية بالسجن لمدة 7 سنوات وإدانة آخرين فى قضية المبيدات المسرطنة، ومن المفترض أن يتم إلقاء القبض على المتهمين وترحيلهم إلى السجن لاستكمال مدة العقوبة المقررة،
إلا أن مصدراً أمنىاً أكد أن أجهزة الأمن توجهت إلى منزل يوسف عبدالرحمن الكائن فى شارع الهرم بعد يومين من الحكم ولم يجدوا أحداً بداخله، وتم تعين حراسة عليه لضبط المتهم الهارب، كما توجهت قوة من المباحث إلى منطقة المهندسين لضبط المتهمة الثانية راندا الشامى والمعروف عنوانها بالكامل لدى مباحث تنفيذ الأحكام،
إلا أن البواب أخبرهم بأنها تركت المنزل قبل يوم الحكم، وكشف عدد من المصادر والأمنية المقربين من المتهمين يوسف عبدالرحمن وراندا الشامى عن مفاجآت فى تلك القضية.
قال محامٍ على صلة بالقضية - رفض ذكر اسمه - إن يوسف عبدالرحمن كان مخلى سبيه على ذمة القضية، ويحاكم حضورياً بعد أن سلم بطاقته الشخصية لهيئة المحكمة، وأضاف المصدر أن مفاجآت حدثت فى اليوم الذى تم تحديده للنطق بالحكم فى القضية.
حضر يوسف عبدالرحمن وعلامات الرضا تبدو على وجهه، وقال عدد كبير من الصحفيين والمحامين الذين شاهدوه وقتها أنه واثق فى نفسه وغير مهتم بالحكم. وخرجت هيئة المحكمة وقررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 20 نوفمبر الماضى، وقتها أرجع الحضور ثقة عبدالرحمن ربما لكونه يعرف مد أجل النطق بالحكم.
وأضاف المحامى أن الشك تأكد عندما جاء ميعاد الجلسة الثانية للحكم والتى صدر فيها بالفعل، لم يظهر يوسف عبدالرحمن فى القاعة ولم يحضر إلى المحكمة وقال البعض إن معلومات قد تسربت له ولمحاميه بأن حكماً بالإدانة سيصدر فى حقه، أو ربما توقع يوسف صدور حكم بالإدانة فقرر الهروب قبل أن يتم إلقاء القبض عليه، ولكن يبقى السؤال: لماذا حضر يوسف عبدالرحمن فى جلسة النطق بالحكم الأولى ولم يحضر الثانية؟
كانت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا التى باشرها عماد شعراوى، رئىس النيابة، أكدت أن المبيدات التى يحاكم بسببها المتهمون غير مطابقة للمواصفات، وأنها دخلت البلاد بمنتهى الاستهتار، دون تحليل أو تجريب أو تقديم دراسات علمية معترف بها تفيد صلاحيتها وأن المتهمين أدخلوا 19 مبيداً من بينها 6 مبيدات «مسرطنة» تم تسجيلها جميعاً بأرقام محلية ومقررة، وجاء فى أمر إحالة المتهمين إلى الجنايات بأنه كان يجب على المتهمين اختبار وتحليل هذه المبيدات قبل تسجيلها.
وقال ممثل النيابة فى مرافعته أمام هيئة المحكمة إن التسجيل تم بطريق التزوير، وأوضح شعراوى أن عبدالرحمن حصل لنفسه على عطايا مادية ومعنوية عبارة عن 600 ألف جنيه كأرباح ومكافآت ورواتب عن عام 2001 فقط، وأن حجم معاملات شركة البورصة الزراعية ارتفع من 70 إلى 150 مليون جنيه، وطلبت النيابة فى نهاية تعقيبها تطبيق العدل ومعاقبة المتهمين محبوسين حتى لا يفلتوا بعد ارتكاب جرائمهم.
يوم الخميس قبل الماضى صدر الحكم فى القضية وتحقق ما حذر منه ممثل النيابة، عاقبت المحكمة عدداً من المتهمين بالإدانة بأحكام مختلفة، وجميعهم لم يحضروا الجلسة، فروا هاربين ولم تتمكن مباحث تنفيذ الأحكام من التوصل إليه، فلتوا من العقاب بعد ارتكاب جرائمهم مثلما قال عماد شعراوى، رئيس نيابة أمن الدولة، فى مرافعته أمام هيئة المحكمة.
انتقلت «المصرى اليوم» إلى منزل «يوسف عبدالرحمن» الكائن فى أحد الشوارع الجانبية المتفرعة من شارع الهرم.. لإجراء حوار صحفى معه بعد النطق بالحكم، ولكننا كما توقعنا لم نجد أحداً فى المنزل المغلق، سألنا عدداً من الجيران، بعضهم قال «لا نعرف عنهم شىئاً»، وآخرين رفضوا الحديث عنهم» وأكد عدد من الجيران أن يوسف وعدداً من أقاربه غادروا المنزل ليلة الأربعاء قبل الماضى، أى ليلة النطق بالحكم فى القضية، ولا يعرفون إلى أين ذهبوا.
وفى منطقة المهندسين ذهبنا إلى منزل المتهمة الثانية فى القضية «راندا الشامى» المقضى عليها بالحكم لمدة 7 سنوات، سألنا بواب العمارة، فال فى البداية «لا أعرف أحداً بهذا الاسم»،
وبعد أن واجهناه بأحد الجيران الذى أكد أن السيدة راندا الشامى تسكن فى الطابق السابع.. فرد البواب «آه» صح أنا أعرفها باسم «أم ميدو» ولا أعرف اسمها «راندا الشامى».. وفى النهاية طلبنا من البواب أن نصعد إلى الشقة فقال: «لا هى وأقاربها وأسرتها تركوا المنزل منذ 3 أيام.. ولا يوجد أحد فى الشقة».
وقال مصدر مسؤول بمباحث تنفيذ الأحكام إن قوة من المباحث توجهت إلى منازل المتهمين لضبطهم لتنفيذ الأحكام إلا أنها لم تجد أحداً وتبذل المباحث جهوداً مكثفة لضبطهم.
وانتقد حقوقيون تقاعس المباحث عن تنفيذ تلك الأحكام، وقالوا فى قضايا مثل المخالفات البسيطة للمواطنين العاديين نجدهم يقفون فوق رأس المتهمين فى تلك القضايا.