شهد شهر رمضان العديد من الأحداث التي غيرت التاريخ الإسلامي عبر العصور، ويعد الشهر الكريم لدى المسلمين رمزًا للانتصارات، والفتوحات، كما شهد رمضان مولد عظماء المسلمين من صحابة وتابعين وقادة وعلماء، ووفاتهم، الذين كان لهم الأثر البالغ في الإسلام، ونتناول في السطور التالية أبرز ما حدث في 6 رمضان.
فتح بلاد السند:
كان ذلك على يد الفاتح محمد بن القاسم الثقفي الذي ولد سنة 72هـ بمدينة الطائف في أسرة معروفة؛ فقد كان جدُّه محمد بن الحكم من كبار ثقيف، أصبح قائدًا في عهد الحجاج بن يوسف وهو في سنٍّ صغير لم يبلغ عامه السابع عشر، كانت سبب هذه المعركة هي أن قراصنة السِّند في عهد الملك داهر استولوا على بعض سفن المسلمين وأخذوا كل ما فيها من هدايا وذهب، وأسروا العديد من النساء فنادت إحدى النساء: «وا حجاج»، فلبَّى الحجاج النداء، فأرسل إلى الملك داهر يطلب منه رد ما أخذه القراصنة، ولكن كان ردَّ داهر أنه لا سلطان على القراصنة، فأقسم الحَجاج على فتح هذه البلاد والانتقام من ملكها، فولى محمد بن القاسم الثقفي قائدًا على جيشٍ قوامه اثنا عشر ألف جندي، فاتجه إلى مدينة شيراز، وعسكر في مدينة «مكران»، وبعدها قام المسلمون بالهجوم على مدينة الديبل، فدخلها المسلمون بعد أن اقتحموا أسوراها، بعدها قرر محمد بن القاسم الثقفي عبور نهر مهران للقاء داهر ملك السند، وبعد عبور الجيش سار ابن القاسم إلى منطقة «جيور»، ونزل بجيشه على مقربة من نهر (ددهاواه)، والتحم الجيشان في معركة استمرت 7 أيام، وقد أيَّد الله المسلمين بهذا النصر.
حصار المعتصم مدينة عمورية:
كان تيوفوليس إمبراطور بيزنطية قد انتهز فرصة انشغال المعتصم بالقضاء على بابك الخرمي، فخرَج على رأس مائة ألف جندي أغار بهم على مدينة زبطرة وأحرَقها وأسر من فيها من المسلمين، وأسر العديد من النساء، فنادت إحدى النساء: «وا معتصماه، وا معتصماه»، فلما علم المعتصم أقسم على رد العدوان، فسأل عن أعزِّ مدن الروم، فقيل له: عموريَّة، فعزم على المسير إليها ودكِّها.
قام المُعتصم بتقسيم جيشه لعدة فِرَق، جعل على كل واحدة منها قائدًا من خيرة قوَّاده، فكان على مقدِّمة جيشه أشناش التركي، وعلى ميمنته إيتاخ التركي، وعلى المَيسرة جعفر بن دينار، وعلى الساقة بغا الكبير، وعلى القلب عجيف، ثم أمر قُواده بغزو بلاد الروم من ثلاث جهات، وسيَّر أمامه قائده «الأفشين» لكي يفتح الطريق أمام الجيش، وأمره بالاتجاه إلى أنقرة ففتحها المسلمون.
بدأ الحصار في 6 رمضان 223هـ، وكانت عمورية مدينة عظيمة جدًّا، ذات سور منيع وأبراج عالية كبار كثيرة، وقد تحصَّن أهلها تحصُّنًا شديدًا، وملؤوا أبراجها بالرجال والسلاح، ولكنَّ ذلك لم يَفُتَّ في عضد المسلمين، فضرب المعتصم أسوارها بالمنجنيق وأهلها محاصرين داخلها حتى سقطت أسوار المدينة.