نص كلمة رئيس محكمة جنايات القاهرة بقضية «التخابر»

كتب: فاطمة أبو شنب, إبراهيم قراعة الثلاثاء 16-06-2015 12:45

أكد المستشار شعبان الشامي، رئيس محكمة جنايات القاهرة، قبل نطقه بالحكم في قضية التخابر مع منظمات وجهات أجنبية خارج البلاد، وإفشاء أسرار الأمن القومي، والتنسيق مع تنظيمات جهادية داخل مصر وخارجها، بغية الإعداد لعمليات إرهابية داخل الأراضي المصرية، والمتهم فيها الرئيس الأسبق محمد مرسي و35 متهما آخرين، أن جماعة الإخوان المسلمين بالقطر المصري، نشأت منذ مارس 1928 على أيدي مؤسسها حسن البنا الذي ضخ في عروقها مزيجًا ما بين الدين والسياسة، ظاهرها الدين وباطنها السياسة، حيث سارت أجيالها المتعاقبة سواء من المؤسسين لها، أو القائمين على إدارتها وأعضائها والمنضمين إليها، على دربه بالخلط بين أيدولوجية الطائفية بغيضة تبنتها تلك الجماعة تهدف إلى السياسة بالأساس وترمي إلى الحزبية وإن تقنعت بالشريعة الإسلامية.

وأضاف أن الخلط بين الإسلام المستقيم المستنير وتلك الأيدولوجية الرامية إلى سلطة الحكم بالأساس، جاء تحت زعم الخلافة الإسلامية التي هي في الفطرة الإسلامية الصحيحة لا تعدو سوى أن تكون نظام الحكم وليس مبدأ دينيا، موضحا أن الخلافة لدى جماعة الإخوان أصل من أصول الدين، حيث استمر حال الجماعة لتحقيق أغراضها للوثوب على سلطة الحكم بأي ثمن، وإن كان على حساب الوطن والشعب، ولم يكن هناك رادع لها، فأباحت إراقة الدماء بين أبناء الوطن، وتآمرت وتخابرت مع منظمات اجنبية خارج البلاد لتحقيق أهدافها الشيطانية تحت ستا ر الدين والإسلام خلافا لأحكام القانون.

وأوضح أنه من المقرر وفقا لقانون السلطة القضائية إنه لا شأن للقضاة بأعمال السياسة والاشتغال بها، غير أن المحكمة بمناسبة تصديها بما دفع به المتهم الثالث محمد مرسي من عدم اختصاص المحكمة ولائيا (نوعيا) بنظر الدعوى بزعم انه ما زال رئيسا للجمهورية ومن ثم فإن هذه المحكمة ليست مختصة قضائيا بمحاكمة، وإنما تختص بمحاكمته محكمة خاصة ذات تشكيل خاصة وفقا لنص المادة 159 من دستور 2014 والتي تقابل 152 من دستور 2012 .

وأكد «الشامي» أن المحكمة قامت بالرد على هذا الدفع بالقدر اللازم قانونا، وعلى الرغم من أنه لا يجوز أن تقضي بالعلم الشخصي لأحد أعضائها، إلا انه يجوز لها أن تستند إلى ما هو علم عام للكافة، وما تناولتها وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة في مصر والعالم بأسره.

وقال إنه في يوم 30 يونيو 2013 ومع بزوغ شمس فجر ليل طويل حالك السواد استمر عاما كاملا هي مدة حكم جماعة الإخوان، لاح فجر الضمير الإنساني في القلوب، إذ خرجت جموع الشعب المصري في شتى أنحاء البلاد تطالب ببناء مجتمع مصري قوي متماسك لا يقصي أحدا من أبنائه أو تياراته، وينهي حالة الصراع والانقسام، حيث اندلعت ثورة الشعب على النظام الحاكم الذي يمثله محمد مرسي وباقي أفراد جماعته الإخوانية، رافضة استمرارهم في السلطة بعد أن أقصوا جموع الشعب من غير الإخوان، وفرقوا بين أبناء الشعب الواحد، وبدلا من استجابتهم لمطالب الشعب وحقنا لدماء بدأت تظهر في الأفق بانقسام وشيك بين أبناء الشعب الواحد، فقد قوبلت تلك الثورة الشعبية بتمسك محمد مرسي بالسلطة ودونها الرقاب، واعتصامه بشرعية زائفة في خطاب ألقاه على هذا الشعب المنكوب وقع محبطا للآمال.

وذكر أن كافة القوى الوطنية المصرية المخلصة، بجميع اتجاهاتها، التفت فيما بينها دعما لإرادة الشعب في تغيير نظام حكم فاشل آل على نفسه أن يفرق بين أبناء هذا الوطن ويجعلهم شيعا، وهو ما عجز عنه أشد أعداء الوطن الذي ظل متماسكا.

وأكد أن الثورة الشعبية الجارفة أصبحت صاحبة السيادة- باعتبار أن السيادة للشعب- فانحازت لها القوات المسلحة في 3 يوليو 2013، وأصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة بيانا مخاطبة به شعب مصر العظيم، تضمن أن القوات المسلحة لم يكن في مقدورها أن تصم آذانها أو تغض أبصارها عن حركة جماهير الشعب، وانتهت بعد التشاور مع الشباب والقوى الوطنية والسياسية على خريطة مستقبل، تتضمن خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصري قوي، لا يقصي أحدا من أبنائه وتياراته وينهي حالة الصراع والانقسام.

واسترسل قائلا إن الخريطة شملت من ضمن ما اشتملت عليه، أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد وتشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية، موضحا أنه من هنا كانت ثورة شعب مصر العظيم ومن خلفه القوات المسلحة، عزلت محمد مرسي رئيس الدولة من منصبه عن إرادة واعية وشعبية طاغية لم يشهد العالم مثيلا لها، فزالت صفة المتهم محمد مرسي كرئيس لجمهورية مصر العربية بموجب تلك الثورة الشعبية الجارفة التي نص عليها الدستور تكريما لها واعترافا بها وبفضلها، حينما نص أن هذا دستورنا وبثورة 25 يناير فريدة في تاريخ الثورات الكبرى والإنسانية، وبحماية جيش الشعب للإرادة الشعبية وبمباركة من الأزهر الشريف والكنيسة الوطنية لها، وهي أيضا فريدة بسلميتها وبطموحها أن تحقق الحرية والعدالة الاجتماعية.

وقال رئيس المحكمة إنه ثبت للمحكمة بدليل قاطع ويقين جازم أن المتهم محمد مرسي قد زالت صفته كرئيس للجمهورية على النحو المتقدم منذ 30 يونيو 2013، وتم التحقيق معه وإحالته إلى هذه المحكمة التي تنظر الدعوى بعد هذا التاريخ الأخير، أي بعد زوال صفته كرئيس للجمهورية.

وأكدت المحكمة أنه لا يكون هناك أي مجال لإعمال نص المادة 159 من الدستور الحالي من إجراءات خاصة لمحاكمة رئيس الجمهورية حال توليه منصبه، ومن ثم يكون الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، غير سديد وجدير بالرفض.

وذكرت المحكمة أنها انتهت إلى ثبوت ارتكاب المتهمين للتهم المسندة إليهم، ومن ثم فإنها لا تعول على إنكارهم وتعتبره ضربا من ضروب الدفاع عن النفس، الغرض منه الإفلات من يد العدالة والتخلص من المسئولية الجنائية وتبعاتها، حيث قام الدليل الجازم على اقترافهم على الأفعال المنسوبة إليهم، حيث أرسلت أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الديار المصرية لإبداء الرأي الشرعي في إنزال عقوبة الإعدام في شأن بعض المتهمين.

وأشارت المحكمة إلى أنه بالاطلاع على تقرير فضيلة المفتي بالرأي الشرعي في القضية، فقد تضمن التقرير أنه من المقرر شرعا أن الاتفاق بين الشركاء المباشرين على ارتكاب الجريمة، يعنى أنهم يقصدون جميعا قبل ارتكاب الحادث الوصول إلى تحقيق غرض معين، ويتعاونون أثناء وقوع الحادث على ارتكاب الجريمة ما اتفقوا عليه، وكانت القرائن الثابتة بالأوراق القاطعة الدلالة تقطع بإثبات الجرم بحق هؤلاء المتهمين المطلوب أخذ الرأي الشرعي بالنسبة لهم وغيرهم من المتهمين الآخرين.

وأضاف- في بيانه- أن تقرير مفتي الجمهورية تضمن أنه من المقرر شرعا أن القرينة القاطعة هي ما يستخلصه المشرع من أمر معلوم الدلالة على أمر مجهول، وهي إمارة ظاهرة تفيد العلم عن طريق الاستنتاج بما لا يقبل شكا أو احتمالا، ومنها ما نص عليه المشرع ومنها ما يستنبطه الفقهاء والقاضي من دلائل الحال وشواهده، حيث إنه من المقرر أن الجرائم في الفقه الإسلامي تنقسم إلى 3 أقسام.

وأوضح تقرير المفتي أن من بين هذه الجرائم ما يعاقب عليها بالحد المقدر لله تعالى، إلى جانب جرائم يعاقب عليها بالقصاص يغلب فيها حق العدل وإن كان لله فيها حق،وكذلك جرائم معاقب عليها بالتعزير، ويقدر القاضي العقوبة في هذا النوع الأخير بما يتناسب مع الجرم والجاني والمجني عليه وكافة الظروف المحيطة بالجريمة.

وأشار إلى أنه من المقرر شرعا أن لكل جرم عقوبة من حد أو قصاص، وما لم يرد بشأنه حد فعقوبته التعزير، وهي عقوبة غير مقدرة شرعا ومتروكة للحاكم أو من ينيبه طبقا لطبيعة الجرم المقترف، والتي تبدأ باللوم أو التوبيخ وتنتهي بالقتل.

وذكر أن الجرم الذي ارتكبه المتهمون ضمن الجرائم المعاقب عليها بالتعزير، والتي أجاز الكثير من الفقهاء أن يعاقب تعزيرا من إذا اقتضت المصلحة العامة تقدير عقوبته بالقتل إذا كان فساد المجرم لا يزول إلا بقتله، مثل قتل الجاسوس ومعتادي الجرائم الخطيرة.

وأوضح تقرير دار الإفتاء أن المتهمين تخابروا مع من يعلمون لصالح منظمة مقرها خارج البلاد (التنظيم الدولي للإخوان) وجناحه العسكري حركة (حماس) للقيام بأعمال إرهابية داخل مصر، بأن اتفقوا معه على تنفيذ أعمال إجرامية إرهابية داخل البلاد وضد ممتلكاتها ومؤسساتها ومواطنيها بغرض إشاعة الفوضى وإسقاط الدولة المصرية وصولا إلى استيلاء جماعة الإخوان على الحكم، بأن فتحوا قنوات اتصال مع جهات أجنبية رسمية وغير رسمية، وتلقوا دورات تدريبية لتنفيذ الخطة المتفق عليها، بالتحالف مع منظمات إرهابية جهادية بالداخل والخارج، وتسللوا بطرق غير مشروعة إلى قطاع غزة، حيث تلقوا تدريبات عسكرية داخل معسكرات، وتبادلوا عبر شبكة الانترنت نقل التكليفات فيما بينهم.

وأكد تقرير المفتي أن الجرائم وقعت من جانب هؤلاء المتهمين بدفع مجموعات مسلحة داخلية وخارجية تسللت بطريق غير مشروع إلى الحدود الشرقية، وهاجمت المنشآت الشرطية والعسكرية والسجون المصرية فضلا عن ترويع الآمنين، وسلموا لدولة أجنبية (عناصر الحرس الثوري الإيراني) العديد من التقارير السرية الواردة من هيئة الأمن القومي، بشأن المعلومات السرية بشأن نشاط عناصر إيرانية تهدف إلى زعزعة استقرار وأمن البلاد، وأفشوا لها سرا من أسرار الدفاع تخص الأمن القومي للبلاد.

وأشار تقرير المفتي إلى أن هؤلاء المتهمين أسسوا جماعة على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحريات الشخصية للمواطنين التي كفلها لهم الدستور والقوانين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، كما أسسوا جماعة تهدف إلى تغيير نظام الحكم بالقوة والاعتداء على منشآت وأفراد القوات المسلحة والشرطة، واستهداف المنشآت العامة ومصالح الدولة، بهدف الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع للخطر وكان الإرهاب وسيلة لتحقيق تلك الأغراض، وكان ذلك كله ظاهر وبين من أوراق القضية.

وانتهى تقرير دار الإفتاء إلى أن الدعوى قد أقيمت بالطرق المعتبرة قانونا قبل المتهمين، ولم تظهر في الأوراق شبهة تسقط العقوبة عنهم، فكان جزاؤهم الإعدام تعزيرا لما اقترفوه.

وأكد «الشامي» أن المحكمة لم تجد للمتهمين سبيلا للرأفة أو متسعا للرحمة.

قضت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار شعبان الشامي، الثلاثاء، في قضية التخابر مع حماس، بإعدام خيرت الشاطر، ومحمد البلتاجي، وأحمد عبدالعاطي، شنقا، عما أسند لكل منهم.

كما قضت المحكمة بمعاقبة كلا من محمد بديع، محمد مرسي، محمد الكتاتني، عصام العريان، سعد الحسيني، حازم فاروق عبدالخالق منصور، عصام محمود الحداد، محيي حامد، أيمن على، صفوت حجازي، خالد سعد حسانين، جهاد الحداد، عيد دحروج، إبراهيم خليل الدراوي، كمال سيد أحمد، سامي أمين، خليل أسامة، بالسجن المؤبد عما أسند لكل منهم، ومعاقبة رفاعة الطهطاوي، وأسعد الشيخة، بالسجن 7سنوات عما أسند لكلا منهم.

وقضت غيابيا بإجماع الآراء بمعاقبة كل من السيد محمود عزت إبراهيم عيسى، متولي صلاح الدين عبدالمقصود، عمار أحمد فايد البنا، أحمد رجب سليمان، والحسن خيرت الشاطر، وسندس عاصم سيد شلبي، وأبوبكر حمدي، وأحمد محمد الحكيم، ورضا فهمي خليل، محمد أسامة العقيد، وحسين محمد القزاز، وعماد على عطوة شاهين، وإبراهيم فاروق، بالإعدام شنقا.

وعن المتهم فريد إسماعيل، قال المستشار شعبان الشامي، إن المحكمة أبلغت بوفاته، فانقضت الدعوى بالوفاة.