87 عامًا على ميلاد «المناضل المثال».. جيفارا لا يموت (بروفايل)

كتب: رضا غُنيم الأحد 14-06-2015 09:06

مجموعة من الشخصيات اجتمعت في رجل واحد، طبيب وكاتب وشاعر وقيادي وثوري، يؤمن بأن بلاد العالم وطنه، وقلوب الناس جنسيته، خُلق للدفاع عن الفقراء والمظلومين، قال عنه والده: «ابني تجري في عروقه دماء المتمردين الأيرلنديين»، وصفه المؤرخون والفلاسفة وأتباعه بـ«المحرر»، بينما هو رفض الوصف، وقال إن «الشعب هو المحرر.. المحررون لا وجود لهم».

تشي جيفارا، المولود في الأرجنتين يوم 14 يونيو 1928، كان بمثابة بقعة ضوء وسط ظلام حالك، كرّس حياته في تحرير العالم من الطبقية، آمن وهو في الـ25 من عمره بأن الثورة هي الحل كي لا ينام العالم بثقله على أجساد الفقراء، وذلك بعد رحلة في دول أمريكا اللاتينية، رأى خلالها ظلمًا في عيون المزارعين والبسطاء.

الرحلة اللاتينية أوقدت نيران الثورة بداخل جيفارا، لم يكن يخشى الموت، ففي إحدى رسائله إلى والدته، قال: «لا تحزني يا أمي إن مت في غض الشباب، غدًا سأحرض أهل القبور وأجعلها ثورة تحت التراب».

انتقل إلى كوبا، في الخمسينات، إذ كانت مدينة مكسيكو تحتضن الأخوين المتمردين راؤول وفيدل كاسترو، وانضم إلى حركة «26 يوليو»، وحاز على لقب «عقل الثورة»، ونجحت الحركة في إسقاط نظام الرئيس الكوبي فولغينسيو باتيستا.

تقديرًا لدوره في الثورة، مُنح الجنسية الكوبية، ثم جرى تعيينه مديرًا للمصرف المركزي، ووزيرًا للصناعة، لكنه لم يبق في كوبا، قال إن «الثورة تتجمد، والثوار ينتابهم الصقيع حين يجلسون فوق الكراسي، وأنا لا أستطيع أن أعيش ودماء الثورة مجمدة داخلي»، فاستقال من كافة المناصب التي شغلها، ورحل إلى القارة السمراء «أفريقيا»، لخلق ثورة جديدة في الكونغو، لكنه فشل هذه المرة، بسبب عدم تعاون الجيش معه، وفساد قياداته، وغياب روح الحماس والإرادة، حسبما يقول في مذكراته.

تكرر الفشل مرة ثانية في بوليفيا، فبعد أن كون ما أسماه «جيش التحرير الوطني»، رفض مواطنو بوليفيا التعاون معه، وألقت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية القبض عليه، واستجوبته بإحدى القرى النائية، بعدها أمر الرئيس البوليفي بقتله.

«مات المناضل المثال.. يا ميت خسارة عَ الرجال.. مات الجدع فوق مدفعه جوّه الغابات.. جسّد نضاله بمصرعه ومن سُكات».. أحمد فؤاد نجم (جيفارا مات).

انتقل جيفارا إلى العالم الآخر، لكن قبل أن يرحل علمنا أنه «إذا فرضت على الإنسان ظروف غير إنسانية ولم يتمرد سيفقد إنسانيته شيئاً فشيء»، وحرضنا على الثورة ضد الظلم «خير لنا أن نموت ونحن واقفين مرفوعي الرأس من أن نموت ونحن راكعين»، وحذرنا من تُجار الدين، ودعانا لمحاربتهم «إن أبشع استغلال للإنسان هو استغلاله باسم الدين، لذلك يجب محاربة المشعوذين والدجالين حتى يعلم الجميع أن كرامة الإنسان هي الخط الأحمر الذي دونه الموت»، وأن ننتبه بعد انتصار الثورة «الثورة يصنعها الشرفاء، ويرثها ويستغلها الأوغاد».