اختارت جماعات العنف القتل والخراب طريقا، واختار المصريون التضحية والفداء لصون وطنهم، قبِل الشعب التحدى، ولقن «الإرهاب» درسا قاسيا في «موقعة الكرنك»، أثبت عمليا أن «الشعب والأمن يد واحدة» حقيقة دامغة، وليس شعارا للاستهلاك الإعلامى.
وإن كانت والدتا البطل «عسران» والسائق الشهم فخرتا بهما، فإن مصر كلها تفخر بالأبطال الذين شاركوا في هذه المواجهة، تفخر بهم جميعا، لأنهم أولادها الحقيقيون، لا يبيعون ولا يخونون ولا يتآمرون، تهون عليهم الحياة من أجل حماية بلدهم وما عليه.
و«الموقعة» أثبتت أننا جميعا في خندق واحد ضد كل ما يهددنا، كلنا بامتداد عامل ينظف الشارع إلى رئيس ينطلق بوطن في سرعة الصاروخ، نشارك في صياغة تفاصيل مستقبل شمسه مشرقة وحدائق الخير ممتدة بطول ربوعه.
عدونا اختار أن يقتلنا بكل وسائله الخسيسة، يحرق، يخرب، يفجر، يدس لنا سمومه في كل شىء، فعلى بعد خطوات من الجريمة الفاشلة في «الكرنك»، حاول خائن أن يقتل أفراد حراسة أحد البنوك في الدقى بالسم، تنكر في هيئة «ملاك»، توقف أمام أفراد القوة قبل صلاة مغرب الخميس، مد إليهم يده- الآثمة- بوجبة من السمك، وقال: «يا جماعة وجبة السمك دى ليكم علشان انتم بتتعبوا».
رفض الأفراد أخذ الوجبة، لكنه تركها لهم وغادر، أمين شرطة ألقى سمكة من الوجبة إلى «قطة»، وبعد أن التهمتها ماتت في الحال، وفشلت مؤامرة الخائن، الذي بدأت أجهزة البحث تفتش عنه وستصل إليه ولن يفلت من العقاب.
والوضع جد خطير، وحماية بلدنا يلزمها تكاتف وتعاون كامل، لأن طلقات رصاص الغدر لا تفرق حين تطلقها الأيادى الغادرة، وقنابل الخيانة تحصد كل ما في طريقها، وتخريب منشآت دولتنا ندفع كلنا ثمنه، وإشاعة الفوضى تفقدنا فرص البناء والاستثمار.
ولأن مصر تنعم بخير أجناد الأرض، فالمؤكد- دون شك- أنها ستنتصر، وأقترح على وزير الداخلية «مجدى عبدالغفار» تبنى خطة للتوعية الأمنية الشاملة، تستوجب تنفيذها- على وجه السرعة- في المناطق المهمة وحول المزارات السياحية، المستهدف منها هم السائقون والعاملون في المطاعم والبازارات والمقاهى والكافيهات والمحال التجارية.
أما التنفيذ فيكون بأن يتولى القسم أو الإدارة الشرطية استدعاء المستهدفين للتوعية- في نطاق مسؤوليتها- وإعطاءهم محاضرات في رفع الحس الأمنى، كأن يلاحظ السائق تصرفات زبونه، وأن ينتبه العامل إلى المعلومات التي يطلبها المتردد عليه، وكيف يبلغ أقرب تمركز أمنى بشكوكه إذا ارتاب في شىء.
ودروس التوعية هذه تتم على مراحل لاستيعاب كل الأعداد المستهدفة، يلقى المحاضرات- تطوعا- متخصصون في الأمن، سواء في الخدمة أو خرجوا منها، وتتولى «الداخلية» توفير المكان وإحضار الفئات المستهدفة للتوعية.
ويبقى دور باقى مؤسسات الدولة من رجال إعلام وعلم ودين وثقافة في نشر التوعية الأمنية وحتمية التعاون مع أجهزة الأمن في كشف الجرائم والإبلاغ عنها، وإن كنت أرى أهمية المسارعة في نشر هذه التوعية بين الفئات التي يحصل الإرهاب منها على معلوماته ويتجول بينها حين يراقب أهدافه وينفذ جرائمه الخسيسة.
رسالة:
تبقى أيام ويهل علينا «رمضان» شهر الرحمة، تذكر حين يشتد عليك العطش والجوع أن في بلدك كثيرين يعانون هذه المتاعب طوال العام، لا تَنْسَهم، ابحث عنهم، وقدم لهم ما استطعت، كل عام والدنيا وما عليها في خير كبير.