تنشر «المصرى اليوم» مشروع إعادة التوزيع الجغرافى للسكان فى الصحراء الغربية، الذى أعده الاستشارى الهندسى الدكتور ممدوح حمزة، منذ عام 2009، وأكد أنه يوفر نحو 2.5 مليون فرصة عمل، ويستهدف زراعة 880 ألف فدان من خلال الاستفادة من المياه الجوفية بشكل دائم، وذلك بعدما كشف حمزة، عن أن الرئيس عبدالفتاح السيسى، طلب نسخة منه للاطلاع عليها، وتم عرضه على لجنة رفيعة المستوى تضم عددا من الخبراء والاستشاريين.
قال حمزة لـ«المصرى اليوم»، إنه ظل يرسل هذا المشروع منذ 2009 إلى حكومات مصر المتعاقبة، مشيرا إلى أنه أرسل نسخة من المشروع للرئيس عبدالفتاح السيسى، بعدما طلب الرئيس الاطلاع عليه.
وأوضح حمزة أنه أرسل المشروع لحكومة الدكتور أحمد نظيف، ولم يتلق ردا على المشروع، ثم أرسله بعد الثورة للمجلس العسكرى، ولحكومة الدكتور كمال الجنزورى، الذى أبدى موافقة مبدئية، ووصفه بأنه أفضل مشروع قومى لمصر فى هذه المرحلة، وطلب من وزير الرى حينها الدكتور هشام قنديل، متابعته وحدد له موعداً معه لعرض المشروع فى 4 يونيو 2012، مضيفا: بعد وصول الإخوان للحكم دخل المشروع أدراج الوزارة ولم يخرج منها، إلا أنه بعد ثورة 30 يونيو أرسلته مجددا لرئيس مجلس الوزراء الدكتور حازم الببلاوى، الذى طلب عقد اجتماع بحضور المهندس إبراهيم محلب، وزير الإسكان آنذاك، ووزيرى الزراعة والرى، بمكتب وزير الزراعة فى سبتمبر 2013، ولدى توقيعات الوزراء الثلاثة بالموافقة عليه، وعندما علم الببلاوى، بأن تكلفة فرصة العمل الواحدة نحو 40 ألف جنيه وجه بتنفيذ المشروع، وتعاقبت اللقاءات بوزراء الزراعة والرى والإسكان حتى مايو 2014، ومن وقتها لم يأت رد من الحكومة، إلى أن جاءه رد بأن الرئيس السيسى، يريد نسخة مفصلة من المشروع لقراءتها.
وحسبما جاء فى المشروع، فإن حل مشكلة السكان وإعادة التوزيع الجغرافى لهم أصبح مطلبا عاجلا يمس تداعياته الأمن الاجتماعى والاقتصادى، ولا مناص من الإسراع بحل المشكلة بمنهجية واستراتيجية مرنة ومستمرة تراعى فى جوانبها كل العوامل والمحددات المرتبطة بالإسكان فى مصر، وباعتبار أن الإسكان الممنوح لمحدودى الدخل هو أداة من أدوات الإنتاج، ويجب أن تكون الخريطة العمرانية لمصر فى خدمة المصريين وليست فى خدمة الاستثمار الأجنبى أو خدمة سياحة الغير، إلا بما يفيد الاقتصاد القومى على المدى البعيد.
وتقوم فكرة المشروع على إنشاء منطقة اقتصادية متكاملة جديدة «زراعية وإنتاجية وتعدينية وسكنية» تتكون من العديد من المشروعات التى يجوز أن تكون مستقلة إدارياً، تضم بحيـرة ناصر للتنمية السمكية والسياحية وإنتاج الهيدروجين باستخدام طاقة الرياح high altitude وباستخدام طاقة الشمس بأسلوب up draft، وإنشاء 27 قرية على جانبها لإعادة أهل النوبة إلى البيئة المناسبة لهم ليعودوا للإنتاج الزراعى والسمكى فى المجتمع، إضافة إلى مشروع توشكى للتنمية الزراعية والصناعات الزراعية ومدارس الإرشاد الزراعى (مدارس داخلية)، فيما يعتبر درب الأربعين الصحراوى عمودا فقريا للمنطقة الاقتصادية.
ويضم المشروع مثلث الواحات «الفرافرة وأبومنقار والداخلة» بحيث تتم تنميتها زراعيا، وأيضاً جنوب منخفض القطارة، والواحات البحرية والصحراء البيضاء بحيث يتم تنميتها سياحيا، إلى جانب جزء من ظهير الساحل الشمالى الممطر لاستخدامه فى زراعات الأعلاف المعمرة لتنمية المراعى الطبيعية وبعض زراعات الشعير لتكامل العلف، وإنشاء ميناء جديد بسيدى برانى للبضائع العامة والبترول والحاويات، على أن يتم إنشاء منطقة صناعية ومركز توزيع ومنطقة لوجستية، ومحطة توليد كهرباء من الفحم، خلفه.
كما يشمل مشروع فوسفات أبوطرطور والصناعات القائمة، بحيث يتم استغلال خامات مثل الأسمدة والأحماض، وإنشاء مدرسة التدريب التعدينى لخريجى المرحلة الإعدادية (مدارس داخلية)، وإنتاج العجينة الصفراء (Yellow Cake) من خام الفوسفات لإنتاج الوقود النووى غير المخصب، إضافة إلى خامات مناجم الحديد والنقل المرحلى لصناعة الحديد والصلب بمنطقة المناجم، وحقول وأنابيب البترول والخدمات القائمة عليها، والسياحة الصحراوية وسياحة اليخوت والسفن الجوية (Zupline).
ويستفيد المشروع من المساحة الواقعة بين بحيرة ناصر وجبل العوينات للتنمية الزراعية، وإنشاء مدرسة للزراعة الصحراوية والتطبيقية لخريجى الإعدادية (مدارس داخلية)، والمحطات الشمسية المقترحة لتوليد الطاقة بأسلوب CSP بتمويل من شركات الأسمنت والأسمدة والحديد التى استهلكت الوقود المدعم لزمن طويل، وكذلك مناطق المحاجر والمناجم والتعدين، مع ملاحظة أن يأخذ التخطيط نوعية التعدين وكونه مرتبطاً بكمية محددة، وإنشاء جامعة الدراسات الصحراوية بأبوطرطور.
كما يشمل المشروع، خط سكة حديد دائرى مصر يربط الأحوزة المحجورة، يبدأ من بورسعيد جنوباً حتى رأس برناس ثم يتجه غرباً لبحيرة ناصر وتوشكا ثم شمال غربى درب الأربعين والواحات ثم سيدى برانى ثم يتجه شرقاً موازيا للطريق الساحلى حتى بورسعيد وتنشأ عليه خطوط عرضية طرق أو سكة حديد مستقبلية.
وتكون الطاقة خضراء وفقا للمشروع، أى بدون محروقات كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الحرارة الجوفية، على أن يكون النقل والانتقال بين وحداتها المختلفة وبين الوادى باستخدام السفن الجوية (المنطاد) سابقاً، لكن ليس بالهيليوم وإنما بالفراغ. واطلعت «المصرى اليوم»، على الخرائط والدراسات التى أعدها حمزة، وحصلت على نسخة من المشروع، الذى يبدأ بإنشاء وحدات زراعية وصناعات غذائية وصناعات تعدينية وحرفية فى وحدات تحت مظلة الجمعيات التعاونية الأهلية وشركات مساهمة إنتاجية، على أن يكون الحد الأدنى للوحدة الاقتصادية الزراعية هى 2500 فدان تستخدم الرى المحورى مضافاً إليها 250 فدان رى بالتنقيط (FARM BLOCK) وبالتالى يتم الابتعاد عن الخطأ الأساسى الفادح والجسيم فى المشروعات السابقة المماثلة، حيث كانت الوحدة الاقتصادية 5 أفدنة، ولن تكون الجمعية التعاونية الأهلية مسؤولة عن التسويق بل يتم بيع الإنتاج مسبقاً للحكومة المصرية بناءً على طلب الزراعات التى تمليه الحكومة طبقاً لدورة زراعية صحراوية وبالسعر العالمى طبقاً لقانون الدولة. وقالت الدراسات، إن الزراعة فى الصحراء على المياه الجوفية تستلزم ترك مسافة بين الأبار، بحيث تكون هناك منطقة خضراء وبينها منطقة صفراء حتى لا تأخذ الأبار الجوفية المياه من بعضها فى حالة تقاربها، مشيرة إلى أن ملخص ذلك أن المليون فدان زراعة على المياه الجوفية يستلزم توافر 2 مليون فدان أرض، وتتم الزراعة من خلال دورة زراعية صحراوية على طريقة الرى المحورى أو بالرش وتحدد الزراعات على أساس احتياج الدولة من المحاصيل لبعض المساحة، وتخصص الكميات الأخرى للتصدير عالى القيمة ولإنتاج البذور والشتلات والتقاوى.
ويوضح النموذج النمطى، الذى أعده المشروع للمزرعة التعاونية الأهلية 2500 فدان + 300 فدان لإنتاج غذاء لأعضاء الجمعية، على أن تضم الجمعية نحو 600 أسرة، وبالتالى يتم إنشاء مجتمع عمرانى ريفى جديد، وتنقل إليه الأسر فتخفف الكثافة السكانية من الوادى القديم إلى الوادى الجديد، مقترحا البدء بمناطق واحات الصحراء الغربية لمقوماتها ووجود هيكل تنظيم إدارى قائم فعلاً فى محافظة الوادى الجديد ومرسى مطروح يمكن البناء عليه، بحيث يتم التركيز على واحتى الفرافرة والبحرية وجنوب منخفض القطارة، لأسباب منها تواجد المياه الجوفية بكميات ونوعيات مناسبة لنجاح المشروع الهادف لإعادة توزيع السكان وسهولة الوصول إليها بالطرق الحالية، على أن تساهم الدولة بإنشاء الآبار للمزرعة التعاونية وتوفير الإرشاد والدعم السكنى لمحدودى الدخل وأن يكون الانتفاع تعاونياً على أن يتم وضع ضوابط الجدية للمستفيدين، وتكون مصادر الطاقة الشمسية للإنارة والتشغيل هى الهدف المنشود للمشروع. وحسبما جاء فى مذكرة المشروع، فإن المليون فدان الذى من الممكن زراعتها بالمياه الجوفية لها عدة أغراض تنموية، من بينها إعادة التوزيع الجغرافى للسكان فى الأحوزة المهجورة بإنشاء مجتمعات عمرانية ريفية جديدة وبناء القرى، وبالتالى تقلل من الكثافة السكانية فى الوادى والدلتا، بجانب الحد من البطالة وتوفير فرص عمل بأقل تكلفة على الدولة، حيث إن فرصة العمال فى هذا المشروع تكلف الدولة ما بين 40 إلى 100 ألف جنيه شاملة السكن، وينتج عن ذلك إنتاج زراعى وداجنى يساعد فى سد الفجوة الغذائية وإنتاج صناعى وحرفى وتعدينى.
وفيما يتعلق بالتكلفة المبدئية للمزرعة التعاونية الأهلية 2500 فدان، فإن الـ5 آبار تكلفتها 10 ملايين جنيه، والـ5 أحواض بتكلفة 3 ملايين و750 ألف جنيه، وشبكات مواسير ضخ مياه الرى من الأحواض بتكلفة 750 ألف جنيه، ومضخات وطلمبات مياه بتكلفة مليون و500 ألف جنيه، والرى المحورى الـ PIVOTS بتكلفة 7 ملايين و200 ألف جنيه، ومولدات كهرباء للمزرعة والإعاشة 6 ملايين و750 ألف جنيه. أما تكلفة الإنشاءات، فتبلغ 35 مليون جنيه مقسمة إلى 500 وحدة سكنية بمساحة 65 متر مبانى و230 متر مربع حوش بتكلفة 22 مليون و500 ألف جنيه، ومخازن أسمدة وبذور ومبيدات وقطع غيار ومواد الإعاشة بتكلفة 7 ملايين جنيه، و24 دار ضيافة وغرف فندقية بتكلفة 3 ملايين جنيه، وورش الصيانة بتكلفة مليون جنيه، وميز على مساحة 1000 متر بتكلفة مليون و250 ألف جنيه، وتكلفة المعدات 10 ملايين جنيه، وإجمالى تكاليف الزراعة الأولى 5 ملايين جنيه، وإجمالى تكاليف الاحتياجات المعيشية والعمالة فى السنة الأولى 10 ملايين جنيه، ليصبح إجمالى التكاليف الاستثمارية 75 مليون جنيه لـ2500 فدان بواقع 30 ألف جنيه للفدان، بجانب تكليف حفر الآبار 10 ملايين جنيه، و15 مليون جنيه لدعم السكن ليكون الإجمالى العام 90 مليون جنيه حتى الزرعة الأولى، تتحمل الدولة منه 25 مليون جنيه فقط، وهى تكلفة حفر الآبار ودعم السكن. واقترح المشروع اقتراض المبلغ (65 مليون جنيه) لأعضاء الجمعية فى إطار الائتمان والتسليف الزراعى.