على قدر اعتزازى واحترامى لـ«صانداى تايمز»، الجريدة البريطانية الشهيرة التى وقفت أحيانا مع كثيرين وأحيانا أخرى وحدها تماما ضد فساد بلاتر وفيفا.. بقدر انزعاجى واستيائى من جريدة الـ«ديلى ميل» التى كانت أيضا تحارب بلاتر وترفض بقاءه رئيساً لفيفا، إلا أن الفارق بين الجريدتين كان كبيرا وهائلا.. الـ«صانداى تايمز» كانت تجمع الأدلة والوقائع والأسرار والشهادات وتقوم بتحقيقاتها فى كل مكان فى العالم، كأنها تغزل على مهل شهادة إدانة وعار بلاتر.. أما الـ«ديلى ميل» فلم تجد أسهل من أن تخوض فى الحياة الشخصية لبلاتر والنساء فى حياته.. وحين وقع انفجار كشف فساد فيفا وفضائح بلاتر وخطاياه..
واصلت الـ«ديلى ميل» حربها الرخيصة بكثير من الكلام عن ليندا باراس.. المرأة السويسرية الجميلة التى وقع بلاتر فى غرامها العام الماضى فقط ولم يعد من يومها قادرا على الابتعاد عنها.. حتى فى كونجرس فيفا الذى شهد إعلان الولايات المتحدة والعالم كله من ورائها الحرب على بلاتر.. كانت ليندا تجلس بجوار بلاتر داخل قاعة الكونجرس ومكاتب فيفا.. وواصلت الـ«ديلى ميل» حربها ضد بلاتر حتى بعد استقالته، فراحت تسأل مليونير العقارات السويسرية كريستيان باراس، زوج ليندا..
وقال كريستيان إنه لا يعرف شيئا عن تلك العلاقة التى جمعت زوجته برئيس فيفا.. تخيلت الـ«ديلى ميل» ومحرروها أنهم هكذا يواصلون الحرب على بلاتر.. وظن أغبياء الـ«ديلى ميل» أن العالم لم يعلن الحرب على بلاتر بسبب فساده هو وفيفا وجرائم الرشاوى وغسيل الأموال وتخريب الضمائر، وإنما كانت تلك الحرب فقط لمجرد أن بلاتر عاشق يفتش عن الحب حتى لو كان فى الثمانين من العمر.. وليس فى بريطانيا وحدها.. إنما فى مصر وكل بلد فى العالم.. ستجد هؤلاء الذين يخوضون طول الوقت الحروب الغلط بالأسلحة الغلط.. يخلطون بين العام والخاص.. لا فارق عندهم بين مؤامرة حقيقية وفساد يؤذى الناس والبلاد بالفعل ومجرد مكالمات أو رسائل شخصية لا تعنى أو تهم أحدا غير أصحابها..
وقد يحصد هؤلاء على المدى القصير الكثير من الاهتمام والأضواء، إلا أنهم فى النهاية لا يلقون أى احترام مثل الذى يلقاه الذين خاضوا الحروب الحقيقية ضد الفساد والفوضى والغش والخيانة.. وهو فارق واضح جدا بين الذين ينتظرون الحقائق الجديدة والصادمة من الـ«صانداى تايمز» كل أسبوع والذين ينتظرون الـ«ديلى ميل» كل يوم ليقرأوا إما التاريخ النسائى والغرامى لبلاتر سواء زوجاته الثلاث.. ليليان وكيسير وجرازيللا.. أو حبيباته الكثيرات أو تفاصيل جديدة فى حكاية غرامه مع ليندا.. وستكون المفاجأة قاسية للـ«ديلى ميل»، لأن ما تخيلته فسادا لبلاتر أو فضيحة قد يكون هو المساحة الأكثر صفاء ورقيا وأناقة داخل الرجل الذى كان يحكم فيفا.. والمشهد الذى تخيلته الـ«ديلى ميل» فضيحة كبرى حين ألقى بلاتر بنفسه بين ذراعى ليندا بعد اضطراره للاستقالة والاعتراف بهزيمته سيصبح يوما واحدا من أجمل وأصدق مشاهد الحب فى زماننا، ويكفى أنها المرأة التى وقفت إلى جوار رجل تحبه بعد أن تخلى عنه الجميع.