لماذا انتصر جهاد الحداد على هيئة الاستعلامات؟

خالد منتصر الثلاثاء 09-06-2015 21:39

الخبر الذى تصدر الصفحة الأولى لـ«المصرى اليوم» أمس عن موظف أمن السفارة الأمريكية الإخوانى المشترك فى 13 عملية إرهابية هو خبر كارثة بكل المقاييس، خبر تعدى كل حدود التحليل السياسى ودخل فى دائرة مسرح العبث ولوحات السيرياليزم، الشىء الوحيد الذى من الممكن أن تخرج به من دلالات هذا الحادث هو أن أمريكا استولى على عقلها الإخوان لدرجة أن سفارة من أكبر سفاراتها تصبح مطية لهذه العصابة الإرهابية، وبعيداً عن التحليلات الأمنية والإشارات إلى أن مصلحة أمريكا هى الأهم، وأن من يحكم أمريكا هو مافيا السلاح ولوبى اليهود... إلخ، كل هذا لن أناقشه الآن وقد كُتبت فيه مئات المجلدات من مراكز البحث، لكن السؤال الذى يهمنى الآن هو:

كيف سيطر الإخوان وتغلغلوا فى تلافيف مخ العم سام وتحكموا فى كواليس القرار الأمريكى بهذا الشكل الأخطبوطى العنكبوتى؟ نسأل السؤال بشكل آخر أكثر صراحة ووضوحاً: كيف انتصر جهاد الحداد بعد فض رابعة من خلال حجرته الضيقة التى كان يختبئ فيها واللاب توب الذى كان على حجره، وهزم هيئة الاستعلامات بطابور موظفيها وقلاع مبانيها وأسطول مكاتبها؟! كيف وصل الإخوان عن طريق السوشيال ميديا والصداقات المباشرة مع أعضاء فى الكونجرس والأمن القومى... إلخ، إلى مدى أبعد ومسافات أعمق داخل المؤسسات والعقول الأمريكية؟ لن نضحك على أنفسنا ونقول أمريكا فى جيبنا الصغير، علاقاتنا متينة معهم، توجد صفقات مع الجيش لن يضحوا بها بسهولة، المعونة موجودة وقائمة والخواجة كيرى كل يومين فى زيارة عندنا وبيحج للاتحادية كل شوية، وهذا دليل دامغ على أننا انتصرنا على الإخوان عند الأمريكان، كل هذه الحجج لن تلغى حقيقة ناصعة واضحة وهى أن الإخوان انتصروا فى معركتهم الإعلامية على عقل المواطن الأمريكى، وأيضاً انتصروا فى الميديا لكسب ود ونصرة صُناع القرار الأمريكى، استطاعوا أن يقدموا أنفسهم ويسوقوا لعصابتهم على أنهم تيار الإسلام المعتدل الذى سينقذ المنطقة من داعش والقاعدة... إلخ،

وينسى أو يتناسى الأمريكان أن كل هذه التنظيمات من رحم الإخوان وحضانته الفكرية والعقائدية، ورغم أن مراكز أبحاثهم تعرف قصة التنظيم السرى واغتيال النقراشى وماهر والخازندار وكل سلسلة الجرائم إلا أنهم يتعامون ويطنشون ويغلوشون فلا تصل هذه الأفكار إلى الناس أو الميديا، ولا تغادر أدراج هذه المراكز، المهم أن نعترف أولاً بالمشكلة حتى نصل إلى الحل، بعد الاعتراف بأن الإخوان انتصروا فى معركة تأميم العقل الأمريكى وصبه فى القالب الإخوانى سواء برغبة الأمريكان أو مضحوكاً عليهم، المهم أنه حدث، وأظن أنه لن يأتى زلزال أقوى من زلزال سبتمبر وانهيار برجى التجارة حتى نراهن على استيقاظ العقل الأمريكى من السبات الإخوانى والغيبوبة السلفية، يجب أن نناقش الأسباب ونجيب عن سؤال مهم:

كيف وصلنا إلى هذا المنحدر الذى أصبحنا نكلم فيه أنفسنا إعلامياً؟

مائة قناة من نيل أخبار لدراما لمنوعات لكوميدى... إلخ، ولم نفلح فى إنشاء قناة تخاطب الغرب والأمريكان، هيئة استعلامات هى خرابة تتحرك كالديناصور محملة بأطنان الموظفين الذين لا حول لهم ولا قوة والتأثير فى الشارع صفر، مكاتب إعلامية بالخارج هى أشباح تأثيرها لا يتعدى حدود المكتب والحجرة المكيفة، ميديا نجوم التوك شو واللجان الشعبية التى شاهدنا فضيحتها فى ألمانيا مؤخراً هى مجرد فسح وشوبنج وحنجورى، لابد من وضع خطة محددة لمخاطبة هذه المجتمعات وعلى رأسها أمريكا، وهذه الأمريكا بالذات تحتاج مجموعة محنكة، وليكن على رأسها السفير عبدالرؤوف الريدى الذى يفهم الأمريكان جيداً وله علاقات مهمة مع كبار صناع القرار هناك، وأيضاً يشترك فيها د. صبرى الشبراوى الذى قام بالتدريس هناك فترة طويلة ويتمتع بحضور وبعد نظر وفهم عميق للعقل والمجتمع الأمريكى، مطلوب من الريدى والشبراوى وغيرهما وضع الاستراتيجية، أما التنفيذ والإبداع والجهد فيجب أن نشكل لها فريقاً من الشباب الذى يملك اللغة واللكنة وسرعة البديهة وخبرة التعامل مع الإنترنت ووسائل التواصل الحديثة، سنذهب يميناً أو يساراً أو نتملص من هذا أو ذاك ونعلن بعنترية أننا لا نحتاج إلى العالم، وأن العالم، خاصة أمريكا، هو الذى يحتاجنا ثم نقف منتعشين منتشين مأنتخين عند هذه المرحلة، رافعين شعار اللى مش عاجبه يخبط دماغه فى الحيط حتى تقع الكارثة ونجد أن الجمجمة الأمريكية قد خلعت القبعة وارتدت طربوش حسن البنا وتلفحت بجلباب محمد حسان وقلوظت عمامة الظواهرى!

Info@khaledmontaser.com