يا برهامى اسكت يا برهامى

أيمن الجندي الثلاثاء 09-06-2015 21:41

لا يجب أن نستغرب وصف ياسر البرهامى للحسين أنه كان «مجتهداً مخطئا»، إذ ماذا تتوقع ممن أباح للزوج أن يترك زوجته للمعتدين و(يخلع) طالما قدّر أن المواجهة ستهدد حياته!؟

أنا لا أحاول أن أغيّر قناعات برهامى لعلمى أنه لن يتغير. ولكنى أحاول أن أفسر لقرائى الأعزاء لماذا أصر الحسين على الخروج برغم أنها معركة محسومة النتيجة سلفا بين جيش عرمرم أمام سبعين من أهل بيت النبوة.

السبب ببساطة أنها كانت لحظة مفصلية فى تاريخ الإسلام. لحظة انتقال الإسلام من الخلافة الراشدة إلى الملك المتوارث العضوض. سأحاول أن أُشبّه الأمر بقطار فاخر جديد يسير فى تصميم نحو الشمال. لكن يوجد فى طريقه (تحويلة) تستطيع أن توجّه القطار إلى الجنوب. كان هذا هو الوضع بالضبط. قطار الخلافة الراشدة يسير فى ثقة نحو العدل والسلام والعدالة الاجتماعية، أما توريث الحكم فهو (التحويلة)، الذى يمضى بها القطار نحو الظلم والقتل ونهب مال المسلمين.

وكان الحسين هو الوحيد الذى رأى نهاية الطريق بوضوح. حتى الصحابة أنفسهم لم يتصوروا النهاية التى سيبلغها القطار. تلك النهاية التى حدثت بعد أعوام قليلة وشاهدها «ابن عمر» الذى مد الله فى عمره حتى سمع عبدالملك بن مروان يقول على منبر الرسول: «من قال لى اتق الله بعد مجلسى هذا قطعت عنقه».

لحظتها أدرك ابن عمر أن الحياد كان أحد أسباب النكبة، ولكن بعد فوات الأوان.

لماذا كان الحسين هو الوحيد الذى شاهد النهاية بوضوح؟ لأنه ببساطة بضعة من رسول الإسلام! ألم تر إلى النبى يقول: «حسين منى وأنا من حسين».

وقف الحسين شامخا صامدا أمام القطار. القطار كان يسير بسرعته القصوى. عصبة بنى أمية! عبيد الدنيا المتطلعين للغنائم! حياد الصالحين. دهم القطار الحسين. تقطعت أشلاؤه حرفيا تحت عجلات القطار. لكن لم يكن أمامه خيار آخر! كانت اللحظة العظيمة تحتاج إلى شهيد عظيم، يعلن بشهادة الدم المسفوك أن الأمة قد انحرفت عن دين جده.

مات الحسين شهيدا فى ميدان القتال. وورثنا بعده الذل والتعاسة والخنوع. لم يعد للمسلمين يد فى اختيار الخليفة! صارت الأعناق ملكا للحاكم يقطعها أو يدعها! أصبح بيت مال المسلمين تحت تصرفه يفعل به ما يشاء! ما زلنا حتى اللحظة ندفع ثمن تخاذل أجدادنا عن نصرة الحسين.

لم يدهشنى أن برهامى يدلس علينا أن الصحابة حاولوا أن يثنوا الحسين عن الخروج لأنه فى نظرهم مخطئ بخروجه على إمامة يزيد! هزلت والله أن يكون إمام الحسين هو يزيد! ابن عباس وابن الزبير حاولا استبقاءه لأنهما كانا يعلمان أن أهل العراق سيخذلونه كما خذلوا أباه عليّا. كانا يحاولان المحافظة على حياته حتى لا تُحرم الأرض من بركة آخر ابن بنت نبى على وجه الأرض إلى آخر الزمان.

..................

ولأن الحسين هو حفيد النبى وريحانته من الدنيا، ولأنه سيد شباب أهل الجنة، ولأن النبى كان إذا شاهده يهبط المنبر ليحمله، ولأن النبى كان إذا سجد ارتحله الحسين فيطيل الرسول سجوده، ولأن النبى كان لا يقوى على سماع بكائه فيؤنب فاطمة قائلا: «أما تعلمين أن بكاءه يؤذينى». بكاؤه وليس قتله يا عم برهامى.

من أجل ذلك كله أقول: «(نقطنا) يا برهامى بسكوتك، واعرف قدرك فأنت أهون من أن تصدر حكما على أفعال سيد الشهداء».

aymanguindy@yahoo.com