ترتبط الصحراء في مخيلة البعض بالقسوة التي تصنع من ساكنيها وحوشًا، عالمين بدروبها ككفوف أيادهم، لا يخافون دروبها مهما بلغت قَفْرَة، حتى أطفالها، تقسو عليهم الصحراء فتصنع منهم رجالًا قبل بلوغهم.
يغوص الفيلم الأردني «ذيب» في عوالم البداوة والصحراء العرابية في الفترة ما بين 1914 -1916، ويحكي قصة الفتى «ذيب» ابن القبيلة الذي يقضي وقته مع شقيقه الأوسط في تعلم قواعد العيش في الصحراء، الصيد واستخدام السلاح، تاركين لأخيهم الأكبر إدارة شؤون القبلية بعد وفاة والدهم الشيخ «حمود».
يصور حكاية القبيلة في الاعتماد على رعي الغنم، والتوطن حول بئر المياه، كما يصور ما تشتهر به معظم القبائل العربية في كرم الضيافة للغرباء، حين يصل إليهم ضابط بريطاني رفقته دليل، للسؤال عن والدهم شيخ القبيلة، من أجل الوصول إلى بئر مهجورة في وادي «رام» جنوب الأردن، حيث يقرر الأكبر مساعدتهم وإرسال شقيقه الأوسط ليدلهم على الطريق والبئر.
يلتحق الفتى الصغير «ذيب» بأخيه الأوسط، دليل الضابط الإنجليزي، وتمضي الصورة في عرض مبهج للصحراء العربية، ودروبها الوعرة، وتتداخل الأحداث، في المواجهة مع بعض لصوص الصحراء، الذين انقطع بهم سبل الرزق بعد إنشاء «العثمانيين» خط سكة حديد بدلا من طريق الحج الصحراوي، والصراع على المنطقة العربية بين الإنجليز والدولة العثمانية.
مغامرة سينمائية، بطلها فتى صحراوي، يشاهد اغتيال شقيقه والضابط ومرافقه، يهرب من اللصوص في بئر مياه جوفية عميقة، وعند خروجه، يصادف بقاتل شقيقة، فيساعده، في البداية، قبل قتله في نهاية الفيلم.
نجح المخرج الأردني ناجي أبونوار، الذي يخوض تجربته الروائية الثانية، بعد فيلمه الأول «موت ملاكم» الذي كتبه وأخرجه عام 2009، بمساعدة فريق عمله جاسر عيد وحسن مطلق وحسين سلامة وجاك فوكس «الضابط» ومدير التصوير ولفغانغ تالر، في خلق إيقاع متسارع في فيلم مدته 110 دقائق دون ملل أو إطالة.
الفيلم الحائز على عدة جوائز دولية وعربية، من بينها جائزة أفضل مخرج في قسم (آفاق جديدة) في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في دورته الحادية والسبعين.، يصنفه الكثيرون «قفزة متقدمة» في السينما العربية والعالمية، التي من الممكن وصولها للعالمية، أنجر بعد 3 أعوام من العمل المتواصل في البحث عن التمويل، وبمنح من صندوق «سند» في أبوظبي، ومنحة مؤسسة الدوحة للأفلام، وصندوق رؤى من سويسرا.