محلب بمؤتمر البورصة للاستثمار: «اخلصوا عملكم ونيتكم لله لبناء مصر»

كتب: منصور كامل, سناء عبد الوهاب الثلاثاء 09-06-2015 12:10

شهد المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الثاني للبورصة المصرية للاستثمار 2015، بمشاركة عدد من الوزراء، ومجموعة كبيرة من المستثمرين المحليين والأجانب، للتعرف على كيفية الاستثمار في مصر والفرص الاستثمارية الواعدة المتاحة.

وأشار محلب، في كلمته خلال المؤتمر، إلى أن الاقتصاد المصري شهد تحولات جذرية خلال فترة وجيزة، فمن معدل نمو لم يجاوز 2.2% في 2013/2014، إلى نمو يبلغ نحو 5.6% في النصف الأول من العام، ونأمل أن تتخطى 4% خلال العام المالي الحالي، ومن احتياطي نقدى لا يجاوز 15 مليار دولار إلى أكثر من 20 مليار دولار، وانخفض الدين الخارجي من 46 مليار دولار إلى 39 مليار دولار، كما نلمس تحسنا في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر ليصل إلى نحو 5.7 مليار دولار خلال التسعة أشهر الأخيرة، وأطلقنا في الوقت ذاته عدة مشروعات عملاقة تستهدف خلق بنية أساسية عصرية تساعد في جذب المزيد من الاستثمارات، وفي مقدمتها قناة السويس، والقومي للطرق، واستصلاح المليون فدان، وغيرها من المشروعات التي سنبدأ قريبا في جني ثمارها جميعا.

وأوضح محلب أن هذا التحسن يمكن استشراف آثاره أيضا من أداء البورصة، مضيفا أن قيد أكثر من 20 شركة جديدة دفعة واحدة يعكس بشكل كبير تحسن الأداء الاقتصادي، كما أن عودة الطروحات العامة الكبرى وزيادات رؤوس الأموال لأكثر من 50 شركة خلال الأشهر الأخيرة، إشارة إلى أن الشركات لديها فرص نمو حقيقية، وأن المستثمرين لديهم يقين إيجابي تجاه المستقبل الاقتصادي.

وتابع رئيس الوزراء: «أصارحكم القول بأن التحسن الذي نشهده على المستوى الاقتصادي لم يكن سهلا، فهناك قرارات صعبة اتخذناها ومناطق شائكة لم تقترب منها حكومات سابقة اقتحمناها، لكننا كنا وما زلنا نعاهد الله الذي لا نخشى سواه أن نكد ونعمل من أجل صالح هذا الوطن، فبعيدا عن لغة الأرقام فإن هذه الحكومة أكثر الحكومات التي اتخذت قرارات ثار حولها الكثير من الجدل المجتمعي، لكننا كنا نرعى الله أولا، كما أن هذه القرارات استهدفت مصلحة محدودي الدخل وتحقيق أكبر قدر من العدالة الاجتماعية، ونحن مستمرون في استكمال هذه الخطوات.

واستطرد: «أود أن أضيف أن هذه التطورات الاقتصادية التي تمت خلال العام الأخير، لم تصل بنا بعد إلى مرحلة الرضاء الكامل، فهدفنا بناء اقتصاد ذي نمو احتوائي مستدام يحقق عدالة اجتماعية ويستفيد من ثمار نموه كل فئات المجتمع، وليس العودة بأداء الاقتصاد إلى ما قبل الأزمة العالمية.

وقال محلب: «نؤمن بأهمية القطاع الخاص ونؤكد على دوره في تطوير المجتمع، واتخذنا عددا كبيرا من الإجراءات التي أسهمت في تحسين مناخ الاستثمار وتسهيله على القطاع الخاص، وأتوقع أن تصدر اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار قريبا، لتعكس رؤية الحكومة في هذا الأمر بصورة واضحة، كما فعلت البروتوكول الخاص بتخصيص الأراضي بالأمر المباشر للمصنعين وعدم الانتظار حتى صدور اللائحة التنفيذية».

وأضاف:«هذا لا يعني أن نغفل أهمية ودور القطاع العام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث لدينا قناعة تامة أن الشركات الحكومية يمكن أن تلعب دورا هاما في استكمال الدور المجتمعي للحكومة، سواء من حيث تحقيق عائد اقتصادي بتحسين إيرادات الدولة، أو عائد مجتمعي بالمساهمة في تحقيق الأهداف الاجتماعية للدولة، ولا يعني هذا أن يكون هناك معاملة تفضيلية للقطاع العام عن الخاص أو العكس، ولكن ما نهدف إليه هو الحفاظ على بيئة تنافسية عادلة لكل الأطراف، تسمح في النهاية بتوفير أفضل الخدمات والسلع للأفراد».

وأشار رئيس الوزراء إلى أن التفكير في إنشاء صندوق سيادي للشركات الحكومية مازال مطروحا للمناقشة، للاستفادة من الطاقات المعطلة وغير المستغلة في القطاع الحكومي، وإعادة إطلاق قدراته مرة أخرى، وفي هذا الشأن فإن الاستفادة من البورصة كمصدر لتمويل شركات القطاع العام وإعادة هيكلتها، لم يعد مجرد أمنيات، حيث شهدت الفترة الأخيرة ترجمة واقعية بقيد عدد من الشركات الحكومية في السوق، وبدء الاستعداد لقيد شركات جديدة.
وأكد محلب أن الحكومة لا تهدف لبيع أي حصص لها في الشركات الحكومية، وإنما تهدف لاستغلال الحجم الكبير من الاستثمارات المتاحة في البورصة لزيادة رؤوس أموال الشركات، وبالتالي زيادة تنافسيتها وقدرتها على النمو، كما أن التجربة تؤكد أن قيد الشركات الحكومية في البورصة ساعد بشكل كبير في رفع كفاءة مستوى الإدارة بها، وتحسين مستويات الرقابة على أدائها المالي والتشغيلي.

ولفت رئيس الوزراء إلى أن البورصة كانت سابقة إلى التطور والنمو، وأنه ممتن بأن هناك قطاعا داخل الاقتصاد المصرى ينمو باستراتيجية واضحة ومحددة، وله رؤية كلية تركز على دعم اقتصاد الوطن وبرامج التنمية وليس على مصالح ضيقة، فحجم التمويل الذي يتم إتاحته للشركات لم يكن لصالح المستثمرين والمالكين فقط، ولكن استفاد منه المجتمع ككل، فتجربة البورصة المصرية خلال الفترة الأخيرة جديرة بالفعل بالدراسة، وكما اختيرت البورصة المصرية كأفضل مقصد استثماري في العالم بـ2014، وكلي أمل أن يصبح الاقتصاد المصري هو أفضل مقصد استثماري خلال الفترة القادمة.
وأوضح محلب أن البورصة لا تقصر تمويلها على الشركات العملاقة فقط، فتجربة بورصة النيل للشركات المتوسطة والصغيرة التي أطلقتها البورصة المصرية، خطوة جيدة في دعم وإدماج المشروعات المتوسطة والصغيرة في المنظومة الرسمية للاقتصاد، وأسهمت بورصة النيل بشكل جيد خلال السنوات الأخيرة في توفير التمويل والدعم الفني والاستراتيجي لتلك الشركات، لمساعدتها على الانطلاق والنمو وخلق كيانات قادرة على المنافسة وخلق المزيد من فرص العمل، وما يلفت الانتباه أن بورصة النيل تسمح للمجتمع ككل بالمساهمة في تمويل نمو تلك الشركات، وبالتالي نخلق آلية تسمح للمجتمع ككل بالمشاركة والاستفادة من ثمار النمو.

وتابع رئيس الوزراء: «بقدر ما تهتم الحكومة بتمويل المشروعات والشركات الكبرى، فهي حريصة على توفير الخدمات المالية للمواطن البسيط، ويسعدني أن أول قانون ينظم نشاط التمويل متناهي الصغر صدر في عهد هذه الحكومة، وكذلك تعديلات قانون التمويل العقاري، التي وسعت من مجال استفادة المواطنين، من صندوق دعم التمويل العقاري، وبصفة عامة استحدثت تعديلات القانون صيغا جديدة للتمويل العقاري».

وأضاف أن توجه الحكومة لإنشاء وزارة للمشروعات الصغيرة للمرة الأولى في تاريخ مصر، دليل على إيمان بأهمية هذا القطاع وضرورة دعمه، مؤكدا أننا نثمن جهود البورصة ونساندها لتحقيق أهداف التنمية، وأوضح:«تواجدنا اليوم هنا وتعاملنا مع ملف البورصة، دليل على توجهاتنا تجاه مجتمع الأعمال، وكيف أن الحكومة تتمتع بالمرونة اللازمة لتعديل استراتيجتها إذا وجدت مصلحة أكبر للوطن».
ودعا محلب القطاع الخاص للتوجه بقوة لسوق المال، للاستفادة منه في تحقيق النمو المرجو، كما دعا الأفراد الراغبين في المشاركة الفعلية ببناء اقتصادهم، أن يبادروا بتمويل الشركات المقيدة في البورصة، من خلال قنوات شرعية تساعد على تملكهم ثروات مجتمعهم، وفي نفس الوقت المساعدة في تحسين النمو الاقتصادي، فالبورصة ليست ساحة للمقامرة كما يتصور البعض، كما دعا وسائل الإعلام بالتعاون مع إدارة البورصة لتبني حملات لتعديل الصورة الذهنية للبورصة لدى المستثمرين.
وفى نهاية كلمته، أشار رئيس الوزراء إلى أن الوطن يحتاج لكل يد من أيدي وسواعد المصريين لكي نبنى وننهض بمجتمعنا إلى المكانة التي يستحقها، فلا أمل لمصر إلا بجهود مخلصة من أبنائها، ولن تبنى مصر إلا بسواعدنا، قائلا: «اخلصوا عملكم ونيتكم لله.. ولن يضيع الله جهدكم».
من جانبه، قال الدكتور محمد عمران، رئيس البورصة، إن هذا المؤتمر يركز على أهمية الأسواق التي تتسم بكفاءة الأداء والسيولة والحيوية لمجتمع الأعمال، والدور الهام الذي تلعبه في دفع عجلة النمو الاقتصادى وتوفير فرص العمل، ويتيح المؤتمر رؤية أكثر عمقا للسوق المصرية، ويساعد على ربط مجتمع الاستثمار الدولي بالفرص الاستثماررية الواعدة في مصر.

وأضاف: «يناقش المؤتمر خلال جلساته مجموعة من الموضوعات الهامة، منها سبل استفادة الحكومة من البورصة كمنصة رئيسية للتمويل، حيث سيتم الاشارة إلى استراتيجية الحكومة فيما يتعلق باستخدام البورصة كوسيلة لتمويل مشروعاتها، وإعادة هيكلة بعض الشركات المملوكة للدولة، وعمليات القيد التي تمت من خلال الحكومة في البورصة خلال الفترة الأخيرة، والمشاريع التي سيتم قيدها بالسوق في الفترة المقبلة، وكيفية الاستفادة من النمو الملحوظ للبورصة المصرية خلال السنوات الأخيرة في تعظيم العائد المتحقق على الاستثمارات العامة للدولة».
كما يناقش المؤتمر سبل زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى البورصة المصرية، ومدى استعداد سوق المال المصري لاستقبال المزيد من تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية، من خلال التطور في البنية التشريعية والتنظيمية، لجذب فئات جديدة من المستثمرين إلى سوق المال المصري.
كما يستعرض المؤتمر مجموعة من قصص النجاح لعدد من الشركات التي قامت بالقيد في البورصة، وطرح أسهمها خلال العام الماضي.
وأشار رئيس البورصة إلى أنه نتيجة لمؤتمر الطروحات الأولية الذي نظمته البورصة العام الماضي، فقد تم قيد 20 شركة جديدة برأس مال إجمالي قدره نحوى 6 مليارات جنيه خلال الفترة من يونيو 2014 إلى مايو 2015، حيث شهد الربع الأول من 2015 اكتتابين بقيمة 4.3 مليار جنيه، بما قيمته أكثر من 20 ضعف ما تم قيده منذ عام 2012.