بعد مضى عام من تولى حقيبة الموارد المائية والرى، وتحت قيادة مصرية وطنية تقود السفينة بمهارة، أستطيع أن أحدد ملامح مهمة استجدّت على ملف المياه خلال هذا العام. أول هذه الملامح هو اقتحام المشكلات بدلًا من ترحيلها أو تأجيلها، وهو ما بدا واضحًا فى التعامل مع غول التعديات الذى كاد أن يبتلع النهر بجسوره بحجم يصل إلى 50 ألف تعد وغيرها من مصادر التلوث، فأطلقت الحملة القومية لإنقاذ النهر تحت الإشراف المباشر للسيد رئيس مجلس الوزراء، كما قام السيد رئيس الجمهورية بالتوقيع على وثيقة نهر النيل، لتنجح تلك الحملة فى إيقاف نزيف التعديات والانطلاق نحو إزالة أكثر من 4 آلاف تعد على النيل، بالإضافة إلى حوالى 15 ألف تعد على الترع والمصارف. كل ذلك تم فى خمسة أشهر فقط ومازالت الحملة مستمرة. كما أن اقتحام موضوع سد النهضة وتوقيع اتفاق المبادئ وزيارة الرئيس للبرلمان الإثيوبى وإلقاء كلمة أمام نواب الشعب الإثيوبى ووضع خارطة الطريق، كان خطوة ضرورية بعد أن ظل الملف يراوح مكانه لأكثر من 12 شهرًا، كان البناء يجرى فيها دون أن يحدث أى تقدم فى المفاوضات.
الملمح الثانى الذى يميز هذا العام أيضا هو إعادة ترتيب الأولويات طبقًا للميزانية المتاحة وطبقًا لأهمية المشروع للمواطنين. وهذا ما تم مع أعمال الحماية من السيول فى محافظة جنوب سيناء، التى تم تخصيص مبلغ 450 مليون جنيه لها خلال هذا العام، وهو رقم يفوق بخمسة أضعاف كل ما أُنفِق على أعمال الحماية فى العشر سنوات الماضية. وتنفيذ أعمال حماية 96 وحدة من أخطار السيول بتكلفة 2.5 مليون جنيه. كما تم الانتهاء من 60% من أعمال الحماية من أخطار السيول لمدينة طابا وجارٍ تنفيذ أعمال حماية بطابا بمبلغ حوالى 50 مليون جنيه، وتنفيذ أعمال حماية من مخاطر السيول بأسوان بتكلفة تقدر بحوالى 10 ملايين جنيه، وتنفيذ عملية حماية وادى وتير بتكلفة 255 مليون جنيه. والانتهاء من تنفيذ تغطية مصرف السيل ضمن أعمال الحماية من مخاطر السيول بتكلفة تقدر بحوالى 10 ملايين جنيه.
الملمح الثالث هو تطبيق الإدارة المتكاملة والتنسيق مع كل الجهات المعنية، والامتناع عن العمل كجزر منعزلة. وهو ما بدا واضحا فى أعمال المرحلة الأولى من مشروع المليون فدان والتى تجرى بالتنسيق مع كل الوزارات المعنية، فقد تم تنفيذ عدد (37) بئر مياه جوفية لاستصلاح مساحة 10 آلاف فدان بتوشكى من خلال بروتوكول تعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وجارٍ الانتهاء من تنفيذ عدد (50) بئرا، وتم تنفيذ عدد (20) بئرا من خلال التعاقد مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لتنفيذ عدد (50) بئرا بمنطقة الفرافرة القديمة بتكلفة 162.5 مليون جنيه وعدد (50) بئرا بمنطقة الفرافرة الجديدة بمبلغ (146.25) مليون جنيه.
وتم الانتهاء من حفر عدد (167) بئرا بمنطقة المغرة وجارٍ العمل فى حفر (25) بئرا أخرى، وتحديد مواقع الآبار الاستكشافية لعدد (10) آبار بمنطقة غرب كوم أمبو، والتعاقد مع شركة ريجوا على حفر عدد (10) آبار بالفرافرة القديمة وعدد (10) آبار بالفرافرة الجديدة بإجمالى مبلغ 63 مليون جنيه، ليبلغ عدد الآبار التى تم حفرها 400 بئر.
الملمح الرابع هو الاهتمام بنوعية المياه بنفس قدر الاهتمام بكميتها. لأول مرة يتم تحسين نوعية المياه فى منطقتين فى بحيرة المنزلة ومصرف كوتشنر، وطبقا لتوجيهات الرئيس السيسى لتحسين نوعية المياه فى مصرف كوتشنر الذى ترتبط به حياة أكثر من 4 ملايين مواطن من سكان محافظتى كفر الشيخ والغربية. فقد تم اتخاذ عدة إجراءات منها تحديد 63 نقطة تعد من المناطق الأكثر تلوثا على مصرف كوتشنر لتنفيذ مشروع للحد من مصادر التلوث الواردة إلى مياهه ويجرى حاليا تنفيذ مشروع مصرى يابانى لتحسين نوعية مياه المصرف بتمويل يصل إلى 3.5 مليون جنيه كمرحلة أولى، والجدير بالذكر أن تحسين نوعية المياه بمصرف كوتشنر سيؤدى إلى تحسين البيئة خاصة أنه يخدم زماما مساحته 457 ألف فدان بمحافظتى الغربية وكفر الشيخ. أما بحيرة المنزلة فقد أصابها تدهور شديد فى نوعية المياه أدى إلى هجرة الأسماك وانقطاع سبل الرزق عن آلاف الصيادين، وهو ما دعا الحكومة إلى البدء فى أعمال حماية وتكريك بوغازى أشتوم الجميل لتنمية بحيرة المنزلة (مرحلة أولى): وتبلغ التكلفة الإجمالية لهذه العملية 55 مليون جنيه، وبلغ ما تم تنفيذه من شهر يونيه 2014 حتى تاريخه حوالى (5) ملايين جنيه. وتم البدء فى أعمال التطهير داخل البحيرة وتكريك بوغاز الديبة بتكلفة تقارب 260 مليون جنيه تنفذ على عامين.
الملمح الخامس فى إدارة ملف المياه هو البناء على ما أقيم من مشروعات والاستفادة من أى استثمارات يتم إنفاقها، وبالتالى تم الاتجاه إلى إحياء مشروع توشكا بعد أن طاله النسيان، فتوشكى هو مشروع قومى لمصر كلها وغير مرتبط بشخص أو عهد أو نظام حكم. تم إحياء المشروع بعد توقف دام أكثر من 5 سنوات والذى كان قد تم تنفيذ 97% منها، وجارٍ عمل البنية الأساسية للترعة المغذية لـ 17 ألف فدان والمخصصة لشباب الخريجين بمنطقة توشكى بتكلفة إجمالية 137 مليون جنيه بخلاف تكلفة إنشاء محطة الرفع بتكلفة تقديرية حوالى 50 مليون جنيه، وجارٍ أعمال تبطين فرع (2) بمنطقة توشكى واستكمال أعمال السحارة وأعمال أخرى بتكلفة 70 مليون جنيه فى مجال محطات الرفع. كما تم إنشاء محطة طلمبات العياط، محطة طلمبات الثورة (1) الجديدة، وإعادة تشغيل ثلاث محطات فرع 3 بتوشكى لخدمة 100 ألف فدان، وتم وضع حجر الأساس لمحطة طلمبات البطس، لمحطات ترعة البشوات. كما أن مشروع قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية، والذى يهدف إلى تحسين الرى فى 5 محافظات بتكلفة حوالى 4 مليارات جنيه، وقد تجاوزت نسبة التنفيذ بالمشروع حتى الآن 64%. ويجرى حالياً تنفيذ سحارة سرابيوم أسفل قناة السويس الجديدة بتكلفة حوالى 181 مليون جنيه. لإمرار التصرفات المائية المطلوبة لزمام 100 ألف فدان على ترعة سيناء الشرق فى نطاق شرق البحيرات وشرق السويس.
كما شهد الملف الخارجى والتعاون مع دول حوض النيل نشاطا ملحوظا، فقد تم استثمار مبلغ يقارب الـ 12 مليون دولار خلال العام الماضى فقط فى مشروعات حفر آبار مياه شرب وإنشاء مراسٍ ورفع قدرات من خلال مجموعة من البروتوكولات الثنائية مع دول الحوض. وهو رقم يقارب الـ20% مما تم استثماره فى دول حوض النيل منذ عام 1999.
أخيرا وليس آخرا فإن سيادة القانون والعدالة بين المنتفعين تظل ملمحا هاما فى إدارة ملف المياه، فقد تم تطبيق غرامات الأرز المخالف للمرة الأولى منذ أكثر من عشرين عاما، حيث كانت التدخلات والمواءمات السياسية تفسد إدارة المياه المحدودة من خلال الإعفاء المستمر للمخالفين. صحيح أن السيد الرئيس قد قرر تطبيق نصف قيمة المخالفة فقط، لكنها خطوة واسعة نحو إدارة أفضل للموارد المائية المصرية. كما تجرى الآن ملاحقة مشاتل الأرز المخالفة والتخلص منها فى مهدها لتحقيق موسم أرز بدون مخالفات لتوفير المياه لباقى المحاصيل الأخرى وبالتالى موسم زراعى ناجح. ويجرى حاليا للمرة الأولى فى تاريخ وزارة الرى تنفيذ مشروع جديد لتحويل الرى بالغمر إلى الرى بالرش والتنقيط، من خلال تشجيع المزارعين على الاشتراك فى هذا المشروع من خلال سداد التكاليف على أقساط.
حفظ الله مصر وشعبها ونيلها من كل سوء
وزير الموارد المائية والرى