المفاجأة القادمة.. «أوباما» يُلقى خطاباً فى جامعة طهران

أحمد المسلمانى الإثنين 08-06-2015 21:10

كان «الإخوان المسلمون» يجلسون فى الصفّ الأخير، وكانت حكومة نظيف تجلس فى الصفّ الأول.. حين كان أوباما يُلقى خطابه فى جامعة القاهرة.

وصلتُ إلى الجامعة فى ذلك الخطاب قبل الموعد بساعتيْن، لستُ غريباً بالطبع على المكان.. فقد تخرجتُ فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، ولطالما حضرتُ احتفالاتٍ وفعاليات فى تلك القاعة الأسطورية.. التى تلخّص عظمة التاريخ الجامعى فى مصر.

(1) كنتُ واحداً من المتفائلين بالرئيس أوباما فى ذلك الوقت، وكانت الصحف تتحدث عن أصله المسلم، وعن عمّه المسلم «سيّد أوباما» وعن عمّته المسلمة الحاجة «سيّدة أوباما»، وعن جدته التى تعتزم أداء مناسك العمرة فى مكة المكرمة.

وقد جاء خطاب أوباما فى جامعة القاهرة وثيقةً مهمة فى التسامح وأدب الحوار، كما جاء يحمل تقديراً للإسلام واحتراماً للمسلمين.. وقد سعدنا جميعاً حين بدأ خطابه بقوله: «السلام عليكم».

(2) إننى أتساءل اليوم بعد سنوات من تحيّة الرئيس أوباما «السلام عليكم»: هل كان الرئيس الأمريكى المسلم الأصل صادقاً فى التحية، وساعياً إلى السلام؟

يدخلُ «تحليل النوايا» فى دائرة الظنون واللايقين، لكن «تحليل النتائج» يقطعُ يقيناً بأن الرئيس أوباما سلك طريقاً آخر. قال: «السلام عليكم».. ثم قرر: «الحرب عليكم».

فى عهد «صاحب السلام عليكم» سقطت أربع دول عربية ونشأت خريطة جديدة للدم.. وفى عهده أيضاً.. أصبح هناك ثمانية ملايين جائع عراقى فى بلدٍ كان بمقدوره أن يُطعم العالم.. وعشرة ملايين نازح سورى فى بلدٍ كان آمناً مطمئناً!

كأنَّ أوباما كان يقول «السلام علينا» لا «السلام عليكم».. حيث يرفُل الغرب فى الرخاء والاستقرار.. ويتعثّر العرب فى الجثث والحرائق.. حتى باتَ الوطن بحجم الكفن!

(3) لم يكن أوباما صادقاً.. فقد تحدث عن التسامح، ومدّ يده للتطرف. ألقى كلماتٍ عن الحضارة.. وأفسح الطريق للبدائية.

فى عهد أوباما تأسس «داعش»، وقال السيناتور جون ماكين إن ثلاثة أرباع طائرات التحالف تقلع وتعود دون ضرب داعش!

وفى عهده أيضاً تمددت «بوكوحرام».. ورفضت واشنطن وضعها على لائحة الإرهاب حتى زادت ضغوط الحركات النسائية بعد اختطاف التلميذات.

وفى عهده أيضاً.. نشأت «حركة أنصار الشريعة» لتمثل الطبعة الجديدة من القاعدة.. ولتبدأ حرب داعش والقاعدة، وليدور القتال بين المجاهدين القدامى والمجاهدين الجدد.

وفى عهده.. تمدّد البرنامج النووى الإيرانى، وتمدد النفوذ الإيرانى لتبدأ رحلة إرهاق السعودية بين داعش شمالاً والحوثيين جنوباً.

فى عهد أوباما.. تحولت بعض مدن ليبيا إلى قندهار جديدة، وهبطت الأسلحة من حلفاء واشنطن فى أنقرة والدوحة على مخازن المتطرفين.. بلا انقطاع.وفى عهده.. تأسس داعش أفغانستان، وتفاوضت واشنطن مع طالبان.. ثم تركت البلاد تواجه مصيرها وحدها.. بعد مائة ألف قتيل ومائة ألف جريح!

(4) هل أصبحت الأمور خارج زمام السيطرة حقاً؟.. لا أعتقد، والأرجح عند كل العقلاء أن حركات الإسلام السياسى هى جزء من السياسة الأمريكية.

وبالنظر إلى حجم الضحايا من المسلمين وحجم الدمار الذى لحق بالدول الإسلامية.. ثم عملية الإجهاز على شواهد الحضارة العربية دون أى خطر حقيقى على الغرب، فقد بات مستقراً فى العقل العربى.. أن حركات الإسلام السياسى الموالية لواشنطن هى طلائع الاستعمار الجديد.

(5) بعد تحية الرئيس أوباما «السلام عليكم»، كانت دوائر القرار فى واشنطن تتحدث عن الحرب المذهبية التى لابد منها فى العالم الإسلامى، وأن الحداثة التى تولدت فى الغرب بعد الحروب الدينية، لا يمكنها أن تتولد فى الشرق الأوسط إلا بعد حروب دينية مماثلة.

ومثلما كانت حرب الثلاثين عاماً بين الكاثوليك والبروتستانت فى أوروبا.. يجب أن تبدأ حرب كبرى جديدة بين السنة والشيعة تكون أساساً لانطلاق عصر حداثة جديد!

ولقد شهد عهد الرئيس أوباما انطلاق مقدمات تلك الحرب.. فى سوريا والعراق وفى اليمن ولبنان. ويدعم الغرب بوضوحٍ وثبات عمليات التشييع فى العالم الإسلامى، تحت حجة أن الإرهاب كله سُنى، ولا يوجد إرهاب شيعى.. وأن دعم التشيّع ضد التسنّن هو دعم للتسامح فى مواجهة الإرهاب.

(6)لقد كان التعاون الأمريكى الإيرانى حاضراً منذ ثورة الخمينى، ولم ينقطع فى أى وقت.. وقد جاء الاتفاق الأمريكى- الإيرانى بشأن البرنامج النووى ليُخرج إلى العلن ما كان قائماً فى جُنح الظلام.

وتقديرى أن الرئيس أوباما لن يقف عند ذلك، بل سيذهب إلى أكثر.. وربما يزور إيران.

والأرجح- فى اعتقادى- أنه قد يزور إيران فى نفس توقيت انعقاد القمة الخليجية الأمريكية الثانية التى ستكون فى الشرق الأوسط.

وربما نرى أوباما فى نهاية العام أو عام 2016 وهو يُلقى خطاباً فى جامعة طهران.. كما ألقى خطاباً فى جامعة القاهرة.. وقتها سيقول أوباما للحضور «السلام عليكم».. لكن أحداً لن يصدِّق هذه المرة.. وسوف يترجم المسلمون «تحية أوباما» هذه المرة: «السلام على الولايات المتحدة الأمريكية» وحدها!

حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر.