الانتخابات التركية تطيح بأحلام «السلطان أردوغان» في الهيمنة.. (تقرير)

كتب: أ.ف.ب الإثنين 08-06-2015 10:54

بعد 13 عاما بقي خلالها سيد تركيا بلا منازع، تلقى الرئيس الإسلامي المحافظ، رجب طيب أردوغان في الانتخابات التشريعية، الأحد، أول نكسة سياسية كبيرة أسقطت أحلامه بالهيمنة على البلاد.

ويبقى أردوغان (61 عاما) بعد الانتخابات، وبفارق كبير، الزعيم السياسي الأكثر شعبية وهيبة في بلاده منذ مصطفى أتاتورك، مؤسس الجمهورية الأسطوري، غير أن خططه لإعادة إحياء «رئاسة قوية» على صورة عهد سلفه القديم أُحبطت لفترة طويلة.

ومنذ انتخابه في أغسطس الماضي، والرئيس الجديد يعمل على استعادة مقاليد السلطة من خلفه رئيس الوزراء، أحمد داوود أوغلو، داعياً إلى إصلاح دستوري يعزز صلاحيات الرئاسة.

وقال المحلل السياسي والأستاذ الجامعي، سيف الدين غورسيل، مساء الأحد، لقناة «سي إن إن تركيا»: «الناخبون الأتراك أعلنوا له بشكل واضح أنهم غير موافقين على الانتقال إلى نظام رئاسي».

وأردوغان، الذي وصل إلى رئاسة الحكومة، في 2003، على أنقاض أزمة مالية خطيرة، يعتبر برأي أنصاره صانع المعجزة الاقتصادية التركية، ورجل الإصلاحات التي حررت الغالبية الدينية والمحافظة في هذا البلد من سيطرة النخبة العلمانية ومن تدخلات الجيش في الحياة السياسية، لكنه أصبح أيضا منذ سنتين السياسي الذي يواجه أكبر قدر من الانتقادات في تركيا، حيث تؤخذ عليه نزعته إلى التسلط ويُتهم بالسعي لـ«أسلمة النظام».

والقصر الضخم وفائق الفخامة الذي انتقل إليه أردوغان، في الخريف الماضي، وبلغت كلفته حوالى 500 مليون دولار أصبح رمزا لـ«جنون العظمة»، الذي ينعته به منتقدوه ولـ«الفساد» الذي يأخذونه عليه.

غير أن أردوغان، الذي كان والده ضابطا في خفر السواحل، يسلط الضوء دائما على أصوله المتواضعة.
نشأ أردوغان في حي شعبي في اسطنبول، وتلقى تعليمه في ثانوية دينية، وعمل بائعا، كما حلم في وقت ما بأن يصبح لاعب كرة قدم، قبل أن يخوض غمار السياسة ضمن التيار الإسلامي.

وانتخب عمدة لبلدية اسطنبول، في 1994، ثم قاد حزبه، حزب «العدالة والتنمية»، إلى الفوز بالانتخابات التشريعية في 2002، وتولى منصب رئيس الوزراء بعد ذلك بعام بُعيد العفو عنه من حكم بالسجن بسبب إلقائه نشيدا دينيا في مكان عام.

ولسنوات راكم النموذج الديمقراطي المحافظ، الذي اعتمده أردوغان، والذي يزاوج بين الرأسمالية الليبرالية والإسلام المعتدل، النجاحات مدعوما بنسب نمو «شبيهة بالنمو الصيني» لاقتصاد البلاد، ورغبته في الانضمام للاتحاد الأوروبي.

وبعد أن أعيد انتخابه في 2007 و2011 مع نحو 50 بالمائة من الأصوات، بدأ أردوغان يحلم بتولي الرئاسة وبالبقاء على رأس البلاد حتى 2023 للاحتفال بمئوية الجمهورية التركية.

لكن هذا السيناريو شهد تعقيدات في يونيو 2013، فقد نزل على مدى ثلاثة أسابيع أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون من الأتراك إلى الشارع ليحتجوا على سياسته التي تنحو أكثر فأكثر منحى «إسلامياً».

لكن أردوغان الواثق من نفسه ومن شعبيته، والذي يصفه مريدوه وخصومه بـ«السلطان» الجديد، لم يتزعزع، بالعكس رد مستخدماً استراتيجيته المفضلة التي تقوم على تصويره كـ«رجل الشعب» ضحية «مؤامرة» النخب.

ورد بقمع شديد استهدف «الناهبين» و«الإرهابيين» المحتجين عليه، لكن رصيده الديمقراطي تعرض لنكسة جدية، ولايزال أردوغان متمسكا منذ ذلك الحين بخطابه الشديد والاستفزازي وشن هجمات كلامية عنيفة على خصومه خلال الحملة الانتخابية.

وهو يركز هجماته على المعارضة وحليفه السابق الإمام، فتح الله جولن، وكذلك وسائل الإعلام الأجنبية، مثل صحيفة «نيويورك تايمز» وهيئة الإذاعة البريطانية، «بي. بي. سي»، الذين يتهمهم بأنهم «أعداء تركيا الجديدة»، ما يزيد من مخاوف منتقديه.