أسلحة برشلونة المتعددة.. وسلاح يوفنتوس الوحيد (تحليل المباراة)

كتب: محمد المصري الأحد 07-06-2015 14:20

كما كان متوقعاً، حقق برشلونة لقبه الخامس لدوري أبطال أوروبا، بعد أن فاز في رحلته على بطل إنجلترا.. ثم بطل فرنسا.. فبطل ألمانيا.. وأخيراً بطل إيطاليا.

مباراة كبيرة جداً من يوفنتوس، خصوصاً في شوطها الثاني، ولكن في النهاية كان الانتصار للفوارق الفنية الواضحة بين الفريقين.


الشوط الأول:

(1) بدأت المباراة بأسوأ سيناريو ممكن بالنسبة ليوفنتوس.
الفريق الإيطالي دخل المباراة بنية تقفيل المساحات في نصف ملعبه، بتشكيل 4-4-2، 8 لاعبين متواجدين دائماً في الحالة الدفاعية، مع وجود «تيفيز» و«موراتا» على حدود منتصف الملعب انتظاراً لفرصة خلق هجمة مرتدة، واعتماداً على الاندفاع والقدرة البدنية المذهلة لـ «فيدال».. «بوجبا».. «ماركيزيو»، إلى جانب التمريرات الطولية من أندريا بيرلو.

كل شيء مثالي نظرياً، ولكن هدفًا في الدقيقة الثالثة يهز كل شيء!

هدف برشلونة لم يأتِ لتقاعس أو خطأ محدد للاعب واحد في يوفنتوس، السبب الرئيسي هو أن الفريق الإسباني خارق هجومياً فعلاً!

نتخيل معاً: هناك ثلاثي الـ«إم.إس.إن» في المقدمة، راكيتيتش وإينيستا يدخلان منطقة الجزاء أحياناً بقدرات هجومية قوية، خوردي ألبا وداني ألفيش من على الطرفين وبقدرة على التصويب وخلق حلول غير معتادة. برشلونة لديه 7 لاعبين في الحالة الهجومية يمكنهم صنع الفارق!

(2) الهدف الأول كان مثالياً لتوضيح كم الحلول التي يمتلكها برشلونة، وأن إيقافه يتطلب إيقاف 7 لاعبين فعلاً، كرة طولية من «ميسي» ينقل بها الملعب تماماً.. يستلمها «ألبا» ويمررها لـ«نيمار» قبل أن يتحرك للتمركز، «نيمار» لـ«إينيستا» والأخير لـ«راكيتيتش» ثم هدف، 5 لاعبين وفي ثوانٍ معدودة، لم تكن المشكلة في يوفنتوس.. برشلونة هو الخارق هجومياً.

(3) في لقطة الهدف، عاب بعض المحللين على تمركز «بيرلو»، وأنه ترك المساحة لـ«إينيستا» كي يدخل المنطقة، في الحقيقة أن «بيرلو» تحرك بشكل سليم لمراقبة «ميسي» على حدود المنطقة كي يستلم ويصوب، مهمة رقابة «إينيستا» كانت لـ«فيدال»، ولكن بشكل عام مع تناقل للكرة بتلك السرعة والديناميكية.. فمرة أخرى الهدف جاء بمجهود جماعي عظيم لفريق متعدد الحلول الهجومية أكثر من كونه استغلالاً لخطأ.

(4) يوفنتوس تأثر كثيراً بالهدف المباغت، ولمدة تلت ساعة تقريباً غاب عن برلين تماماً، وباستثناء «بيرلو» لم يكن أي من اللاعبين قادراً حتى على الخروج بالكرة من نصف ملعبه. من الجيد أن تلك الفترة لم تنتج هدفاً ثانياً لبرشلونة، والفضل في ذلك للحارس العظيم جانلويجي بوفون.

(5) سلاح لويس إنريكي الأهم في المباراة كان «نيمار دا جونيور» وليس ليونيل ميسي.
الجملة الأساسية التي لعبها برشلونة هي استلام «ميسي» للكرة ناحية اليمين مع (سحب) يوفنتوس لهذا الجانب، ثم تغيير الملعب تماماً للناحية الأخرى، جاء منها هدفاً.. كادت أن تسفر عن ضربة جزاء.. خلقت فرصاً خطيرة من ضمنها لقطة لـ«نيمار» أمام «بوفون» مباشرةً في الدقيقة 12. واللاعب البرازيلي كان بقدر الحدث، وقدم مباراة رائعة فعلاً.


(6) بوفون هو بطل يوفنتوس كما كان دائماً، خصوصاً في تلك الفترة التي كان الفريق فيها مترنحاً، يكفي تصديته الإعجازية لتصويبة داني ألفيش- أحد الحلول المتعددة!- كانت المباراة لتنتهي مبكراً جداً لولا وجوده.


(7) بعد تلت ساعة، عاد يوفنتوس للمباراة أخيراً، ظل برشلونة خطيراً، وهذا منطقي، ولكن صار لبطل إيطاليا تواجد أكبر.

«بيرلو» كان عاملا مهما في ذلك، في ظل عصبية «بوجبا» و«فيدال» الشديدة، وعدم قدرة أي لاعب من اليوفي على تمرير الكرة حتى، كان «بيرلو» فارقاً رغم البطء الذي يعيب أداءه أحياناً، ولكنه الوحيد فعلاً الذي يقف على الكرة لينقلها إلى مناطق (يتنفس) فيها الفريق.

المشكلة هنا أن يوفنتوس امتلك (سلاحاً وحيداً) ضد برشلونة، وهو التصويب من خارج المنطقة، من «ماركيزيو» أو «فيدال» أو «تيفيز» أو «بوجبا» أو «بيرلو» نفسه، ولكن التصويبات كلها، على مدار المباراة، ورغم وجود بعضها في مناطق خطيرة، كانت إما خارج المرمى تماماً، أو في مكان وقوف «تير شتيجن»، توتر وقلة تركيز مع فرص ثمينة للغاية.


(الشوط الثاني):

(1) الشوط يفتتح بصدة أخرى كبيرة من الكبير دائماً.


(2) غير برشلونة (الجملة) التي يلعبها في الشوط الأول بعد أن فطن إليها يوفنتوس تماماً، ميسي انتقل إلى منتصف الملعب أكثر وليس الطرف.

ولكن الشيء الأهم أن يوفنتوس كان أفضل هذا الشوط بكثير جداً من الشوط الأول، على صعيد التمركز والضغف والتعامل مع امتلاك الكرة، «فيدال» و«بوجبا» صاروا أهدأ وأثر هذا على أدائهم الفني أيضاً، «ماركيزيو» لاعب مهم كما هو دائماً، «تيفيز» و«موراتا» ظهرا أكثر نتيجة بعد غياب وأداء ضعيف في الشوط الأول.

(3) هدف يوفنتوس يظهر فيه كل مميزات الفريق هذا الشوط، الضغط العالي (ليشتستيينير) حركة أسرع وخلق حلول نتيجة للتمركز الجيد في الوسط (ماركيزيو) قوة بدنية واستلام قوي (تيفيز) تمركز ذكي للغاية (موراتا).

يوفنتوس ربما أفضل فريق في البطولة من ناحية استغلال الفرص التي تأتي له أمام المرمى، ومن أول فرصة حقيقية تقريباً- بعيداً عن التصويبات- سجل فعلاً، وعروق جانلويجي بوفون النافرة تظهر من جديد.


(4) بعد الهدف، ولمدة ربع ساعة، كان يوفنتوس أقرب لبطولة أوروبا. لعب بشخصية فريق كبير بالفعل، وصدق لاعبوه –لأول مرة في اللقاء- إمكانية الفوز بالبطولة.

المشكلة الحقيقية –من جديد- أن سلاحه الأهم في التصويب عن بعد لم يستغل، لذلك تأتي الكرة لتيفيز وحيداً على حدود المنطقة فيلعبها في السماء.

(5) ظهر «ميسي» كـ«ميسي» في لقطة واحدة فقط طوال المباراة، ولكنها كانت كافية في الفوز بالبطولة. استلامة عادية من منتصف الملعب خلق منها تصويبة قوية ارتدت لـ«سواريز»- في ظل بطء التغطية من «إيفرا»- ليسجل الهدف الثاني.

(6) بعد الهدف ظهرت واحدة من مميزات «إنريكي» الكبرى في موسمه الكبير وغير المتوقع مع برشلونة.. وهو ارتقاؤه بالمستوى الدفاعي للاعبيه فردياً وجماعياً، يوفنتوس لم يستطع خلق أي فرصة حقيقية بعد الهدف، لأن خصمه قتل المباراة تماماً، صار الوضع هو 7 لاعبين يدافعون، و3 يمكنهم صنع الفارق في أي هجمة مرتدة بالمقدمة.

(7) «بوفون» يستحق بطولة أوروبا في سجله، و«بيرلو» يستحق أن تنتهي مسيرته ببطولة كبرى.
ولكن (فريق) برشلونة يستحق فعلاً التتويج بدوري أبطال أوروبا بعد بطولة كبيرة للغاية.