من لواء فى 2010م إلى طبيب ودكتور فى 2015م، فصلٌ من حياة رجل، وصفحةٌ من تاريخ أمة.
رقم واحد: عرفناه- أول مرّة- بعد قيام الثورة، كان أصغر الأعضاء سنّاً فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، كان يحملُ لقب «لواء»، حصل عليه من الرئيس محمد حسنى مبارك.
رقم اثنين: ثم عرفناه- على نطاق أوسع- بعد فوز الإخوان بالرئاسة، حيث شغل منصب وزير الدفاع، وبهذه القفزة حمل لقب «فريق أول»، وقد حصل عليه من الرئيس الدكتور محمد مرسى.
رقم ثلاثة: ثم أحببناه وأيدناه، مع نجاح ثورة 30 يونيو فى إسقاط الإخوان، حيثُ ملأ القلوب فى هذه اللحظة الاستثنائية، وبهذه القفزة حصل على لقب مُشير، وقد حصل عليه من الرئيس المستشار عدلى منصور.
رقم أربعة: ثم اخترناه لرئاسة الجمهورية فى انتخابات لم تكن فيها بدائل عنه، حيثُ فاز بما يشبه الإجماع والتزكية، وبهذه القفزة حصل على لقب رئيس جمهورية مصر العربية، وقد حصل عليه ممن أدلوا بأصواتهم من الشعب المصرى.
ويا سُبحان الله، لم أكُن مُستريحاً لزيارة ألمانيا، وكُنتُ قد اقترحتُ هُنا النظر فى إمكانية تأجيلها لوقت يكون أفضل بالنسبة لنا، ولكن الأقدار خيبت ظنونى، وانتصر الرأى الذى قبل التحدى وتحرك بإقدام دون خوف ولا رهبة.
رقم خمسة: وفى ألمانيا، عرفناه طبيباً، هكذا خلقه الله، يشخص الداء، ثم يصف العلاج، فقد نشرت «المصرى اليوم» فى صفحتها الخامسة، فى عددها الصادر صباح الجمعة المباركة هذا العنوان على مساحة ستة أعمدة فى رأس الصفحة «السيسى: الله خلقنى طبيباً يعرف الداء ويصف العلاج». وفى البداية قالت «المصرى اليوم» إن هذا التصريح جاء خلال اللقاء مع الجاليات المصرية فى برلين، وإن اللقاء بدأ بالوقوف حداداً على أرواح ثلاثة مصريين لقوا مصرعهم وهم فى الطريق للاحتفال بالرئيس. ثم قالت الصحيفة: «وتحدث عن نفسه قائلاً إن الله خلقه طبيباً يعرف كيف يصف الداء وكيف يتم علاجه». انتهى الاقتباس من المصريين.
رقم ستة: وفى المجر، اكتملت الفرحة، رأيناه دكتوراً، فقد حصل على الدكتوراه الفخرية، من جامعة مجرية تأسست فى يناير 2012م، وهذه هى المرة الثالثة التى تحصل فيها شخصية عربية على الدكتوراه الفخرية من هذه الجامعة، فقد حصل عليها رجل الأعمال السعودى الأمير الوليد بن طلال، ثم حصل عليها وزير خارجية الكويت السابق الشيخ محمد صباح السالم الصباح، هذه الجامعة تضم ثلاث كليات، وتفكر فى تأسيس كلية رابعة، وبها العديد من مراكز الأبحاث، وهذه الكليات ليست للمرحلة الجامعية، ولكن للمرحلة ما بعد الجامعية، أى الدراسات العليا من ماجستير ودكتوراه، وكليات الجامعة هى:
أولاً: كلية العلوم العسكرية وتدريب الضباط، وكان اسمها قبل ذلك جامعة الدفاع الوطنى. ثانياً: كلية تعزيز القانون، وكان اسمها قبل ذلك كلية البوليس. ثالثاً: كلية الإدارة العامة. رابعاً: كلية جديدة تحت التأسيس اسمها كلية الدراسات الأوروبية والدولية. وبها ثلاثة مراكز أبحاث: مركز التدريب والتنمية المستدامة، مركز إدارة الأزمات، مركز الأمن القومى.
هذه خلاصة رحلة استثنائية، لرجل استثنائى، من النوع القيادى الذى لا يتكرر كثيراً، ففى ست سنوات فقط 2010م- 2015م، نقف أمام هذه المحطات المتوالية فى سرعة البرق: لواء، فريق أول، مشير، رئيس، طبيب، دكتوراه فخرية.
كل ما سبق حقائق من حقائق التاريخ الثابتة والصلبة، وقد أثبتناها هُنا من باب الـتأريخ فقط.
ولكن السؤال: ما حقوق المريض على الطبيب؟! هل من حق المريض أن يعترض على تشخيص الطبيب؟! هل من حق المريض أن يعترض على العلاج الموصوف من الطبيب؟! هل من حق المريض أن يُبدى رأيه تعقيباً على كلام الطبيب؟!.
ثم السؤال الأخطر: هل الطب علمٌ يُكتسب بالكد والاجتهاد، أم هو منحة ربانية نولد بها من أرحام الأمهات؟! وهل تلزم الشهادة لممارسة الطب، أم هل يجوز الانتحال لمهنة هى من أخطر المهن؟!
آخر الكلام: يؤلُمنى أن أقول- والله على ما أقول وكيل- الطبيب مخطئ فى التشخيص، ومخطئ فى العلاج، فهل يجوز لى أن أقول مثل هذا الكلام...؟!
وفى بلدنا مثل شعبى: كل إنسان طبيب نفسه، هو أدرى بوجعه، وهو أدرى براحته، ويقينى أن هذا ينطبق- تماماً- على هذا الشعب العظيم.
إذا كان من حق الطبيب أن يفاخر بنفسه ويتكلم، فمن حق المريض أن يشكو وأن يتألم.