عزيزى نيوتن.. الشيعة قادمون

نيوتن الجمعة 05-06-2015 21:05

عزيزى نيوتن

تحية طيبة وبعد

بمناسبة حديثك عن إيران، أقول إن علاقتنا بها مازالت لوغاريتمًا سياسيًا من لوغاريتمات الخارجية المصرية، عزّ علىّ فهمه. لقد كانت دعوانا إبان حكم مبارك لرفض التقارب مع إيران هى تمثال أو شارع خالد الإسلامبولى فى طهران. فلما رحل مبارك وأصبح رفاق الإسلامبولى أعضاءً فى البرلمان المصرى والمشهد السياسى والحزبى، ونجومًا فى الصحافة والإعلام، ثم صعود الإخوان للحكم، دحضت حجة التمثال، لكن حلت محلها دعوى أشد فتكًا لوأد أى تقارب مصرى إيرانى، ألا وهى منع تشيّع مصر!!.

فقد سمعنا أجراس الإنذار يدقها البعض تحذيرًا مما يسمونه المد الشيعى الإيرانى فى مصر، والتخويف من إقامة الحسينيات الشيعية فى مختلف المحافظات فى حال عودة العلاقات، وحذرت وزارة الأوقاف الأئمة والدعاة من السفر لإيران، حتى لا تستخدمهم لإثارة فتنة طائفية فى مصر!. واختزل البعض العلاقات المصرية الإيرانية إلى رأس جسر تبغيه إيران لتشييع المصريين، رغم أن مصر هى بلد الأزهر، الذى وقف متفرجًا بدوره إن لم يكن مؤيدًا لدعوى منع التشيع، فأحجمت الدولة المصرية عن أى خطوة إيجابية نحو هذه الدولة الإقليمية القوية التى ليس بينها وبين مصر أى عداء استراتيجى، وأمسى الصراع السنى الشيعى حجة للإبقاء على شقة الصدع عميقة وهوة الخلاف سحيقة بين أكبر دولتين فى المنطقة.

لقد سمعت يومًا أن تركيا يزورها مليونا سائح إيرانى كل عام، فهل تشيعت، أم انتشرت فيها الحسينيات، ومشى الإيرانيون فى شوارعها يهتفون واحسيناه!، وهل يليق بدولة فى حجم مصر أن تتجاهل دولة فى حجم إيران، لأن هناك من تراوده هلاوس دينية طائفية أو إرضاءً لبعض دول المنطقة. لقد أفتى الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت بجواز التعبد على المذهب الشيعى، ولا يجوز اليوم أن تقعد دولة كبرى مثل مصر عن مسؤوليتها فى جمع شمل العالم الإسلامى والمسلمين، فى وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى وحدة الصف، وهى صلب دعوة الإسلام، «إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون»، (الأنبياء ٩٢)، تخوفًا من صغائر الأمور ونوافلها، فلا يستفيد من هذا التشرذم إلا أعداء الإسلام، وأولئك الذين يريدون أن تستمر وصايتهم على سياسة مصر الخارجية.

د يحيى نور الدين طراف