أحزان السينما فى يوم الأرشيف العالمى

سمير فريد الجمعة 05-06-2015 21:05

اليوم هو اليوم العالمى للأرشيف كما قررته هيئة الأمم المتحدة، وقد كان من الأفضل أن يتم فى هذا اليوم افتتاح المبنى الجديد لدار الوثائق المصرية، الذى تبرع بتكاليف إنشائه الدكتور سلطان القاسمى، حاكم إمارة الشارقة فى دولة الإمارات، ورجل المسرح والأدب والفكر الذى تخرج فى جامعة القاهرة، وأصبح بمبادراته فى بلاده وفى مصر وكل العالمين العربى والإسلامى، من النماذج الرفيعة للمثقف فى هذين العالمين.

كل ما يميز الإنسان عن المخلوقات الأخرى أنه مخلوق له تاريخ، والأرشيف أهم ما يدل على التاريخ، وهو ليس الوثائق المطبوعة فقط، وإنما أيضاً المتاحف، وما المتحف إلا أرشيف لحفظ اللوحات والتماثيل، وما دار الكتب إلا أرشيف لحفظ الكتب، وفى مختار الصحاح كلمة عضوض، وشرحها من عضة الكلب، ويقال حكم عضوض، أى الحكم الذى يهمل الماضى.

ومن المعروف أن من بين المشاكل الثقافية الكبرى فى مصر، بالمعنى العلمى الصحيح للثقافة، والذى لا يعنى «النشاط» فى مجالات الفنون كما هو شائع، عدم وجود أرشيف للسينما المصرية، أو سينماتيك حسب المصطلح الفرنسى، ومرة أخرى بالمعنى العلمى الصحيح لأرشيف السينما، وفى المركز القومى للسينما فى وزارة الثقافة أرشيف للسينما المصرية، ولكنه مع الأسف مجرد مخزن ردىء، وليس أرشيفاً من حيث المبنى ولا من حيث المعنى، وفى القاهرة منذ سنوات مؤسسة مدنية من مؤسسات السينمائيين الشباب سماها أصحابها «سيماتيك»، وهى كلمة توحى بأنها سينماتيك، ولكنها بالطبع ليست السينماتيك المصرى، وكان الشائع، خاصة عند العامة فى مصر، أن تسمى السينما «سيما»، ولكن أجيالاً من صناع ونقاد السينما عملت على تغيير صورة السينما فى المجتمع ولدى الدولة وإدراك أنها ليست لهواً فارغاً، وإنما من أشكال التعبير عن الثقافة الوطنية، ونجحت فى محو كلمة «سيما» حتى عند العامة.

غير أن هذه الأجيال، وابتداءً من الرائد فريد المزاوى «1913-1988» وحتى عبدالحميد سعيد «1935-2007»، لم تنجح فى إقناع الدولة لإنشاء سينماتيك أو أرشيف حقيقى للسينما المصرية، ولاتزال السينما الوحيدة فى العالم التى أنتجت ما يقرب من عشرة آلاف فيلم طويل وقصير، ومن دون أرشيف يجمع نسخ ووثائق هذه الأفلام.

samirmfarid@hotmail.com