العودة من برلين

هيثم دبور الجمعة 05-06-2015 21:05

«وقد خلصت لجنة تقصى الحقائق ـ بعد عقد عشر جلسات مغلقة، استمر العمل خلالها لأكثر من ‏54‏ ساعة ـ إلى افتقار مجموعة العمل للقدرة على التقويم وتقدير الموقف الذى كان من المفترض أن يتم باستمرار وبانتظام وبصدق مع النفس، وتعيب اللجنة التركيز على حملة تأييد داخلية فى‏ محافظات بتكلفة بلغت ‏400‏ ألف دولار (حوالى 3 ملايين جنيه) ليس لها أى عامل نجاح فى عملية الترويج العالمية المستهدفة‏».

الجملة الأيقونية السابقة لا تتحدث عن الوفد الشعبى التمثيلى والإعلامى المرافق للسيسى فى زيارته إلى برلين، لكنها جملة أيقونية صاغتها لجنة تقصى الحقائق المكلفة فى التحقيق فى واقعة صفر المونديال أمام مجلس الشعب قبل 11 عاما، لتلخص الحالة التى نعيشها إلى الآن بصدق شديد، دعنى أنعش ذاكرتك قليلا وأخبرك أن أحد الأسباب التى أوردها تقرير الفيفا لاستبعاد مصر من التنظيم هو عدم وجود دورات مياه عمومية من أجل المشجعين المحتملين، ودقق النظر فيما حدث مؤخرا لبلاتر وشماعة «الرشوة» التى ارتكن عليها بعض العاملين فى الوسط الرياضى والإعلامى ثم اسأل نفسك بصدق، وهل تطورت البنية التحتية بعد عقد من الزمان بإنشاء دورات مياه عمومية للشعب والزوار، حتى تنهض مصر بشكلها الحضارى أو تستطيع أن تنافس على استضافة حدث هام إذا ما أرادت فى المستقبل؟!

هذا ما سيحدث تماما بعد عودة السيسى ومن معه من زيارة ألمانيا، لن تعترف الدولة بوجود تقصير مهنى وإعلامى، ولن تشغل الدولة بالها بأن تضع خطة طويلة تستهدف فيها علاج التقصير المعلوماتى فى ألمانيا، لأن المسؤولين سيفكرون فى الأزمة مع أول زيارة قادمة، لا توجد خطة لعشرة أعوام قادمة، سيختبئ الإعلاميون داخل مجموعة من المبررات الواهية بأن التنظيم الدولى يرشو وسائل الإعلام الألمانية، وبأن الصحف الألمانية مضللة، وكأننا كدولة من المفترض أنها تمارس السياسة كانت تظن أننا نعيش فى عالم من الملائكة لا يخلو من المصالح والمغالطات، لن يشغل الإعلاميون الذين رقصوا وغنوا «تسلم الأيادى» أنفسهم بالتفكير ولو للحظة فى استراتيجية مستمرة لدق أبواب ألمانيا، لأن الزيارة خلصت والمولد انفض والريس رجع، ولن تشغل الدولة نفسها بتلك السلبية فى أدائها الإعلامى والتى كشفت عنها الزيارة بوضوح مثلما كشف تقرير الفيفا عن عدم وجود مراحيض فى مصر، سيتوارى المسؤولون مثلما توارى على الدين هلال وزير الشباب السابق وراء عبارات الرشوة والمحسوبية والتنظيم الدولى، وحين تمر السنوات سيكتشفون مثلما اكتشف هلال أن ملاذ المحصورين لايزال «تحت الكوبرى».