لا أحد يُنكر أن الفن قوة ناعمة لا يقل أهمية عن الإعلام، إذ يمكن استخدامه في التأثير على العقول، وتشكيل وجدان المواطنين، وحشد الأمة وراء هدف معين، ليس في حالة السلم فقط، بل الحرب أيضًا.
العلاقة بين الرئيس عبدالفتاح السيسي والفنانين بدأت مبكرًا منذ أن كان الرجل وزيرًا للدفاع، إذ حضر عدد كبير من نجوم الفن، الاحتفال بعيد تحرير سيناء بجامعة المستقبل، في 2013، على رأسهم الفنان أحمد بدير، والمطرب محمد فؤاد، كما دعا السيسي أيضًا عددًا من الفنانين بينهم عادل إمام، وحسين فهمي، وأحمد عز، بجانب عدد من الإعلاميين، لحضور تفتيش الحرب الذي أجراه بالفرقة التاسعة مدرعات في مايو من نفس العام.
اهتمام السيسي بالفنانين، بعكس الرئيس المعزول محمد مرسي، دفع عدد كبير من نجوم الشاشة، إلى مطالبته بالترشح للرئاسة، عقب سقوط «الإخوان» في الثالث من يوليو 2013، وعندما استجاب السيسي لضغوط قطاعات واسعة من المصريين، ترشح للرئاسة، والتقى بعدد من الفنانين أبرزهم الراحلة فاتن حمامة، وعزت العلايلي، وعادل إمام، ويوسف شعبان، وأحمد السقا، وأحمد راتب، وإلهام شاهين، وحسن يوسف، للتواصل معهم، والاستماع لرؤيتهم حول مستقبل الفن والإبداع، ودور الفنون المختلفة في النهوض بمستوى ثقافة المواطنين.
ودعا السيسي، خلال اللقاء، إلى ضرورة أن تكون هناك أفلام ومواد درامية عن التحديات التي واجهتها مصر، ولابد أن تتم كتابة التاريخ والواقع بكل دقة وعناية، حتى لا يأتي أحد ليزيف هذا التاريخ.
وجد الفنانون اهتمامًا كبيرًا من جانب السيسي، فمنحوه أصواتهم في الانتخابات التي جرت في مايو 2014، ونافس فيها مؤسس التيار الشعبي، حمدين صباحي.
وفي احتفال وزارة الداخلية بعيد الشرطة يناير 2015، وجّه الرئيس السيسي خلال كلمته رسالة إلى الفنان أحمد السقا، والفنانة يسرا قائلًا: «والله هتتحاسبوا على اللي بتعملوه».
وجاءت رسالة السيسي في معرض مطالبته للإعلام والفنانيين ببث الأمل في المجتمع، إذ قال: «محتاجين تبقى تجربتنا ثرية، بقول تاني لينا كلنا حتى للإعلام والتليفزيون والأفلام والمسلسلات مين هيتصدى لده، مين هيعمل الوعي.. يا أستاذ أحمد أنت وأستاذه يسرا والله هتتحاسبوا على ده».
ومن المقرر أن يزور الرئيس السيسي ألمانيا الأسبوع الجاري، وسط قلق وتوتر من الزيارة، بعد إعلان رئيس البرلماني في وقت سابق، رفضه لقاء السيسي، ما دعا إلى عدد من الفنانين لمرافقة الرئيس في الزايارة، في رسالة إلى العالم بأن شعبية الرئيس مازالت مرتفعة.
ومن ضمن الفنانين المشاركون في الزيارة: «يسرا، ممدوح عبدالعليم، إلهام شاهين، هالة صدقي، خالد يوسف، أحمد بدير، محمد الصاوي، داليا البحيري، عزت العلايلي، خالد سليم، هشام عباس، مدحت صالح، لقاء الخميسي، إيهاب توفيق، أيمن عزب، لبلبة، ماجد المصري، ومحمد كريم».
وقال الناقد الفني، طارق الشناوي، إن المخرج السينمائي، خالد يوسف، هو الذي نسّق زيارة الفنانين لألمانيا.
وأضاف «الشناوي»، في تصريحات لـ«المصري اليوم»، أنه لديه معلومات أن تلك المبادرة جاءت من خالد يوسف، خاصة أنه قريب من مؤسسة الرئاسة، ونسّق معها بشأن الأسماء المقرر تواجدها ضمن الوفد.
وذكر أنه يتوقع أن يكون «يوسف» لعب دورًا محوريًا في التنسيق، لكن هناك بعض الأسماء ربما تم إدراجها في القائمة من جهات أخرى، وعلى رأسهم عزت العلايلي الذي يعد من أكثر الفنانين اقترابًا من مؤسسة الرئاسة لكنه لا يملك علاقة جيدة بـ«يوسف»، على حد قوله.
وأوضح «الشناوي» أن الوفد الفني المرافق للرئيس ربما تضمن أسماء لفنانين ليسوا على مقربة من الرئاسة لكنهم يؤيدون الرئيس بشكل أو بآخر، ومن المؤكد أن تلك الأسماء حازت على موافقة من جهات كثيرة وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة.
وفيما يخص أهمية وجود وفد فني يرافق الرئيس في رحلته، قال «الشناوي» إنه لا يوجد داعٍ لذلك، وليس هناك أهمية تذكر في مرافقة الفنانين للرئيس وخاصة في الخارج، مشيرًا إلى أن الهدف من وجود وفد فني مرافق للرئيس في زيارته لألمانيا داخليًا وليس خارجيًا، إذ أراد الفنانين إعطاء صورة للداخل بأنهم يؤيدون السيسي وقراراته وزيارته لألمانيا بعدما أثيرت حولها الكثير من الأقاويل بعد حديث رئيس البرلمان الألماني عن الديمقراطية في مصر.
وأضاف: «الفنانين حبوا يقولوا للسيسي إحنا نؤيدك ونؤيد زيارتك لألمانيا بعد الحديث عن تراجع شعبية الرئيس في الفترة الأخيرة، وأتوقع أن يكون بعضهم طلب الذهاب متطوعًا، والبعض أراد أن يقول للسلطة إحنا معاكم كنوع من المزايدة».